تحقيقات وتقارير

غزة تكافئ دارفور! لا يزال الخلاف قائما حول تصعيد المحكمة الجنائية أو استسلامها.. لكن في الحالتين يجدر الانتباه إلى الرواية العبرية

[JUSTIFY]رغم نبرة التفاؤل التي سادت الخطاب الحكومي حيال قرار مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية حفظ التحقيقات في ملف دارفور والتي وصفها رئيس الجمهورية عمر البشير بعيد ساعات بأنها (استسلام) لإرادة الشعب السوداني، إلا أنها اختلطت بمخاوف من (تصعيد) القضية، يشير إليها وزير الخارجية علي كرتي، وبغض النظر عن أيهما أقرب للتحقق، الاستسلام أو التصعيد، يجدر بك الانتباه إلى رواية كتبها باللغة (العبرية) المحلل السياسي حاج حمد محمد خير الذي يرى أن قرار تجميد التحقيق بشأن دارفور يهدف إلى وضع سابقة تستفيد منها إسرائيل حال نجحت المساعي الأوروبية في نقل ملف غزة إلى محكمة لاهاي.

الجمعة الماضية وبعد انتقادات قاسية وجهتها المدعية العامة للمحكمة الجنائية، (فاتو بنسودا)، لمجلس الأمن، أعلنت حفظ التحقيقات في ملف دارفور بحجة (عدم تحرك مجلس الأمن للضغط من أجل مثول المتهمين أمام المحكمة). وبعدها بساعات وصف الرئيس البشير القرار بأنه (استسلام) لإرادة الشعب السوداني قائلا بنبرة موغلة في التحدي (لن نخضع لأحد).

وبعيد التعليق الرئاسي، أصدرت الخارجية بيانا طالبت فيه مجلس الأمن بإلغاء قراره (1593) الذي أحال بموجبه ملف دارفور إلى المحكمة، وجددت تمسكها بـ(الموقف القانوني السليم من حيث عدم انعقاد أي اختصاص للمحكمة الجنائية الدولية على السودان بحسبانه ليس طرفا في نظامها الأساسي).

وفيما لم تنس الخارجية التذكير بأن القرار (يفضح حالة اليأس التي تحاصر مكتب الادعاء بالمحكمة الجنائية من حيث عدم تجاوب المجتمع الدولي مع توجهات المحكمة الاستهدافية والانتقائية) كان آخرون يرجحون أن تترتب على الخطوة تصعيدا من مجلس الأمن.

فبالنسبة للمحلل السياسي، فيصل محمد صالح، فإن قرار (بنسودا) يهدف إلى (ضغط وإحراج مجلس الأمن لعدم تجاوبه معها ويحرض أيضا المنظمات الحقوقية على تصعيد القضية) وهو ما يؤيده فيه عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري آدم محمد أحمد، لكنهما يختلفان حول شكل المساندة التي تعول عليها الحكومة من جانب الصين وروسيا للحيلولة دون تشديد الإجراءات ضدها في مجلس الأمن الدولي مثل فرض عقوبات على السودان والدول التي تستضيف المطلوبين لدى المحكمة.

فبينما يرجح صالح أن (تتدخل الدولتان إذا كان القرار قاسيا على السودان) يستبعد أحمد هذه الخطوة بالنظر إلى (حجم مصالحهما مع السودان) لكن صالح يدافع عن رؤيته قائلا: (المصالح ليست اقتصادية فقط، هناك أيضا مصالح سياسية) قبل أن يستطرد: (مثل هذه المواقف تتخذ لإثبات الوجود، وليس شرطا وجود مصلحة اقتصادية مباشرة؛ فروسيا الآن توازن العقوبات الغربية التي كلفتها خسائر كبيرة بسبب النزاع في أوكرانيا بدور سياسي).

وثمة رسالة أخرى للدولتين من الدعم المحتمل كما يقول صالح وهي (تطمين حلفائهما الآخرين بالمنطقة، بأننا سنقف معكم أيضا)، لكن أحمد يرى أن هذا الدعم حال حدوثه (لن يكون كاملا وحتى نهاية الشوط، وسبق للبلدين أن تخاذلا عندما أحال مجلس الأمن ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية).

وبعيدا عن هذه الحيثيات، فإن المحلل السياسي حاج حمد محمد خير يفسر القرار من زاوية (مصائب قوم عند قوم فوائد). حيث يرد القرار إلى تحرك إسرائيلي، بوضع سابقة تستفيد منها تل أبيب حال نقل ملف غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ويستشهد حمد بدعوة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني الذي يصفه بأنه وكيل المخابرات الإسرائيلية في المنطقة للقادة الأفارقة قبل أيام للانسحاب من المحكمة بقرار جماعي قبل أن يؤكد أنه (رغم المساعي الأمريكية الجارية لحث الحكومات الأوروبية بعدم الالتزام بقرارات برلماناتها إلا أن احتمال نقل ملف غزة إلى المحكمة وارد بنسبة كبيرة).

ولتفسير التحركات الأوروبية يشير إلى أهمية المحكمة بالنسبة للأوروبيين باعتبارها من أدواتهم في السياسة الخارجية، ويريدون إكسابها فاعلية ومصداقية، لكنه يرجح تصعيد القضية من جديد بأدوات جديدة بعد أن يمضي وقت على تثبيت حفظ التحقيق كسابقة تستفيد منها إسرائيل.

والحال كذلك، ستنشط الخرطوم خطوطها الساخنة مع بكين وموسكو لصد إجراءات يقول صالح إنه لا يمكن التكهن بشأن إن كانت ستأخذ شكل عقوبات أم أشكالا أخرى.؟ لكنه يرجح أن يتم التوافق على قرار (مخفض) داخل مجلس الأمن ولن يكون مؤذيا لها، بالطبع، الاستفادة من تحرك إسرائيلي، ولو بشكل مؤقت تنتظر معه التصعيد الذي ستنتهي إليه القضية عاجلا أو آجلا وفقا لكل الروايات، بما فيها (العبرية

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]

تعليق واحد