رأي ومقالات
محمد الطاهر العيسابي: أهل الجزيرة الكُرماء !!
في أحد أيام شهر رمضان المبارك نقلت لنا صُحف الخرطوم اليوميّة ( أغرب ) شكوى سجلتها مضابط الشرطة في العالم ، قد لايصدقها شخص لايعيش في السودان ولايعرف أصل أهله ومعادنهم ، وقد يعتبرها البعض شيء من نسج ( الخيال ) إن كان بعيداً عن السودان ويجهل طبع أهله !
مجموعتان تقيمان إفطار رمضان ومايُعرف عند أهل السودان ( ببرش رمضان ) على قارعة الطريق السريع الذي يربط مابين العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة وادمدني وسط السودان ، تشتكي مجموعة الأخرى لأنها ( تستحوذ ) على جميع الضيوف العابرين بالطريق دون أن تترك لها ( نفر ) منهم تكرمهم !!
ــ 2 ــ
وفي أحد شهور رمضان وقبل بضع سنوات ، وبينما السيارة تطويّ بنا الأرض ونسابق الزمن للوصول إلى ( وِجهتنا ) ، نرى من على البعد قماش أبيض يقطع علينا الطريق ، وعندما إقتربنا منه ، فؤجئنا بأنها ( عمائم ) مربوطة ببعضها ، يمسك كل رجل بطرف على جانبي الطريق لإيقاف المسافرين ( للإفطار ) مشهد فريد لايحدث إلا في السودان .
هؤلاء هم أهل الجزيرة والسواد الأعظم من أهل السودان بسطاء كرماء قلوبهم بيضاء على فطرتهم وسجيّتهم ، يكرمون الضيف وهم ( يتباشرون ) فرحين به ، محشودون حوله بحفاوةٍ مرسومة في الوجوه قبل ( الصحون ) ، فهم لايحتاجون لتعريف ( مكارم أخلاقهم ) تتحدث عنهم ، وأبناؤهم المنتشرون في الأصقاع خير سفراء لهم ، إلتقيناهم في شتى دروب الحياة فصادقناهم ، وزاملناهم ، وعاشرناهم وجالسناهم فلم نجد منهم إلا خير ونخوة و مروءة وخلق رفيع .ــ 3 ــ
أهل الجزيرة تكفيهم عاصمتهم ( ود مدني السني ) منبع العلماء والمبدعين ومنبع الجمال والروائع والقامات دوحة الشعراء ورجال السياسة والفن والرياضة ، مدرسه حنتوب الصرح التاريخي العريق الذي تخرج منها زعماء السودان . ( ودمدني ) التي أنجبت عدداً من كبار المطربين الذين ذاع صيتهم عبر الأثير ، فكان أبرزهم الفنان محمد الأمين الذي يعد واحد من أعمدة فن الغناء السوداني الحديث والفنان الراحل إبراهيم الكاشف ، رائد الأغنية السودانية وعثمان حسين الذي أطرب الأسماع بأغنيات شهيرة مثل محراب النيل وغيرها ، ورمضان حسن، والخير عثمان الذي غنى ( حنتوب الجميلة ) عند الإحتفال بافتتاح مدرسة حنتوب الثانوية عام 1946 م ، وعبد العزيز المبارك ، وغيرهم من مبدعي السودان الذين أنبتتهم أرض الجزيرة المعطاءة التي ( تطرح ) الخير والجمال .
ــ 4 ــ
هؤلاء هم أهل الجزيرة ، وهذه هي حاضرتهم ، وتلك هي ( إبنتهم ) الصحافيّة ( سهير ) إبنة أم مغد ، التي لم ألتقيها إلا من خلال ( أحرفها ) البريئة الصريحة على صفحات هذه الصحيفة ، التي أحسبها لاتنشد بها إلا كل خير لأهلها الكرام الذين هم في الأساس أجدادها وأباؤها وإخوتها الذين عاشت بينهم وترعرت في كنفهم وتشربت خصالهم الطيبة فهي منهم وإليهم ، ويسؤها ما يسؤهم ، ولاتبتغي من وراء ذلك إلا خيراً ، وإن كان التعميم ( مطلوب ) ولكن يبقى الهدف أسمى ونبيل .
بقلم : محمد الطاهر العيسابي
[email]motahir222@hotmail.com[/email]
إلى لقاء ..
صحيفة السوداني