مع إنبلاج فجر الإنقاذ قبل أربع وعشرون عاماً تنفس البعض الصُعداء لذهاب ديمقراطية (ان شالها كلب ما بنقول ليهو جر)، رحم الله الشريف زين العابدين الهندي رجل الحِكم، وتخوف البعض من مجئ هؤلاء الضباط الذين استلموا مقاليد الحكم، واضحى البعض الآخر متفرجاً فلا هو مع ولا هو ضد حتى تتكشف له حقيقة الموقف، وبدأت الإجراءات الأولية بإستئصال شأفة الفساد فكان الإعدام وكان السجن والقصاص، واستمر الحال حتى ظننا اننا في عهد الصحابة الأُول، خاصة عندما تمت محاكمة أحد الإسلاميين الذي اُتهم ظلماً بالإختلاس وحوكم على أقل من عشرين مليوناً حتى برأه الله مما اتهموه، وجاء عهد آخر إنفتحت فيه شهية البعض ممن أعطوا أنفسهم صك الغفران وعاثوا في البلاد فساداً حتى أزكم الأنوف وجاءت تقارير منظمة الشفافية كأسوأ ما يمكن ان يتخيله البعض بتقدم السودان في المراتب العليا من الفساد الإداري وإنتشار الرشاوي وتصايح الجميع حول مدى مصداقية هذه المنظمة لكن كانت التقارير أوضح من شمس الظهيرة عندها لم يحر المتشدقون جواباً، لكن يكون التساؤل حول لماذا اصبحت البلاد هكذا؟ ولماذا يحاول البعض طمس الحقائق تحت دعاوى الإستهداف، لكن من المؤكد ان هناك فساد والا لما تداول الناس هذا الأمر وان اختلفت نسبته، في السابق حينما كانت الشفافية هي سيدة الموقف كان الإعتراف بهذا الأمر رغم غرابته يُسكت كل الأصوات التي يمكن ان تأول وتزيد وتزايد، الآن أضحى الحديث حول الفساد أمر عادي لايهتز له بدن بل يتم تداوله اثناء احتساء اكواب الشاي والقهوة في استراحات العمل وكأن الحديث حوله أمر عادي كبقية الأحاديث الأخرى، بل أصبح الفساد مقنناً ويجد الحماية، دعونا نتسآل بعيداً عن الغضب الشخصي الذي قد يدفع البعض للدفاع عما يظنونه إدعاء فقط محاولين إيجاد تبريرات واهية لايمكن ان يصدقها تلميذ في مدرسة الأساس، التساؤلات تقول لماذا تزداد نسبة الإختلاسات سنوياً ما هو المبرر الذي يمكن به إقناع المواطن السوداني البسيط الذي يمكن ان يتبادر الى ذهنه عدم جدية المسؤولين في محاربة مثل هذه الظواهر السالبة، ولماذا تتمنع بعض الشركات والمؤسسات عن المراجعة المالية التي توضح نسبة الإيرادات والمنصرفات وفي اي البنود صُرفت هذه الأموال، ثم لماذا تتزايد نسبة الأطفال مجهولي الأبوين في وقت تدعو فيه الدولة للعفاف وتسهيل الزواج عبر المنظمات المختلفة وعبر مشاريع إستقرار الشباب والزواج الجماعي الذي تزداد أعداد منسوبيه عاماً بعد عام دون ان يكون هناك نقص في عدد الأطفال الذين لا ذنب لهم، هذا اذا إستبعدنا الأطفال المشردين بأسباب مختلفة ليس أولها الخلافات الأسرية ولا آخرها الظروف الإقتصادية الضاغطة، الأمر الآخر عمالة الفتيات في كل شئ حتى وان لم يكن مناسباً لها بدعوى الحرية الشخصية والمساواة الندية، كل هذا أفرز سلوكيات سالبة من الصعوبة بمكان معالجتها علاجاً جذرياً او حتى إستئصالها من جذورها، وهذا بالطبع دون ان نتحدث عن الأزياء غريبة الشكل والتصاميم التي ملأت اسواق البلاد بأسعار زهيدة ترغيباً في الشراء، ولفتاً للأنظار دون مراعاة للذوق العام الذي تدنى كثيراً في الآونة الأخيرة مجاراة للموضة والعالمية، ولو دخل الغرب جحر ضب لدخلناه خلفه تأسياً دون ان يكون التأسي بتعاليم الإسلام الخالدة التي تجعل من المسلم عزيزاً وفخوراً بدينه( ان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين) صدق الله العظيم، فأين نحن من هذا ولماذا استشرى في مجتمعنا مثل هذا الفساد ولا يدعي مكابر انه لا يوجد فساد، يوجد فساد وقد تختلف درجاته، لكن ما يهمنا هو كيفية العلاج واستئصال شأفة هذا الأمر، خاصة في ظل ظهور بعض الظواهر الغريبة هذا اذا علمنا ان بعض بائعات الشاي والقهوة هن فتيات وافدات صغيرات السن معظم روادهن من الشباب الذين يكسرون الفراغ بالجلوس أمامهن دون مراعاة للتقاليد او العادات ناهيك عن الدين… كل ما سبق يندرج تحت قائمة الفساد فأين المسؤولين مما يحدث؟ على ولاة الأمر ببلادي العمل على محاربة مثل هذه الظواهر لأنها مسؤولية امام الله. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أمينة الفضل
هذا المقال ورق بلا قلم وعطر بلا رائحةوعسل بلا طعم