هل يعود القافز من “تايتينك” سباحة؟!
ويتهم حزب المؤتمر الوطني بعض منسوبيه بمحاولة القفز من سفينه بحسبانها آيلة للغرق، ومؤكداً أنه لا محل لمن لا يؤمن بمسيرة مركبه الماخرة في عباب السياسة غير مبالية بالمتساقطين (حد تعبيرات قادة الحزب).
وخرج العميد كرار عضو مجلس قيادة الثورة السابق، والوزير والسفير من عباءة حزب المؤتمر الوطني الحاكم مرتدياً جلباب الإصلاح، إثر عقوبة تنظيمية أبعدته عن مطبخ القرار وصُناعته.
وعرف كرار بشخصية قوية وحادة، ونال عدد من الألقاب أشهرها “صلاح دولار” وذلك أثناء توليه رئاسة اللجنة الاقتصادية في فجر الإنقاذ، إلا أنه أصبح لاحقاً من الناقمين على سياساتها والناشطين في كيان الشمال وقضايا تعويضات “المناصير” ومتأثري السدود بالولاية الشمالية.
وبعد مقاطعة وقطيعة يبدو أن الجنرال في طريقه إلى “البيت القديم”، حيث كشف نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني البروفيسور إبراهيم غندور في وقت متأخر من ليل أمس الأول أن كرار عاد لـ”الوطني” ومعه رهط من أهله عقب انتهاء عقوبته التنظيمية، وأبدي غندور ترحيباً حاراً بعودة “البحار” وقال “إن الرجل سيتبوأ مكانه القيادي والطبيعي في الحزب”.
العميد صلاح الدين كرار سبق وأن صرح بأنه غادر محطة الوطني وإنضم لتيار غازي صلاح الدين في “الإصلاح الآن” وتحدث بمرارة غير ما مرة عن مشروع الإنقاذ الذي قال إنهم حملوه على أكتافهم حلماً بمستقبل مشرق للسودان ولكنه تبخر كمياه محيط مالح، متهماً إسلاميو الإنقاذ بأنهم سعوا إلى إبعاد أعضاء قيادات مجلس الثورة الفاعلين، وقال في إحدي حواراته التلفزيونية “كان لدى الإسلاميين قناعة التخلص من بعض العساكر في وقت مبكر وتمت إحالتي للمعاش في سن مبكر، رغم أن ترقيتي لرتبة العميد لم تكمل عام، في وقت وصل إليه بعض الرفقاء لرتبة فريق أول”.
وتحدث الرجل -كذلك- عن جهات عديدة لم يسمها وقال إنها تؤثر على الرئيس عمر البشير مستغلة في ذلك نفوذها، وهو أمر كان مدعاة دهشة للعميد الذي تساءل: من أين تستمد هذه الكيانات قوتها؟ ومتهماً أياها بأنها أقصته من الترشح رغم تصعيده من القواعد، كاشفاً أن الرئيس طلب منه التنازل لآخر في الحزب.
ومن المفارقات أن الرجل تحدث بإطناب عن سوءات الإنقاذ رغم أنه أحد مؤسسيها وأحد الفاعلين في إنجاح انقلاب 1989م، وإعتاد الرجل أن يصوب سهامه للتجربة، وقال إنه لم يتبقْ منها عدا القليل جدا من المبادئ، فضلاً عن نقض العهود، وعدم الصدق في القول، وفساد استشرى للأسف ينسب للإسلاميين وأن المبادئ التي كانت تنادى بها الإنقاذ لم يتبق منها شيء ، ورغم كل هذا فالمياه مفتوحة أمام “البحار” ليعود سابحاً إلي “سفينة” الإنقاذ المعطوبة بذات العيوب التي تحدث عنها غير عابئاً بالغرق.
ومن المآخذ التي تُحسب على الرجل إتهامه من قبل الكثيرين بأنه من ضمن المتورطين في القصة الشهيرة والمتصلة بإعدام “مجدي محجوب محمد أحمد” المتهم بالإتجار في الدولار، ودافع الرجل بشدة مبعداً التهمة عن نفسه، وتحدى كل من يمسك عليه دليلاً بتورطه في القضية وقطع بأنه لم يرْ مجدي في حياته، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بإعدامه، وأوضح أن ما ورد إليه من معلومات لاحقاً يؤكد أن المتهم تم إعدامه ظلماً.
ورغم ذلك لازم العميد لقب “صلاح دولار” وهو ما يراه مكيدة دبرت ضده بليل لتشويه صورته والقول إنه من تجار العملة.
ورغم مرور مياه كثيرة تحت الجسر فإن الرجل مازال يحلم بمبادئ الإنقاذ الأولى وقال إنها مازالت في خاطره، ولم تغب من مخيلة الرئيس البشير أيضاً رغم الأخطاء التي صاحبت المسيرة (حدّ تعبيره). فهل يعود الرجل سابحاً إلى “سفينة الإنقاذ” بمخيلته القديمة وأحلامه أم سيدافع عن “تايتنك الإنقاذ” بالعضد والساعد؟
محمد جادين
صحيفة الصيحة
ت.أ