رأي ومقالات

الطيب مصطفى: لماذا يا شيخ علي عثمان؟!

”الفرص التي أضاعها السيد علي عثمان محمد طه على السودان ما كانت لتضيع لو أن السودان بعث بأي شخص آخر رئيساً لوفد السودان المفاوض إلى نيفاشا!!
رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. إعفاء ديون السودان الخارجية أو على الأقل مناصفتها مع الجنوب.. ترسيم الحدود وفقاً لحدود 1956.

رفع الحركة الشعبية يدها عن المناطق الملتهبة في باقي السودان قولاً وفعلاً.

الحصول على وعود وضمانات للحصول على قروض تمويلية بلا فوائد تعوض فاقد البترول.

التزام المجتمع الدولي بكل تكاليف ترسيم الحدود وتكاليف متطلبات الانفصال.

شروط لا أعتقد أنها كانت تحتاج إلى درس عصر ولا لجيوش من المستشارين والخبراء ولا أعتقد أن المجتمع الدولي كان يستطيع رفضها في ظل اندلاقه لتحقيق الانفصال”.

إنتقيت هذه المداخلة التي كتبها الأخ أبو بكر يوسف بتصرف بعد شطب الكثير من الاتهامات اللاذعة والهجوم القاسي من بين عدد من التعليقات التي ضجت بها بعض مواقع التواصل الاجتماعي غضباً من الأستاذ علي عثمان محمد طه بعد الدور الحاسم الذي لعبه في تمرير التعديلات الدستورية الأخيرة.

والله العظيم لم أرض للرجل الذي كنت ولا أزال أكن له احتراماً رغم نيفاشا.. لم أرض له أن يمعن في تشويه تاريخه من خلال القيام بدور المحلل الذي تخصص فيه طوال السنوات الأخيرة مع استكانة جعلته يسكت عما لا ينبغي السكوت عليه سيما تقوية السلطة المركزية وكأن كارثة نيفاشا التي يتحمل كثيراً من أوزارها لم تكن كافية.

يعلم الأستاذ علي عثمان حالة الاحتقان السياسي الذي يتمرغ السودان الآن في رمضائه مع أجواء الحرب والعلاقة المأزومة مع أحزاب المعارضة والحركات المتمردة كما يعلم الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها السودان والتي أثرت كثيراً في تنميته وأحالت حياة شعبه إلى فقر وعوز وضنك في المعيشة وقزمته بين الأمم كما يعلم التوتر الذي يشوب العلاقة مع ما يسمى بالمجتمع الدولي والتي جعلته (ملطشة) لا يجد مجلس الأمن أحقر منه ليهوي بمطرقة عقوباته على أم رأسه وبالرغم من ذلك يستدعي شيخ علي الأحداث التي عصفت بدول الربيع العربي ليحذر نواب البرلمان من مآلاتها بالرغم من علمه أن ما أقدم عليه البرلمان من تعديلات على الدستور رغم أنف الأحزاب المتحاورة وغير المتحاورة يزيد النار اشتعالاً ويفاقم من الاحتقان السياسي الذي يعتبر المهدد الأكبر لأمننا الوطني والذي يرشح بلادنا أكثر من أي بلد آخر في الدنيا لتحترق بأكثر مما يحترق الصومال والدول التي يحذر من الانزلاق إلى حالها البائس.

علي عثمان يعلم تمام العلم من الذي يعطل الحوار الوطني الآن ومن الذي خرق خريطة الطريق التي توافقت عليها الأحزاب المتحاورة لتكون مرجعية تحكم المسار السياسي ولتحرض بقية القوى الوطنية والحاملة للسلاح الرافضة للانخراط في الحوار جراء عدم الثقة في الحكومة حتى تلتئم حول مائدة التراضي والتوافق الوطني بعيداً عن الحرب التي فعلت ببلادنا الأفاعيل.

علي عثمان يعلم من الذي عطل إعلان أديس أبابا الذي كان مؤهلاً لجمع المغاضبين في الخارج ومن الذي أحجم عن تطبيق إجراءات تهيئة المناخ من خلال الاستمرار في التضييق على الحريات اعتقالاً للمعارضين وتكميماً للأفواه.

لا أزال أذكر وقفة علي عثمان .. ذلك الشاب المدهش الذي تزعّم المعارضة في آخر النظم الديمقراطية التي حكمت السودان في ثمانينيات القرن الماضي وكيف كان يعترض على صغائر كانت ترتكبها حكومة الصادق المهدي وكيف ينتصب اليوم بعد أن غدا شيخاً قارب السبعين من عمره ليدافع عن كبائر توشك أن تزهق روح هذا الوطن المحتقن بالغضب في وسطه والمضطرب بالحرب في بعض أطرافه.

شيخ علي يعلم أن الأحزاب التي ارتضت الحوار كطريق وسط ما فعلت ذلك إلا من أجل تحقيق انتقال سلمي ديمقراطي تعتبر الانتخابات أهم آلياته على أن يتم ذلك عبر خريطة طريق تهيئ المناخ وتعبر ببلادنا من خلال حكومة انتقالية أو وضع انتقالي يتراضى عليه الجميع برئاسة الرئيس

فاذا بالمؤتمر الوطني (ينجر) منفرداً قانون انتخابات ويعين مفوضية انتخابات بدون إشراك من وافقوا على الحوار معه ناهيك عن الآخرين بل ويعلن عن قيام الانتخابات التي تعتبر أهم المطلوبات التي ينبغي أن يتراضى الجميع على موعدها وكيفية إجرائها ثم يواصل عبثه ليعدل الدستور بما يعزز من قبضته وبالرغم من ذلك يتحدث عن الحوار!

شيخ علي أخشى أن تكون وقفتك الحاسمة بالأمس أمام النواب صادرة عن تصفية حسابات مع المؤتمر الشعبي بعد أن شمت بعضهم بك عقب مغادرتك القصر الرئاسي والتي تشبه وقفتك في شورى الحزب الحاكم بعد صراع تصاعدت رائحته مع أحد منافسيك وأربأ بك إن كان ذلك كذلك أن تُخضع قضايا الوطن الكبرى لأهواء الأنفس الشح فالتاريخ لا يرحم.

الطيب مصطفى- الصيحة

تعليق واحد

  1. ما قام به شيخ علي في نيفاشا كان يجب ان يحاكم عليه بتهمة الخيانة العظمى لو كان هناك من يهمه فعلا” حقوق الشعب السوداني و لكنه يعامل حتى الان كالقديسين و هو ابعد ما يكون عما يستحق القداسة.