رأي ومقالات

الطيب مصطفى: عندما يعاني أوباما من العنصرية!


نشرت مجلة (بيبول) الأمريكية بعض الطرائف عن مواقف عنصرية تعرَّض لها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزوجته ميشيل بعضها حدث بعد أن تقلد أوباما موقعه رئيساً لأمريكا ومما يجدر ذكره أن ما تعرض له الرئيس الأمريكي وزوجته تزامن مع احتجاجات عمَّت مناطق شاسعة من أمريكا بعد أن حكم القضاء ببراءة شرطي أبيض قتل رجلاً أسود لمجرد الاشتباه في ارتكابه مخالفة صغيرة، وسأذكر نماذج مما قاله أوباما عن معاناته وزوجته من إهانات ومضايقات عنصرية تعرضا لها.

في زيارة لمدينة نيويورك قبل نحو خمسة عشر عاماً تعمدتُ أن أدخل حي هارلم المعروف بأنه حي السود في تلك المدينة الكبيرة وبعدها مباشرة ذهبتُ إلى حي مانهاتن أرقى أحياء نيويورك والذي يضم برج مركز التجارة العالمي الشهير الذي دمره فتيان القاعدة بقيادة الشيخ أسامة بن لادن، كما يضم ناطحات السحاب وبورصة وول استريت وغيرها من معالم الحضارة الأمريكية والغريب أن حي مانهاتن الذي يقطنه البيض من أصحاب المال والنفوذ واليهود الذين يسيطرون على القرار الأمريكي لا يبعد أكثر من سبع إلى عشر دقائق بالسيارة عن حي هارلم الأسود في مفارقة طبقية مدهشة وتفاوت عجيب بين الفخامة في أبهى صورها والفقر في أبشع تجلياته.

لا أبالغ البتة أن قلت إنني لم أر في جولتي في حي هارلم شخصاً أبيض واحداً سواء أكان رجلاً أو امرأة بل كان كل من رأيتهم من السود.. كان معظم الحي عبارة عن عمارات من طابقين كما رأيت الغسيل (مشروراً) على البلكونات.. لا اختلاف يذكر بين حي هارلم وبين أي من أحيائنا الشعبية وأقولها بكل صدق إن لم تخني الذاكرة إن حي الرياض أو كافوري أو مدينة النيل بأم درمان مثلاً أكثر فخامة من ذلك الحي البائس.

قد لا يصدق الناس أنني تبرعت بدولار (لشحاد) أمريكي أسود وقصدت أن أفعل ذلك حتى أضيف ذلك إلى ذكرياتي عن عنصرية المجتمع الأمريكي.

خلال جولتي في حي هارلم وجدت، يشهد الله تعالى على قولي، آليات وكراكات تعمل في رصف أو صيانة الطرق وكأنها تفعل ذلك لأول مرة في ذلك الحي الفقير.

قال أوباما لمجلة (بيبول) مما نشرت القارديان البريطانية مقتطفات منه أنهما قبل أن ينتقلا إلى البيت الأبيض، مقر الرئيس الأمريكي، كانا يجدان صعوبة في الحصول على سيارة أجرة لأن السائق لا يتوقف لهما عندما يؤشران له لأنهما أسودان وبالطبع فإن الأسود في أمريكا متهم إلى أن تثبت براءته! وقال الرئيس الأمريكي كذلك إنه ليس هناك أسود لم يخرج من مطعم ويقف أمام المدخل بانتظار سيارة دون أن يتوقف أحد بسيارته ويسلمه مفاتيحها ظناً منه أنه خادم مهمته (ركن) سيارات الزبائن في الساحة المخصصة لوقوفها.

ميشيل زوجة الرئيس أوباما ذكرت واقعة أخرى حيث طلب أحد المدعوين من زوجها الذي كان يرتدي بدلة سوداء رسمية أن يأتيه بفنجان قهوة معتقداً بأنه نادل أو عامل يقف على خدمة الضيوف!

كذلك قالت ميشيل إنها بعد أن أصبحت السيدة الأولى طلبت منها إمرأة عند زيارتها أحد المتاجر إنزال بضاعة من الرف ولم تعتبرها السيدة الأولى!

أوباما قال: أن يظن أحد عن طريق الخطأ أنني نادل في حفلة شيء أما أن يشتبه خطأ بأني لص ثم يقيدني بالأصفاد أو ما هو أسوأ من ذلك لأنني أسود أرتدي ملابس يرتديها المراهقون فذلك شيء آخر!.

أوباما عقد مقارنة بين ما يتعرض له السود في أمريكا اليوم وما كانوا يعانونه قديماً بقوله (إن الإهانات والمنغصات التي يعيشها اليوم لا تعتبر شيئاً بالمقارنة مع ما عاناه جيل سابق).

ذكرت هذه الوقائع التي تحكي عن معاناة الرئيس الأمريكي وزوجته من العنصرية لأبدأ من حيث انتهى تعليقه الأخير فقد رأينا نماذج من العنصرية في أمريكا ربما لم تتكرر في التاريخ من حيث وحشيتها وذلك من خلال فيلم أو مسلسل (الجذور) (Roots) الذي حكى عن كيف اختطف أبناء غرب إفريقيا خاصة السنغال وقامبيا بالقوة وما عانوه من استرقاق مهين بعد ترحيلهم إلى أمريكا وكيف تطور المجتمع الأمريكي حتى تقلد أوباما منصب الرئيس الأمريكي.. مما يجدر ذكره أن أسلاف أوباما لم يكونوا من الرقيق لأن أمه بيضاء بينما والده سافر إلى أمريكا من كينيا بغرض الدراسة.

أقول إنه ما من مجتمع لم يعانِ من العنصرية على مدار التاريخ البشري لكن التطور الطبيعي هو الذي ينهيها خاصة وأنها أمر منكر من الناحية الدينية ومعلوم كيف ارتقى الإسلام بسيدنا بلال وكيف وضع أبو ذر خده على الأرض لكي يطأه بلال بقدمه تكفيراً عن عنصرية تلبسته في لحظة غضب ارتدت به إلى جاهلية ما قبل الإسلام؟

أكثر المعنيين بهذا الخطاب هم المثقفون والنخب الذين ينبغي أن يكونوا أكثر المطفئين للعصبيات العرقية والقبلية بدلاً من أن يكونوا هم من يسعرون نيرانها ويحيلونها إلى حرائق وحروب تأتي على الأخضر واليابس فهل قام المثقفون في السودان بهذا الدور الديني والوطني أم أنهم ارتدوا بالسودان إلى جاهلية جهلاء بعد أن تمكن الإمام المهدي الدنقلاوي من قيادة غرب السودان بالدين قبل 130 عاماً لتحرير السودان من الاستعمار؟!

الطيب مصطفى- الصيحة


تعليق واحد

  1. غريب أن يأتي هذا الكلام من أكثر الشخصيات عنصرية في السودان.
    أما المهدي فلم يكن سوى مدعي للنبوة مثله كمثل مسيلمة و طائفته ما زالت تستغل المساكين و الفقراء لتبجيلهم أشبه مايكون بالتعظيم و التأليه مثلهم كآل المرغني.