مزمل ابوالقاسم :غاز عرقوب
* وعدت حكومة ولاية الخرطوم مواطنيها بحل أزمة الغاز قبل بداية العام الجديد، ويبدو أنها قد نفذت وعدها (العرقوبي) لهم بالمعكوس.
* بدلاً من أن تنفرج الأزمة تمددت وتفاقمت، وازداد الغاز شحاً في معظم أحياء العاصمة، وتطاولت صفوفه حتى صارت مادةً ثابتةً في الفيديوهات التي توزع على (الواتساب) هذه الأيام.
* وعدوا بحل الأزمة، وبشروا الناس بوصول بواخر الغاز تترى إلى ميناء بورتسودان، فلا وصلت، ولا تبعتها أخريات تحدث عنها المسؤول عن ملف الغاز في ولاية الخرطوم، في تصريحٍ غير مسؤول، أعلن فيه عن انقشاع الأزمة نهائياً (قبل بداية العام الجديد)!
* أطل العام الجديد، ولم يظهر الغاز في متاجر الوكلاء، فاضطر مواطنو الأحياء الجنوبية من العاصمة إلى حمل أسطواناتهم الفارغة، وذهبوا بها إلى مستودعات الشجرة بحثاً عن الغاز المعدوم.
* ذات المعاناة تكررت في الولايات، وتفاقمت إلى درجة أنني تابعت مقطع فيديو لصفٍ تراصت فيه أسطوانات الغاز عدة كيلومترات، وبدا أطول من صفوف مباريات القمة الكروية، وسط حالة من السخط العارم لدى من اضطرتهم الأزمة إلى إهدار زمنٍ طويل في البحث عن الكنز المفقود.
* الشح قرين الغلاء، لذلك لم نستغرب أن يدخل الغاز السوق السوداء في الأيام الماضية، ليقفز ثمن الأنبوبة من سعرها الرسمي (أو فلنقل الوهمي) المحدد بخمسة وعشرين جنيهاً إلى ما بين (40 إلى 70) جنيهاً في العاصمة، بينما بلغ سعر الأسطوانة مائة جنيه في مدني القريبة من العاصمة، وتلاشى غاز الطبخ إلى درجة دفعت المواطنين إلى الاحتجاج بعنفٍ، قادهم إلى الاحتكاك مع الشرطة.
* حدث كل ذلك على الرغم من التأكيدات المستمرة التي صدرت من مسؤولين عن ثبات سعر المعروض من السلعة، ومراقبة الأسواق للتأكد من التزام الوكلاء بالثمن المحدد للأنبوبة، ونحن لا ندري كيف يريد القائمون على أمر هذا الملف أن يبقوا سعر الغاز مستقراً، بعد أن اختفت السلعة من الأسواق، وازداد طلب المواطنين عليها بشدة؟
* الغاز ليس سلعة هامشية، إذ لم يعد في مقدور أي ربة منزل أن تستغني عنه، أو تستعيض ببديلٍ مقنعٍ في الطبخ تحديداً، علاوةً على ذلك فقد تحولت معظم المخابز التقليدية إلى استخدام الغاز بدلاً من الكهرباء سعياً إلى تخفيض كلفة إنتاج الخبز في العاصمة والولايات.
* نحمد الله كثيراً على أن موسم البرد في السودان يقتصر على أيامٍ معدودة، لا تستوجب استخدام الغاز في التدفئة مثلما يحدث في دولٍ أخرى، وإلا لحاق بأطفال السودان ما لحق بأطفال سوريا، الذين قضوا نحبهم في الملاجئ بسبب قسوة الصقيع، وشح الوقود والغاز.
* يستورد السودان حوالي (700) ألف طن من الغاز سنوياً لتغطية فجوة الإنتاج المحلي، ويبدو أن المسؤولين عن استيراده تلكأوا بما يكفي لإحداث أزمة خانقة، رفعت معدل المعاناة بين المواطنين، وباتت تنذر بإعادتهم إلى عهود الاعتماد على (العويش) والفحم والحطب لتوفير (الويقود).
* يبدو أن خروج شركة (أمان غاز) عن نطاق الخدمة في أعقاب التطورات غير الإيجابية التي حدثت في ملف العلاقة بين السودان وإيران فاقم الأزمة، ورفع معدلات الاستيراد.
* الغاز متوافر عالمياً، وأسعاره تسير إلى انخفاض، وبالتالي فإن تلاشيه من أسواقنا يشير إلى تقصير إداريٍ مريع، وضعفٍ بائنٍ في إدارة الملف، بطريقةٍ تستوجب المساءلة والعقاب.
اليوم التالي
خ.ي
يااااا المى عليك ياسوداااان ربنا خفف العناء لاهلى
لقد كفيت واوفيت الاستاذ مزمل ولكن هل هناك حياة لمن تنادى.