رأي ومقالات

مهدي ابراهيم أحمد : نور ونار ..السفير والسفارة

[JUSTIFY]خلال زيارتنا لأندونيسيا ..أستقبلت رسالة علي هاتفي ..كانت من إدارةالجامعة التي بها ادرس . ..فحواها أن علينا مقابلة السفير الأمريكي ..توجست (خيفة)..علامات الإستفهام شغلت بالي ..الخيالات أضحي لها (سلطان) صريح ..فغموض الرسالة ..وكلماتها القليلة ..جعلت له مرتعا خصبا ..عند الموعد المحدد..توجهت لمقر الإدارة .دلوني علي مكان تواجد السفير ..عند المدخل ,,وقعت علي دفتر الحضور ..أصطحبني احدهم الي الداخل ..القاعة ممتلئة الي آخرها بالطلاب .. كنا نمثل جنسيات من دول شتي ..كان موقعنا في المقدمة ..نظرت الي لافتة الترحيب بالسفير… فوجدت أن المقابلة لحضور (سمنار وعرض تصويري عن الانتخابات الامريكية وقتها )..تحدث السفير باسهاب بأنجليزية صريحة عن الانتخابات الامريكية وعن فرص المرشحين..فتح باب النقاش..أحد الطلاب ..تمسك بلغته جيدا ..توقع الجميع ان يدخل السفير في حرج لعدم اجادته الاندونيسية ..ولكن السفير تحدث بلسان اندونيسي مبين..ماجعل التصفيق الحار بديلا للاعجاب الهادي ..كانت محاضرة قيمة تفاعل الطلاب معها كثيرا ..واثبتت علي عمق وعي الطلاب وتجاوزهم للشان المحلي الي المناقشة بعمق حول فرص فوز المرشحين وانعكاساته علي واقعهم وواقع المنطقة برمتها ..

في بلادنا زار السفير الامريكي(السابق) ..المسيد والخلاوي ..ووقف علي احوال الشيوخ ..ومظاهر التصوف متحدثا بلسان عربي مبين ..كثيرون ربما انتابهم الإعجاب وطغي عليهم عنصر المفأجاة والريبة ..الواقع يقول ..ان السفير ..ينشد أداء مهمته ..بوجهها الكامل الذي يقدم فيه انسانيته علي طبيعة عمله ..لم يكن إختياره عن تدرج وظيفي ولكنه فتش عن تجربة واجري الي الغاية القصوي ..حتي تعلم عادات وطبائع البلاد فنفذ اليهم من مايحبونه بفطرتهم بحب اهل السودان لاهل الطرق والمشائخ …

يخطر لي من حديث السفير الامريكي في اندونيسيا انه مكث عشر سنين في اندونيسيا وتدرج في التعليم حتي اتقن الاندونيسية تماما ثم جري تكليفه بالسفارة ..وبالمقابل قد يكون السفير الامريكي في السودان قد تدرج تماما ودرس كثيرا عن واقعنا فكان التكليف والعهدة بالمهام الدبلوماسية ..واتي القوم من حيث يحبون ويقدسون وله في باب (من عرف لغة قوم أمن شرهم) حسن فقه وتأصيل حياتي ..ز
ماقام به السفير الامريكي (السابق) في السودان يقوم به جل السفراء الامريكان في كل دول العالم ..فهم قد احسنوا استغلال السفارة علي وجهها الأكمل ..بدءا من اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب مرورا بجدولة اعمال السفير التي يتخللها ..التواصل الشعبي ..وخلق الروابط الحميمة ..فان كان بعضنا يندهش لتواصل السفير الامريكي للخلاوي والطرق الصوفية ..فان اكثرنا اندهش مسبقا برؤية السفير الامريكي وهو يستغل شارع النيل مكانا لرياضته الصباحية ..

فات علينا في حينها ان نستغل الحدث في الترويج لواقع بلادنا سلما كان ام أمنا ..لاننظر للآخر بنظرة عدائية ..زيا راته وتحركاته دائما لها ماوراءها ..في ظني ان عجزت السياسة علي كسر الجمود والحصار فان التواصل الشعبي مع الآخر ربما يكون مدخلا لكسر كل صدود وعداء ..الواقع يقول ان الشعوب تجاوزت مظاهر الجفاء باقامة العلاقات الشعبية وفتح فرص التعاون التي من شأنها إذابة جليد العلاقات الفاترة ..فإن كان السفير الامريكي يزور الملاعب والخلاوي فعلي سفيرنا هناك ..ان يزور بالمثل يقدم الوجه الأفضل لشعبنا ..عليه ان يلج للجامعات ومراكز التنوير ..ويرسم الصورة المشرفة لبلادنا التي استبدلها العالم في غياب دبلوماسيتنا وضعف سفراؤنا الي صورة مشوهة ينظر الي واقعنا وسياستنا بشئ من التنديد والوصاية ..

أرتسمت الدهشة علي حاجبي عندما رأيت دعوة الجامعة تلح في حضوري ..للقاء السفير التنويري ..مع شرائح الطلاب ..تمنيت ساعتها ان يكون لطلابنا نصيب من ذلك التفاعل ..تفاءلت خيرا بزيارة السفير (السابق) للخلاوي واالملاعب في السودان وكذلك بالافطار الرمضاني المتبادل بين السفارة الحالية ومشايخ احدي الطرق الصوفية في رمضان المنصرم .. هي قد تكون مدخلا لكسر الجمود بين الشعبين ربما تعدد النظرات والتحليلات خلف تلك الزيارات .. دعوا المجتمع بشرائحه يرسم سياسات التقريب والتعاون .. يتفاعل مع الاحداث كما يتفاعل الشعب الامريكي بشرائحه وفنانيه مع ازماتنا الداخلية .في ظل انتفاء الخطوات المتشابهة .وغياب الدبلوماسية الصريح …العالم من حولنا تجاوز النظرات العدائية الي خلق تعاون شعبي شعاره التواصل ..وخلق علاقة متينة تقضي بترابطها علي الازمات السياسية وتهدف لبناء جدار من شأنه توطيدها بدعائم وصور واقعية شتي ..

مهدي ابراهيم أحمد[/JUSTIFY]