تحقيقات وتقارير

بعد أن أصبحت (قاب قوسين).. ماذا قال المواطنون عن الانتخابات؟؟


يبدو أن انتخابات (أبريل) المقبل أصبحت أمراً محسوماً بعد حديث نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” أول أمس في المؤتمر الصحفي الذي عقده بالمركز العام لحزبه عن قيامها في موعدها باعتبارها حقاً شرعياً لا يمكن التراجع عنه حتى لا يحدث فراغ دستوري، فيما أكدت المفوضية القومية للانتخابات أنها اعتمدت (15) مرشحاً لرئاسة الجمهورية بينهم تسعة مستقلون وستة أحزاب، وهم: “عمر حسن أحمد البشير”، “محمد الحسن محمد الحسن”، “ياسر يحيى صالح عبد القادر”، “فاطمة أحمد عبد المحمود”، “خيري بخيت”، “حمدي حسن أحمد”، “أسد النيل عادل يس”، “عصام علي الغالي”، “أحمد جاد الله سليم”، “عادل دفع الله جابر”، “محمد عوض البارودي”، “علم الهدي أحمد عثمان”، “عمر عوض الكريم حسن”.
الشخصيات المترشحة للرئاسة والبرلمان وجدت نقاشاً وجدلاً على مستوى الساحة السياسية. وبما أن المواطن هو المسؤول الأول عن فوز أو خسارة هؤلاء المرشحين إضافة إلى النواب في الدوائر البرلمانية، وهو الذي يختار من يحكمه ويحدد مواصفاته، كان لابد لنا من جولة استطلاعية في الشارع العام بمختلف فئاته لمعرفة آرائهم وتطلعاتهم لسودان جديد.. فماذا قالوا؟؟
{ لابد من الانتخابات
وقفنا بقربه وهو يركن عربته لتناول كوب من الشاي ليخفف عنه هجير شمس الظهيرة.. سألناه عن رأيه في الانتخابات فقال “عبد الفتاح محمد أحمد” (الموظف بإحدى المؤسسات) ويعمل سائقاً بعد الدوام، إن الانتخابات لا بد منها لشرعية الحكم والدولة، إضافة إلى ضرورة تفاعل المواطن معها لتفادي ما يحدث في كثير من الدول مثل اليمن وسوريا وليبيا.. وعن الشخصيات المرشحة قال “عبد الفتاح” إن النواب سيتم تغييرهم لكن الرئيس سيظل لدورة أخرى، معللاً بأنه شخصية مقبولة لدى الشعب إضافة إلى خبرته التي اكتسبها من فترة الحكم الطويلة، وأضاف إن في كل دولة هناك إخفاقات وسلبيات، والرئيس ليس هو المسؤول عنها لأن المندسين والمخربين موجودون في كل زمان ومكان ويتولون مناصب عالية في الحكم.
{ تبديد للأموال
جوار إحدى المؤسسات جلس شاب ثلاثيني يتصفح هاتفه الجوال، فقطعنا عليه وحدته بسؤالنا عن رأيه بالانتخابات، فقال “أبو عبد الرحمن” (موظف): (أنا كمواطن لا إحساس لديّ بأن هناك انتخابات قادمة ولا تعبر عني بشيء باعتبار أن المواطن في وادٍ والحكومة في وادٍ آخر، خاصة أن البرنامج الانتخابي للحزب الحاكم في انتخابات 2010 لم ينفذ ولم يلب طموحات المواطن، وكان من الأفضل بدلاً عن تبديد 800 مليار في انتخابات معلومة النتائج، ومن الأحرى أن تصرف هذه الأموال على مشروع الجزيرة أو الزراعة عموماً). وأضاف “أبو عبد الرحمن” إن الأجواء الحالية غير مشجعة على قيام انتخابات حرة، والدليل أن الأحزاب السياسية المعارضة لا تستطيع إقامة ندوة سياسية خارج دورها.
{ لا أعرف من المرشح
تحت ظل إحدى الأشجار جلست الحاجة “حليمة” لممارسة مهنة بيع الشاي، جلسنا بـ(بنبر) قريب منها وطرحنا عليها سؤالنا، فقالت إنهم في الحي قاموا بتسجيل أسمائهم بناءً على رغبة أشخاص بالحي، لكنها لا تعرف من هو المرشح ولا ماذا سيفعل. وأضافت إنها في الانتخابات سيتم إطلاعها على رمز معين ستصوت له.
{ لم أسجل.. والمواطن لا رأي له
حينما كان يركض ليلحق بالعربة التي يعمل بها وهو يحمل جوالاً بظهره وثيابه تدل على أنه عامل نظافة، فـ(الأبرول) الكامل المغطى ببقع الأوساخ يشير إلى عمل صاحبه، سألناه فقال “بشيري” (29) عاماً إنني لم أسجل لأن التسجيل قفل، وقفل باب التسجيل هو دليل على أن المواطن البسيط ليس له رأي، لأننا لا يمكن أن نصوت لنفس الحكومة بعد التعب الذي نعيشه.. أنا بنهاية العشرينيات ولا أستطيع الزواج لأن كل عملي من أجل الأكل فقط وليس لديّ فائض لتوفيره، فرغم تركي الدراسة من أجل العمل لم أوفق به، وحالتي هذه حالة (90%) من السودانيين.
{ ما عندي رأي
في جانب رصيف شارع المك نمر بجوار بائع العصائر الطبيعية المثلجة التي تدعوك إلى نفسها في عز الشمس، جلست سيدة متعبة وبيدها كوب من العرديب البارد وتظهر برودته بقطرات الندى على الكوب، سألناها عن الانتخابات فقالت “حواء علي” (34) عاماً: (أنا أم لسبعة أيتام أقوم من الصباح الباكر طلباً للرزق وليس لديّ وقت للتسجيل أو حتى وقت أسمع فيه عن الانتخابات، لكن كل شيء يأتي به الله فهو خير.. وعند التفاتنا لصاحب محل العصير “محمد عباس” اكتفى بالقول: (أنا ما عندي رأي).
} ربنا يولي من يصلح
بينما كان يجلس شارداً بجوار إحدى بائعات الشاي في انتظار كوب من الشاي قيد الإعداد، التفت العم “صالح سيد عثمان إبراهيم” (سائق أمجاد) إلينا فجأة بعد أن قطع وقوفنا بجانبه لحظات تفكيره وانشغاله، وكان أكثر تجاوباً معنا وهو يطلق دعواته بأن يولي الله علينا من يصلح الحال ويحقق الطلبات و(يجيب الزول البريحنا) بحد تعبيره، وقطع قائلاً إنه لا يهتم بمن سيحكم لكنه يتمنى الخير للأجيال القادمة، وزاد: (نحن زمنا انتهى لكن الجيل الجاي بهمنا لأنو حقنا).
{ لا أتوقع تغييراً
“مرتضى أحمد آدم علي” (أستاذ جامعي) قطع في حديثه لـ(المجهر) بأنه لا يتوقع تغييراً يرجى من هذه الانتخابات، ولا يأمل في أي مخرج يمكن أن تحدثه في الفترة القادمة وذلك بناء على معطيات سابقة. وقال: (النتائج محسومة ومتوقعة ونسبة اهتمام المواطنين بها حوالي 20%). وأضاف: (جميع الأسماء المترشحة لرئاسة الجمهورية لا نعرف نحن الفئة المتعلمة عنها شيئاً ناهيك عن المواطن البسيط، فالاسم المعروف بين المرشحين لدى الناس هو الرئيس عمر البشير).
{ النتائج معلومة
اختصاصي الفيزياء الطبية “مبارك يوسف” أطلق تنهيدة قبل أن يجيبنا ونحن نستفسره عن رأيه في الانتخابات القادمة والإصلاحات التي ستشهدها البلاد جراء قيامها وماذا يرجى منها، وصمت قليلاً ليجيب قائلاً: (أنا لا أتوقع جديداً يرجى من قيام هذه الانتخابات، فالنتائج معلومة والأموال التي تم إنفاقها على سير العملية الانتخابية كان الأجدى استثمارها في أشياء أخرى بدلا عن هذا الوضع الديكوري).
فيما قالت “آمنة أبو صالح” (موظفة) تبلغ من العمر (23) عاماً لـ(المجهر) وهي في عجلة من أمرها إن الانتخابات لن تأتي بجديد، السيناريو يكاد أن يكون معروفاً للناس، خطط وانتخابات وأربعة أعوام تمر وتأتي انتخابات غيرها.. أما “عبد الكريم بابو يحيى” البالغ من العمر (20) عاماً ويعمل ماسح أحذية (بتاع ورنيش)، فقد أشار في حديثه لـ(المجهر) إلى أنه يريد “عمر البشير” رئيساً، وقال إن النتائج معروفة.
{ أرجو تحسين العلاقات مع الدول الأوروبية
داخل عربته التاكسي كان المواطن “عوض عزو إسحق”، أكثر استرخاء وهو يستمع لأثير إذاعة أم درمان، وقوفنا بجواره جعله يعتدل في جلسته ويكون أكثر اهتماماً وإنصاتاً لنا، وأجابنا قائلاً إن هناك أحزاباً جديدة نازلة و(نشوف) هل لديها شعبية أكثر أم لا.. إلا أنه عاد وقال إن النتائج محسومة و”البشير” فائز لأن جميع الأسماء الأخرى ليست لديها قدرة أو كفاءة، وزاد: (أنا أكثر ما أرجوه من الرئيس البشير حال فوزه أن يعمل على تحسين علاقاته مع الدول الأوروبية).
وبينما كانت مسرعة في طريقها لجهة تقصدها لفتت الإعلامية “ابتهاج متوكل” في حديثها لـ(المجهر) أنها لا تتوقع حدوث تغيير جراء قيام هذه الانتخابات لأن الصورة ستكون مكررة بحد تعبيرها، إلا إذا حدثت مفاجأة، وطلبت حال فوز الرئيس “عمر البشير” أن يكون الاهتمام والتركيز على الاحتياجات الأساسية للمواطن، وعلى الجانب الاقتصادي على وجه الخصوص.
{ هناك أسماء لم أسمع بها
كان العم “طلعت محمود” الذي يبلغ من العمر (70) عاماً جالساً قبالة شارع (السيد عبد الرحمن) بالخرطوم وهو في انتظار وصول أحفاده من المدرسة، تغيرت معالم وجهة وامتعض قبل أن يجيبنا وهو يهز كتفيه قائلاً: (الانتخابات نتائجها معلومة هناك أسماء لم نسمع بها من قبل.. نتمنى أن يتغير الوضع وينصلح الحال خلال السنوات الأربع القادمة)، وأضاف: (الناس عموماً ليس لديهم أدنى اهتمام بالانتخابات ونتائجها).
أما “مالك عباس” (تاجر) يبلغ من العمر (50) عاماً فأبدى إعجابه بتعديل قانون الانتخابات وخاصة المادة المتعلقة بتعيين الولاة بدلاً عن ترشيحهم، وقال: (هذا أفضل شيء لأنه إذا حدث إخفاق من قبل أحد الولاة يمكن للرئيس إقالته وتعيين بديل له)، وأضاف: (نتائج الانتخابات معلومة، لكن نريد من الرئيس أن يعمل في الفترة القادمة على إرساء دعائم السلام وإيقاف الحروب ونزف الدماء حتى ينصلح الوضع الاقتصادي للبلاد).

المجهر السياسي