اتفاق جنوب السودان …شروط عودة السلام الى الدولة الوليدة
وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية، إن هذا الاتفاق يحدد كيفية اقتسام الزعيمين السلطة فور تشكيلهما حكومة مؤقتة. ويقترح أن يبقى كير رئيساً، في الوقت الذي يصبح فيه مشار نائباً للرئيس .
واتفق الطرفان المتحاربان- أيضاً- على الالتزام باتفاق يناير 2014 لوقف إطلاق النار الذي تم اختراقه لأكثر من مرة .
المراقب لاتفاقات جنوب السودان لا يتفاءل كثيراً بمستقبل للسلام فى هذا البلد المنكوب ، فأطراف الصراع عودت شعبها أنه عقب كل اتفاق تكون هنالك أحداثاً أكثر دموية، إمعاناً في اختراق الاتفاق، وإرسال رسائل عنيفة متبادلة بأن كل طرف يستطيع الاختراق أكثر وتحقيق مكاسب على الأرض، وقد راح ضحية هذا التفكير سبعة اتفاقات لوقف النار خلال العام 2014.
لكن مراقبين سياسيين يرون أن اتفاق تقاسم السلطة من شأنه أن يمثل ضوءاً في آخر النفق، باعتبار أن السلطة هي السبب الرئيس في تفجر الصراع في نهاية ،2013 وأن الاتفاق ربما يصمد؛ خاصة مع اقتراب الانتخابات العامة التي سيجريها جنوب السودان هذا العام، رغم توتر الأوضاع.
وينطبق هذا الاتفاق على جميع القوات والجماعات المسلحة أو المليشيات المتحالفة مع أي من الطرفين، على أن تقوم الأطراف المعنية بإبلاغ قواتها على الأرض عن اتفاق السلام الموقع عليه.
وينص الاتفاق الذي وقع يوم (الاثنين) المنصرم على أن تكون هيكلة قيادة حكومة “الوحدة الوطنية” الانتقالية (لمدة ثلاثة شهور حتى إجراء الانتخابات في يونيو المقبل كالآتي: الرئيس وهو سلفاكير، ثم النائب الأول من المعارضة (مشار)، والنائب الثاني من مناطق الاستوائية(3 ولايات)، ومجلس وزراء يضم الرئيس ونائب الرئيس الأول و27 وزيراً.
وتكون نسب تقاسم السلطة كالآتي: “60 بالمئة للحكومة الحالية في جوبا،30 بالمئة للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان؛ بقيادة ريك مشار، 10 بالمئة من نصيب المفرج عنهم والأحزاب السياسية الأخرى”.
والجمعية الوطنية(البرلمان) ستتكون من 400 عضو، وسيتم إبقاء الأعضاء الحاليين في البرلمان، والبالغ عددهم 332، ويضاف إليه 68 عضواً جديداً يتم تقسيمهم وفقاً لاتفاق تقسيم السلطة.
وسيكون نصيب الحكومة الحالية لجنوب السودان 60 بالمئة من 400 مقعد في البرلمان، و30 بالمئة للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة ريك مشار، و10 بالمئة للمفرج عنهم والأحزاب السياسية الأخرى.
ويتم اتخاذ القرارات داخل الحكومة في الفترة الانتقالية(3 شهور) بالتوافق بنسبة 80 بالمئة، أما في الجمعية الوطنية فيكون اتخاذ القرارات بتوافق الآراء، وفي حال فشلت الجمعية الوطنية في الوصول إلى التوافق يكون الحسم بموافقة 80 بالمئة من أعضائها.
كما نصّ الاتفاق على أحقية الترتيب للفترة الانتقالية التي لاتتجاوز ثلاثة أشهر وتنفيذ اتفاق السلام وتهدئة الأوضاع في البلاد و”تسهيل عملية المصالحة الوطنية ووضع الدستور وإصلاح الحكم”.
ردود أفعال
عقب التوقيع على الاتفاق قالت حكومة جنوب السودان : إن “ما تم يعتبر إنجازًا كبيرًا وخطوة في اتجاه السلام”، وقال، مايكل مكوي، المتحدث باسم حكومة جنوب السودان:”ما تم التوقيع عليه من الطرفين هو التزام لتحقيق السلام”، مهنئًا شعب جنوب السودان بهذا الاتفاق الذي سينهي الحرب ويحقق السلام.
وأشار إلى أن المفاوضات سيتم استئنافها في 20 فبراير الجاري، مؤكداً عزم الحكومة على تحقيق السلام في جنوب السودان.
ووصف النائب السابق لرئيس جنوب السودان، ريك مشار، وزعيم المعارضة، الاتفاق المبدئي الذي وقعه مع حكومة بلاده بأديس أبابا بشأن “تقاسم السلطة ووقف العدائيات” بأنه خطوة هامة تمهد للسلام وتنهي الحرب.
وتابع مشار:” لقد توصلنا إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات وجهود كبيرة”، مؤكدًا التزامه بأن يعمل في المفاوضات القادمة من أجل تنفيذ القضايا العالقة وإنزالها على أرض الواقع.
وأضاف” مشار” أن الاتفاق “خطوة هامة تمهد للسلام وتنهي الحرب”، مؤكدًا مشاركته في المفاوضات القادمة في 20 من فبراير الجاري من أجل إنجاز اتفاق نهائي.
لكن متمردين على حكومة جنوب السودان أبدوا تحفظات على الاتفاق رغم التوقيع، وقالوا: إنه يتعين تسوية تفاصيل أخرى كثيرة قبل أن يصبح من الممكن وصف الاتفاق بأنه اتفاقية ” لاقتسام السلطة .”
ضغوط دولية
قبل توقيع طرفي الصراع في جنوب السودان على اتفاق الاثنين، واجها ضغوطاً سياسية حادة من منظومة الإيقاد بهدف دفعهما لتوقيع هذا الاتفاق، وإنهاء الحرب القبلية في الدولة الوليدة. يأتي ذلك في الوقت الذي هددت فيه الأمم المتحدة بفرض عقوبات جديدة على الطرفين.
وقالت وزيرة خارجية كينيا “أمينة محمد” في بيان مقتضب قبل التوقيع:” نحن أمام لحظة صعبة، لكننا نأمل بالتوصل إلى نتيجة إيجابية “. إلا أن المفاوضين لا يبدون أي حماسة.
وكان رئيس وزراء إثيوبيا “هايلي ميريام ديسالين” قد انتقد “غياب أي إقبال على السلام”. وقال في تصريحات صحفية: “نأمل أن يكون الجانبان مدركين بأن الأسرة الدولية تفقد صبرها”. محذراً من فرض عقوبات من مجلس الأمن الدولي على الطرفين.
وهددت الأمم المتحدة- في وقت سابق- بفرض عقوبات على زعماء الطرفين اللذين يخوضان الحرب منذ حوالي سنة ، حيث أعرب مجلس الأمن عن استعداده لاتخاذ تدابير من أجل معاقبة المسؤولين عن أعمال العنف.
وكان مندوب الولايات المتحدة بالمنظمة الدولية، قد أبلغ أعضاء مجلس الأمن الدولي بأنه سيوزع مشروع قرار لإنشاء ” آلية لاستهداف الأفراد” الذين يقوضون الاستقرار السياسي لجنوب السودان ويرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان”.
بدوره، قال مندوب استراليا بالأمم المتحدة “جاري كوينلان”: “إن بلاده وعدداً من أعضاء المجلس يؤيدون فكرة فرض حظر على الأسلحة في إطار أي نظام للعقوبات على جنوب السودان”. وأحجم عن التعليق على موعد فرض أي عقوبات.
إلا أن الوسيط الرئيسي بين الطرفين المتحاربين قال:” إنه ليس حريصاً على تأييد فرض عقوبات عليهما، رغم تفجر القتال مجدداً، وسعي الولايات المتحدة لفرض عقوبات دولية على البلاد”. وقال “سيوم ميسفين”: “إن السلام أهم من العقوبات”. وأضاف:” لسنا مهتمين بالمعاقبة..نحن مهتمون بتحقيق السلام وحسب “.
وقال”سيوم مسفن” كبير وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) للصحفيين قبل دقائق من توقيع، كير ومشار، على أحدث اتفاقية للسلام: إن هذه المحادثات” ستكون نهائية وأن ذلك سيؤدي بهم إلى التوصل لاتفاقية شاملة لإنهاء الأزمة في جنوب السودان.”
وأضاف مسفن: أن الزعيمين اتفقا على استئناف المحادثات في 20 فبراير الجاري.
وبين” مسفن” أنه في حالة أي فشل أو إخفاقات فإن الملف سيتم نقله إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي سيحيله بدوره إلى مجلس الأمن الدولي، وقال: “هذا ما لا نريده، لأن تدويل الأزمة لن يكون من مصلحة شعب جنوب السودان، ولهذا بذلت الإيقاد جهودًا لمنع نقل الملف، فاسترداده من مجلس الأمن الدولي سيكون مستحيلاً”.
أيضاً، سبق الاتفاق تهديدات وإنذارات وجّهت من القمة الأفريقية الـ 24 التي اختتمت (السبت)، إذ حذّر القادة الأفارقة الذين تحدثوا في الجلسة الافتتاحية والختامية للقمة من تطبيق العقوبات على أطراف الصراع في جنوب السودان.
وقالت جماعات حقوقية: إن الطرفين مسؤولان عن جرائم قتل عرقية وانتهاكات أخرى مما دفع جنوب السودان إلى شفا الهاوية .
ترحيب
رحبت القوى السياسية بجنوب السودان باتفاق تقاسم السلطة بين طرفي النزاع بالبلاد .
الانتخابات العامة
بعد أن دخل اتفاق تقاسم السلطة حيز التنفيذ ، طالب مراقبون بإعطاء هذا الاتفاق فرصة للصمود؛ قبل أن تدخل البلاد في انتخابات ربما تعيد سيناريو الصراع من جديد، خاصة وأن حكومة جنوب السودان ستقوم بإجراء انتخابات في هذا العام 2015، في موعدها ووعد رئيس البلاد بإصدار عفو عن المسؤولين المتمردين.
وبموجب بيان حكومي صدر في وقت سابق، فإن الانتخابات ستنظم” بين 1 مايو (إيار) و يوليو 2015″، وأن الرئيس سلفا كير” مصمم على أن تكون الانتخابات شفافة “.
وقال المتحدث باسم الحكومة” اتني ويك اتني”: سنجري الانتخابات في 2015 لأننا لن نسمح بأن تكون ديمقراطيتنا رهينة العنف. لقد تمت الموافقة على موازنة، ونحث كل الأطراف على المشاركة”.
وأضاف البيان؛ بأن الرئيس” في طور إصدار عفو عن أشخاص ارتكبوا جرائم ضد حكومة جنوب السودان”، لكنه لم يحدد ما اذا كان سيتم منح قادة متمردين عفواً كاملاً.
تقرير / منى البشير
صحيفة المستقلة[/JUSTIFY]