الصادق الرزيقي

أدركــوا.. قــبـل فــــوات الأوان!

[JUSTIFY]
أدركــوا.. قــبـل فــــوات الأوان!

الأزمة الطاحنة في الوقود والخبز وغاز الطبخ، التي تعيشها ولاية الخرطوم وبعض الولايات، لا يمكن النظر إليها إلا من زاويتين أساسيتين، إما ضعف الحكومة وفشلها في ضمان انسياب السلع الإستراتيجية وعجزها عن توفيرها وإخفاقها في ضبط وإدارة عمليات التوزيع ووضع حد للقصور والتقاعس، أو تكون الأزمة نتاج عمل جهات تضارب وتتاجر في هذه السلع وتصنع الندرة وتتحكَّم في توفيرها أو عدمه.
في كلتا الحالتين والزاويتين، الحكومة هي التي تتحمَّل المسؤولية، في ولادة وتفاقم هذه الأزمة التي نتجت عنها صفوف في محطات الوقود وأمام المخابز في مشهد لم تشهده البلاد من فترة طويلة!
وقال لنا مسؤول وزاري كبير قبل أيام، إن هذه الأزمات والندرة وليدة الفشل الإداري وليس لعدم توفر هذه السلع… وهذا الفشل يقع في دوائر الحكومة ومؤسساتها وإداراتها المختصة، وبطبيعة الحال يمكن أن تندرج تحت هذه المؤسسات والإدارات المعنية جوانب تقصير ولا مبالاة وسوء تقدير، فضلاً عن شبهة الفساد، وليست هناك جهة تتعامل في هذه السلع والمواد استيراداً وتجارة وتصديقاً… تكون فوق الشبهات!
الجميع يعلم علم اليقين، أن الاحتكار وجشع الشركات الحكومية وشبه الحكومية التي تتاجر في هذه السلع الإستراتيجية المهمة، والإدارات المختصة والتجار من المستوردين والقطط السمان ومافيا الدقيق والوقود وقنوات التوزيع وما يسمى بالاتحادات والمستفيدين الكبار، هم من يصنعون هذه الأزمات ويضبطون إيقاعها ويحددون توقيتاتها، والحكومة نائمة ومستغفلة، أو تكون عالمة وما بيدها حيلة.. ومستسلمة!
وراء هذه الأزمات المتكررة أسباب لا بد من معرفتها بدقة ومعالجة مضاعفاتها بحسم وحزم، لا يمكن أن تترك الحكومة الحبل علي الغارب، لا تحاسب مقصرًا ولا تضرب علي يد الفاسدين والمضاربين، ولا تضع الضوابط اللازمة لمنع المتاجرة بأهم السلع وهي عصب الحياة ويتأذى من ذلك المواطن في قوته وعمله وإنتاجه وتنقلاته وتحركاته وترتفع كل الأسعار بسرعة الضوء، والحكومة ساكنة متفرجة..
قبل أشهر قليلة حدثت أزمة في الخبز بولاية الخرطوم، وكانت السلطات الولائية والإتحادية بملء الفيه تؤكد أن الدقيق موجود بوفرة، وألقت اللائمة يومها على الوكلاء واتحاد اصحاب المخابز والتجار والمطاحن، وتحركت بعض الجهات وتحت ضغط الرأي العام تلاشت الأزمة بسرعة لأنها بالفعل كانت من فعل فاعل..
وحدثت أزمة في الغاز، كانت الحكومة ووزاراتها المختصة تقول إن كمية الغاز الموجودة تكفي، وإن هناك غاز مستوردًا تدنو بواخره من ميناء بورتسودان وبعضها دخل الميناء، وبالفعل ذابت تلك الأزمة كأنها دخان تبدَّد في الفضاء..
ولم يكن هناك حتى وقت قصير أي أسباب تؤدي إلى حدوث نقص حاد في الوقود خاصة البنزين والجازولين، وربما تكون الحرب الدائرة في دولة جنوب السودان وتوقف الإنتاج في حقول البترول بالجنوب، هي أحد أسباب شح الوقود والمحروقات، لكنها لن تكون على الإطلاق مبرراً لأزمة كبيرة كالتي أطلت برأسها ودهمتنا بقوة.. ونسبة كبيرة من الوقود تستورد من الخارج!
قد يخرج علينا أحد المسؤولين ليقول إن عدم قدرة بنك السودان على توفير النقد الأجنبي لمقابلة الاحتياجات الضرورية من الوقود والدقيق والغاز، هي التي فاقمت الوضع وربما يزداد تعقيداً خلال الأيام القادمة، فهذا القول مردود على صاحبه، لأن الحكومة السابقة ملأت رؤوسنا وحشتها حشواً بقولها عند إقرار سياسة رفع الدعم في سبتمبر من العام الماضي، أنها بعد رفع الدعم ستكون لديها وفورات مالية تُخصَّص لمقابلة الكثير من الاحتياجات ولمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات وستتمكن من توفير ما يحتاج إليه قطاع الاستيراد.
كل تلك الاقوال كذَّبها الواقع، ولا وجود لها… نسمع عن خلو وفاض البنك المركزي وتأكُّل احتياطاته من النقد الأجنبي وعدم قدرته على الإيفاء بكل الالتزامات الواجبة، فاليوم الدقيق والوقود والغاز، وغداً بلا أدنى شك ستدخل سلع أخرى كالدواء في الدائرة الجهنمية للشح والندرة، ولا تزال السلع الكمالية تملأ الأسواق والأغنياء يزدادون غنى والفقراء ينحدرون إلى أعماق ما تحت خط الفقر والحكومة مكتوفة الأيدي تنظر في حيرة إلى هذه الأزمات المتوالية والمتتالية حتى يدهمها الغرق!
إذا كان ما يحدث بفعل فاعل.. فأين الأجهزة الأمنية والرقابية ومؤسسات الدولة؟
وإن كانت من سوء التخطيط والمتابعة والإدارة… فنحن في حاجة عاجلة لأذرع حكومية قوية وفاعلة وقادرة.. وهمَّة عالية ورجال أكفاء!
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

تعليق واحد

  1. انا داير اعرف حاجة واحدة بس ال300000 دولار الدفعها مجلس الهلال لحل ديون الاجانب وكاش جابوها من وين هل من البنوك ؟ وبالسعر الرسمى فى وقت يحتاج فيه الناس للدواء والدقيق ام من السوق الاسود فيكون السؤال اذا كانت السلطات تطارد بائعى العملة ناس الف والفين بيقبضوا فيهم اين هم من هذا المبلغ الضخم ولم لم يحاسبوا اين العدل. مما سبق نعلم ان الازمة فى سوء ادارة الدولة فقط