تحقيقات وتقارير

مأساة “روان” تعرضت لعمليات كادت أن تودي بصحتها وتتسبب لها بالشلل التام.. الأخطاء الطبية لا زالت تترى

لم تدخل الجامعة التي حلمت بها وتلتحق بإحدى كلياتها، بل دخلتها من باب آخر وهي المنتديات التي تقام في نشاطاتها، (روان فاروق الجاك)، ابنة السبعة عشر ربيعا، تعرضت في ليلة حالكة الظلام لحادث مروري أرقدها طريحة الفراش مصابة بكسر في الفخذ والساق بالرجل اليمنى وكسر مفتوح في الفخذ الأيسر، بينما تعرض أفراد أسرتها لكسور متفاوتة تم إسعافهم إلى الحوادث، ليتم تحويلها هي وشقيقتها لاحقاً إلى المستشفى لتبدأ من هنا رحلة المعاناة مع المرض والكسور لمدة عامين أو يزيد قليلا مع كثرة الأخطاء الطبية التي تعرضت لها داخل وخارج السودان، (روان فاروق) التي تدير المكتب الإعلامي بمجموعة (نحن عشانكم) الخيرية نالت حب الجميع، فقادوا حملة تضامنية معها (كلنا روان فاروق)، وأوقفوا جميع نشاطات المجموعة لتكريس الجهد ومساعدتها وتيسير سفرها للعلاج بألمانيا.

بعد أن تم إسعاف (روان) وتحويلها إلى المستشفى تم إجراء عملية مستعجلة وتركيب مسطرة في الرجل اليمنى، أما اليسرى التي تعاني من كسر فلم يتم تنظيف الجرح بطريقة سليمة وصحية، قطع الدكتور عظمة من الحوض لترميم منطقة الفخذ وربط مسطرة وتم لف الجرح فقط، أما شقيقتها التي تعاني من كسر الترقوة فقط ولم يكن بها جرح تم إجراء عملية مسطرة بالفخذ الشمال والترقوة الشمال، وبعد ذلك تم وضعها في العناية المكثفة لمدة يوم أو اثنين وبعدها إلى الغرف.. (روان) منذ اليوم الثاني أصيبت بحمى جعلتها تهذي.. ثمة التهاب في الجرح بينما كانت الفحوصات الروتينية تقول أنها مصابها بملاريا وتايفويد! وبعد مرور أسبوع أتى الطبيب المتابع لحالة (روان) وشقيقتها التي تقابلها في ذات الغرفة، وبدأ مهامه بأختها التي وجدها بصحة وعافية، ثم عرج إلى (روان) قائلاً: “إنتي لحدي هسي ما قمتي ليه، باين عليك مدلعة.. أنا عامل ليك شغل عالمي”، ومن هنا بدأ الصراخ وهي ترد بأنها لا تشعر برجلها اليسرى بسبب الذي يحدث فيها. قام الطبيب بفتح جرح الرجل اليمنى ليجده نظيفا، قبل أن يفتح الرجل اليسرى فوجئ بفظاعة الجرح الذي أضحى ملتهباً، بل وصل الالتهاب إلى العظم، ما جعله يقرر بسرعة إدخالها عملية مستعجلة في ذات اليوم.. قام باستخراج المسطرة والعظم المزروع من الحوض للفخذ، كما بتر جزءً من العظم لأن الالتهاب قضى عليه ووضع لها (تثبيت خارجي) معالج الجروح والالتهابات، وعلى ذلك تم تحويلها للتجميلية لمعالجة الجروح.

شهران قضتهما (روان) في المتابعة، ناء خلالهما جسدها بمعاناة لا تقوى على تحملها مناعة فتاة في السابعة عشر من العمر.. كانت تذهب كل خميس للمستشفى والجراحة التجميلية فيطمئنونها بأن الجرح في أفضل حالاته. الطبيب الذي أجرى العملية في غياب تام طيلة الشهرين، أما نائبه فلم يتعامل على أساس أنها مريضة، بل رفض حالتها برد واحد: “إنتي ما متابعة معاي” ويرجعها للذي قام بإجراء العملية رغم أنه كان في (الإستاف) المعالج، وبعد أن تم الانتهاء من التجميلية وتحويلها إلى الطبيب لأن فترة العلاج انتهت، كانت المفاجأة أن الطبيب لم يكن موجودا بالمستشفى، فخضعت حسب توجيهات النائب إلى صورة أشعة وتحاليل أظهرت أنها لا زالت تعاني من الالتهاب ولابد من إجراء عملية مرة أخرى لبتر الجزء الملتهب وإرجاع التثبيت الخارجي، لم تقتنع (روان) وأسرتها بذات التقرير لتنتهي فترتها في المستشفى.

ومعاناة أخرى تنتهي هنا لتبدأ في مستشفى آخر؛ بدأها الدكتور المتفاجئ بحالتها بعملية في اليوم التالي.. حالتها لم تكن مطمئنة فكان من الممكن بتر الرجل لو لم تنجح العملية، لأن الالتهاب كان منتشرا بشدة، أجريت العملية وأصبحت متابعة مع الطبيب وبعد (5) أيام وأثناء الغيار انهارت مغمى عليها داخل غرفة العملية ويتوقف قلبها عن النبض، ليعود بالصدمات الكهربائية وتم عمل أنبوب للتنفس. قضت روان (72) ساعة بالعناية المكثفة تتنفس بالأنبوب، يتم نقلها للمنزل بعدها وهي في حالة لا وعي، قررت (روان) السفر إلى القاهرة إلا أن القدر رمى بها في ذات الخطأ الأول الذي ارتكب في المستشفى الأول، فلم يكن أمامها سوى الخضوع لعملية استخراج مسطرة، وبذا تكون انتهت العمليات لتعاني بعدها من التهاب عظم كسر في الفخذ الأيسر، فُقد حوالي 10 سم من العظم، تسبب في مشكلة في الحوض الشمال ثم تيبس في الركبة الشمال، وتلف في عضلات الفخذ الأيسر، روان أيضاً مهددة في السلسلة الفقرية (ما قد يتسبب لي في إعاقة وشلل مستديم) كما تقول.

الشابة التي تكبدت الأشهر والليالي والساعات الطوال من الألم لم تنته معاناتها.. أكبر اختصاصي العظام في السودان قرروا سفرها إلى ألمانيا لتلقي العلاج الذي بلغت تكلفته (800) جنية سوداني ولا زالت (روان) تقف على دعامة خشبية وتعلية مقاسها (10) سم لترتفع بها إلى أن تبلغ من العمر (20) عاما لضمان عدم نمو عظم الحوض

اليوم التالي