حوارات ولقاءات

عبد الرحيم حمدي: مثلث حمدي اخترعه الآخرون


[ALIGN=CENTER][/ALIGN] رجل ملأ الدنيا وشغل الناس اقتصادياً وسياسياً.. وهو رجل عالم وموسعي..ومثير للجدل.
بدأ صحافياً وكاتباً.. ودرس الاقتصاد بجامعة الخرطوم.. شغل مناصب عليا خارج الوطن وفي مصارف عالمية.. اول من ادخل سياسة السوق الحر في الاقتصاد السوداني.. والتي اثارت الكثير من الجدل وسط اهل الاقتصاد والمال.
وعبدالرحيم حمدي الخبير الاقتصادي العالمي ووزير المالية الاسبق..رجل ممتليء ثقة بنفسه.. وبعلمه.. وبقدراته.
وهو من وزراء المالية الاكثر حرصاً على المال العام.. حتى ان احد الظرفاء قال لا ادري كيف كنا نعمل مع عبدالرحيم.. ان كان اسمه عبدالجبار. عبدالرحيم حمدي نشأ في اسرة متدينة ومستنيرة.. ومن صفاته اللافتة انه صاحب قرار.. ويملك قدرة كبيرة على اتخاذ القرار مهما كانت درجة صوابه أو اعتراض قلة من الناس عليه، للرجل صبر لافت.. وقدرة هائلة على الحوار وهو صاحب صدر واسع.
لمدة ثلاث ساعات كنت في حضرة الاستاذ عبدالرحيم حمدي.. استمتعت كثيراً بالحوار معه واستفدت كثيراً من معلوماته ومن علمه ستبحرون معه في سبع حلقات ممتعات.
شكري لاستاذنا عبدالرحيم حمدي للتحدث والاستجابة.. ولصبره الطويل واستعداده الذي لا حدود له.. نسأل الله له الصحة المستدامة.. والعطاء المتواصل.
———————————————————————————————————-
س: هناك أزمة اقتصادية تجتاح العالم، هل هناك أثر حقيقي على الاقتصاد السوداني من هذه الأزمة الأمريكية، وإن كانت الإجابة نعم ما هي وسيلة معالجة ذلك؟
الأثر حقيقي، والحكومة الآن تكاد بالكاد توفي بإلتزامات المرتبات، أما التزامات التنمية فقد توقفت والتزامات التسيير بالولايات ستتوقف، وستزداد حدة الأزمة في الربع الثاني أو الثالث على الأكثر، أداء الربع الأول كانت نسبته سبعين بالمائة من المتوقع، والثاني سيكون أصعب، أما الثالث فتسوء الأمور أكثر، أما الرابع فربما لا يأتي أصلاً ، لا شك أن الأمر فظيع للغاية، وفي تقديري أن الحلول أولاً يجب أن يخرج قرار بأن يدفع الناس نفس مستوى ضرائب العام الماضي وإن أمكن بتخفيض عشرة في المائة، ولا يوجد نشاط اقتصادي يبرر زيادة الضرائب، والمخرج للإنتاج الحقيقي في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات هو الاستثمار الخارجي، وأخشى أننا ضيعنا الفرصة بالفعل، كنا نقول هذا الكلام قبل أكثر من سنة، وفي فترة هروب الاستثمار من الغرب جراء الأزمة المالية أضعنا الوقت وفرضنا مزيداً من الضرائب على الاستثمار، الحل للتنمية هو الاستثمار الخارجي، الأوراق المالية لدينا فيها انجاز رهيب إذ وفرنا أربعة مليارات دولار خلال الأعوام الماضية عبر طرح أوراق مالية معظمها أتي من الخارج، وأيضاً تنكرنا لها وخفضنا عائدها ولا تزال هناك فرصة للحصول على أوراق مالية إذا أحسنا تصميمها بعائد معقول، نحن نطرح أوراقاً مالية بخمسة في المائة، أندونيسيا طرحت أوراقاً بثمانية ونصف في المائة وحصلت على اكتتاب ثمانية أضعاف، البحرين ستطرح والسعودية وسنغافورة، ولابد أن نحسن تقديم الضمانات، ضماناتنا لا تزال ضعيفة إضافة الى المشاكل السياسية، لابد أن نحسن طرح الأوراق المالية ويمكن أن تسعفنا لأنها سريعة العائد وتأتي بسرعة، هناك موضوع الاستلاف لكنه صعب جداً حتى من الدول الصديقة، والبديل هو مشاريع البور، وحتى هذه فإننا إذا لم نمنح الدول إغراءات كبيرة فلن تأتي، وأنا مندهش للقول بأننا سننزع الأراضي من الأردن إذا لم تستغلها، هل كانت هذه الأراضي مستغلة أصلاً، وصدر كلام رسمي بأن الأردنيون إذا لم يأتوا فستنزع الأراضي، يجب أن نقيم شراكات ذكية، وقد أتتنا تحذيرات من بعض الدول العربية بأنكم لو لم تعطونا عروض مناسبة فسنذهب إلى أوكرانيا وتركيا، الاستثمار الأجنبي يجب أن نيسر له ونمنحه، كذلك الأوراق المالية، ومشاريع البور، وأهم شيء أن تيسر للجهات الداخلية وليس أن تثقل كاهلها بالضرائب، وإذا لم يستطع القطاع الخاص أن يدفع الضرائب فإن الحكومة ستغرق، المشكلة في المرتبات والتحويل للولايات، كما أن التنمية وقفت تماماً، واعتقد أن من الممكن إقامة صناديق خاصة بالتنمية، إذا وقفت التنمية ستزيد العطالة وهي أخطر من التضخم، ولكن أيهما أخطر أن تكون هناك دخول رغم التضخم أم أن يكون الناس بلا دخول ونحن في سنة انتخابات، بالنسبة لي الخيارات واضحة ولو أدت إلى تضخم، وهناك أشياء في صالحنا مثل فاتورة الاستيراد التي انخفضت بسبب انخفاض الأسعار العالمية، كذلك الصناديق والأوراق المالية تأخذ السيولة الزائدة من الاقتصاد، لكن الحكومة أرجعت ثلثي الأموال التي أخضرها الناس أخيراً، أتتها عشرات المليارات وأرجعتها..
س: ما السبب؟
يقولون إنه سبب فني لعدم وجود مكون لشهادات شهامة، طيب، الصكوك موجودة ولا تحتاج لمكون، تحدد حجماً وتطرحه، هناك أشياء إذا طرحت توفر مكوناً ضخماً، هناك كنانة ولمصفاة، يجري العمل عليها، وهناك الكهرباء، وبنك أمدرمان الوطني الذي دعا الرئيس لخصخصته قبل عامين ونصف، هناك مكونات يمكن للناس أن يتخطفونها خطفاً، مصفاة رابحة وخط أنابيب، أنا مندهش من عدم الفعالية، والزمن يجب ان لا يضيع وأسوأ شيء هو العطالة، أذكر أن الحرفيين اجتمعوا بي في وزارتي الأولي وقالوا لي لا تحرروا الأسعار فحسب بل أفعلوا أي شيء لتجعلوننا نعمل، مالنا والتضخم، وسمعت مديري البنوك المركزية الغربية الآن يقولون إنهم يتناسون الحديث عن الكتلة النقدية والتضخم ويريدون أن يحركوا الاقتصاد، نحن الآن نتكلم عن اقتصاد يحيا أو يموت، نريد عدم استقرار اقتصادي، نقولها صراحة، وإلا سيحدث موات اقتصادي ونواجه صفوف العطالة، في الخارج يعطون الناس رواتب عطالة يأكلون منها، نحن ليست لدينا أموال ندفعها للناس، فليسعد النطق إن لم يسعد الحال، نقول للناس اذهبوا واعملوا وادفعوا لنا ضرائب إن استطعتم ولن نضايقكم.
س: أسعار البترول في تدن، هل تتوقع انخفاضاً أكثر؟
دراسات كثيرة تعتبر أن الأسعار تقليدياً سترتفع قليلاً، لكنني أعتقد أنها ستنهار، وهناك عوامل غير متوقعة كالانفلونزا، أي هبوط في الاقتصاد الحقيقي يؤثر على البترول.
س: هل ما زلت تحلم بالمثلث الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، وما الذي كان يعنيه حينها ولماذا لم يصل مثلثك الأبيض غرباً وحلفا شمالاً والدمازين شرقاً؟
المثلث كلمة واسعة ولم أذكرها وما ذكرته محور، وكانت تلك استراتيجية انتخابية إذا طلب مني المؤتمر الوطني أن أضع استراتيجية انتخابية مبنية على الاستثمار الخارجي، كيف نستغل الاستثمار الخارجي لكسب الانتخابات، وعملت من قبل في الانتخابات واقترحت هذه الاستراتيجية بسيارة تذهب وتعود في ذات اليوم، وأن يعملوا في أمكنة يمكن ان يكسبوا فيها وكسبوا فيها من قبل، دارفور الآن ليست للجبهة ولا للصادق المهدي، واقترحت محور دنقلا وسنار وكردفان، والأبيض داخله بالمناسبة، وأهمية كلمة محور أنها فضفاضة تذكر بمحور الحرب العالمية، اليابان إيطاليا وألمانيا، دول بعيدة من بعضها لكنها تمثل محور اتفاق، ومالك بن نبي المفكر الإسلامي كتب عن محور طنجة جاكرتا، ومعظم العالم الإسلامي فوق هذا المحور أو تحته، دنقلا وسنار مناطق امتزج فيها السودان وهي التي ستسقط ناس الجبهة أو تأتي بيهم لأنهم سيقولون لهم انتم تحكموننا، ناس دارفور لا يؤمل أن يصوتوا لهم، ولا الجنوب، وكلمة مثلث اخترعها أناس اعتقدوا أن الفكرة اطلقها المؤتمر الوطني كبالونة اختبار، والمؤتمر الوطني لم يقل إنه ضد هذه الفكرة أو معها، لكن بعد ذلك حاول البعض أن يجعل لها تخريجات فكرية فقالوا نعم هذا هو السودان المسلم والنيلي الممتزج، والجنوب ضمه صمويل بيكر بخطاب من الباب العالي ودارفور ضمت في إطار معاهدة سايكس بيكو وزيري الخارجية البريطاني والفرنسي، وكل ذلك صناعة حديثة والحدود في أفريقيا، هكذا حاول البعض إلباس الفكرة الاقتصادية ثياباً سياسية وثقافية وأنا بعيد من كل ذلك، ومثلث حمدي اخترعه آخرون، ما أراه أن الجنوب سينفصل، النخبة الجنوبية الآن لديها القوة والسلطة والمورد والعلاقات الدولية لماذا تستمر مع الشمال.
س: ما أثر ذلك على الشمال؟
الآثار على المالية العامة كارثية، لأن مالية الدولة مبنية على البترول بنسبة 50%، وانخفضت الآن إلى 31%، وستهبط، وعلى الاقتصاد سيكون أثرها أقل، الشمال سينتهي إلى أنه يدير بيروقراطية عسكرية ومدنية هائلة جداً بلا موارد، والميزانية ستكون كارثة، والدراسات أجريناها قبل الأزمة الاقتصادية العالمية وقدمنا نتائجها للحكومة، البترول معظمه سيمضي على الجنوب إذا وقع إنفصال.
س: سيمضي الجنوب لوحده أم معه جبال النوبة؟
لا أعلم، حسب الخيارات، ودارفور لست متفائلاً بأنها ستستمر، وفي الورقة نفسها التي قدمتها ذكرت أن نستقطب مشاريع في دارفور والنيل الأزرق والجنوب، لكن وضع السودان تخطي الآن هذه الورقة، والناس الآن لا يواجهون هذه المشكلة بصراحة، الأحزاب ليس لديها أي طروحات ويتكلمون فقط عن مؤتمر جامع، يفعل ماذا لا أحد يتحدث وأقصي ما يقولوه أن نتفق على الحد الأدني، ما هو الحد الأدنى، هل ترى الآن أفكاراً مطروحة في الساحة، ليست هناك أفكار، سيضيع هذا البلد لأن قياداتها لا تريد أن تضع الأهداف، وكان هناك حديث بعد نيفاشا أن نحل قضية دارفور بنفس نموذج الجنوب، أين ذلك، ما هو المطروح، لماذا لا يريد الناس ن يفكروا، البلد كأنها سفينة منزلقة نحو شلال، ويركزون على مشكلة اسمها توحيد الحركات، هذه حركات لن تتوحد.
س: ما هو الحل؟
لا اعرف، لو كنت أعرف لقلت لك، الحل أن يطرح الناس أفكارهم، ويحاول الناس أن يتفقوا عليها، انا أعتقد أن السودان يمكن أن يستمر كاتحاد اقتصادي، وتحدثنا عن اللامركزية، لكننا مضينا نحو مركزية اكبر بسبب أن الموارد مركزة هنا، طيب انت تريد أن تمنح الناس كل حقوقهم السياسية، لابد أن تمنحهم كل حقوقهم الاقتصادية، والفكرة التي يمكن ان يجتمع عليها الناس هي وجود مصلحة اقتصادية وحدة، كاتحاد جمركي، وجنسية واحدة، وإذا انفصل الجنوب يمكن أن نوقع اتفاقية للحريات الأربع وحرية العمل، وللجميع مصلحة في أن يستمر إطار اقتصادي اسمه السودان، أن نتجر مع بعضنا وأن يحدث تمازج، وحدث ذلك في الاتحاد السوفيتي فصلوه بهدوء ثم عادوا وتكتلوا اقتصادياً لأن في ذلك مصلحتهم.
س: فيم تفكر الآن أستاذ عبد الرحيم؟
أفكر أن أترك لأولادي وأحفادي شيئاًَ يتعيشون منه قبل أن أغادر هذه الفانية، كان لدي فكرة بنك جديد وتكرم علي بنك السودان برخصة، ويمكن تطوير بعض الشركات القابلة للتطوير، والإذاعة.
س: ما هي هوايتك؟
هوايتي كانت القراءة، لكنني لا أجد وقتاً لها مع العمل، كما أنني مشغول بالالتزامات الاجتماعية.
س: هل تجد وقتاً لاستماع الأغاني؟
نادراً.
س: في السيارة؟
نعم.
س: متى يستيقظ عبد الرحيم حمدي ومتي ينام؟
بعد صلاة الصبح أنام قليلاً، وأصحو تماماً في السابعة والنصف، وأنام ما بين الحادية عشرة والثانية عشرة منتصف الليل وفقاً لليوم ومجهوده.