ماذا تقرأ هذا المساء ؟!
قبل ايام استوقفني سؤال تقدم به استاذنا وجدي الكردي إلى أصدقاءه في الفيس بوك، مستعينا بافادة للكاتب التركي (اورهان باموك) الحايز على جائزة نوبل للآدب، بعد أن اعاد صياغتها بما يوافق اسلوبه الجذل المثير للجدل في اروقة الاسافير .. قال مخاطبا اصدقائه:
(أعلم رعاك الله وأصلحك وعلى ذمة (أورهان باموق)، أن هناك كتباً انتقل قراؤها من (بت العرقي) إلى المساجد، وكتباً أخرى تحوّل قراؤها من مواطنيين عاديين، إلى ثوار أو مُصلحين ) نفسي أسألك:
ما الكتاب الذي تقرأه الآن؟!
حاولت أن اتوقف لاجيب عن السؤال واسترجعت سريعا آخر الكتب التي طالعتها لادلي بدلوي في خضم التعليقات، ولكن تراجعت وامسكت يدي حال اكتشافي انني لا أذكر أنا مدمنة القراءة السابقة آخر مرة امسكت فيها بكتاب، ناهيك عن ان اجلس الى خير جلساء الزمان منادمة، فآخر مطالعاتي كانت تصفح سريع لبعض الروايات المترجمة القديمة في رمضان، عثرت عليها بعد النكتي الذي طال مخازني بغرض الرحول ..
يا حليلنا منها الزايلة .. مازلت اذكر كيف كان اخوتي يمارسون التريفة على جلوسي طوال ساعات اليوم بين صفحات الكتب لا يلهيني عنها لا نوم ولا أكل ولا محاولة الانجقادة، حتى ان شقيقاتي يزعمن بأن العنكبوت كان ينسج خيوطه عليّ لطول جلوسي طول اليوم دون حراك الا حركة تقليب صفحات الكتاب ..
الغريبة انني لم امتلك في صباي اي كتب مكتبية، بل كنت استعين في ارواء نهمي الشديد للقراءة من ما يتوفر في البيت من انواع المطبوعات المختلفة .. روايات عربية واجنبية .. الغاز ومغامرات بوليسية .. مجلات مصورة واخرى اجتماعية .. كل انواع الكتب كانت تتوافر في البيت نتيجة حركة التبادل والتسليف بين اخواتي الاكبر وزميلاتهم في المدرسة، تلك الوفرة التي كانت تعكس مدى هوس جيلنا والاجيال السابقة بهواية القراءة .. لم اكن اعدم يوما ان اجد كتابا لاطالعه فان لم اجد في البيت جديد، توجهت لاقرب بيوت الجيران وحملت منهم رزمة مجلات أو روايات على ما قسم ..
سبحان الله مغير الاحوال ! كثيرا ما اناكف ابنتي البكر الان بأنني عندما كنت بمثل عمرها، كنت قد قضيت على الاخضر واليابس مما انتجته المطابع العربية وقبلتا على الانجليزية .. هل يتخيل ابناءنا اليوم أنه لم يكن هناك بيت لا تتوفر فيه المطبوعات .. كتب .. مجلات وحتى المجلدات .. وكيف انحصر وجودها الان على ارفف المكتبات العامة وفترينات صوالين بعض المثقفين ..
بمناسبة توفر الكتب، هناك حكمة تتهم من يقوم بتسليف كتاب بالحمق وتدعي ان الاحمق منه هو من يعيده .. عندما سافرت للدراسة بمصر كنت اعود في الاجازة محملة بـ(كراتين) الكتب من رخيص سلسلة كتب الهلال وحتى نفيس الكنوز مثل رياض الصالحين والتفاسير والموطأ .. وفي نيتي ان اكون مكتبة تنافس مكتبة الاسكندرية ولكن أمي رحمها الله كانت تمارس كرمها الفياض في تبديد مخزوني في غيابي .. كل من زارنا من الاهل والمعارف وتعثر في كراتيني اهدته منها امي حتى اكتفى:
شيلوها طوالي .. مافي مشكلة .. دي كتب بتجيبها منى معاها من مصر .. حلفو قالو ليك الكتب هناك بتراب وشها !!!
وهكذا تسربت كنوزي من يدي وما تبقى منها حمله شقيقي الاكبر معه لبيته بعد زواجه .. يقشر بيها على النسابة ولا يهرب بيها من نقة المدام ما عارفة !!
حسنا يا جماعة، من المعلوم أن القراءة تعتبر من المهارات الأساسية التى يجب أن يرتكز عليها طالب المعرفة، فهي تسهم في صناعة الفرد وتدعم ثقته بنفسه وتساعد على تنمية لغته، ولكن من يتأمل واقع مجتمعنا المعاصر يدرك التراجع والانكماش الشديد الذي تشهده القراءة، في مقابل تنامي اهتمامات سطحية ادمنها الكبار والصغار عبر شبكات التواصل الافتراضية، التي سرقت من الجميع متعة المباشرة الحسية ورمتهم في دنيا من التهيؤات .. المشكلة ان هذا الإهمال الذي طال هواية القراءة، يهدد بحدوث عواقب خطيرة في المستقبل كفقدان الهوية وضياع الموروث التاريخي وقلة المنتج المعرفي.
من هذا المنطلق فإن غرس بذور التجديد والإصلاح وتعويض ما فات يتم من خلال محاولة اعادة بناء الشباب بناء سليما، وذلك بتعليمهم مهارات وأساليب القراءة الحديثة والسعي نحو نشر المكتبات، والتركيز على دور الوالدين في ابعاد الطفل من امام شاشة التلفزيون وتوثيق الصلة بينه وبين الكتاب منذ نعومة اظافره، وكل هذا يجب إن يتم بتكاتف الأدوار بين جهات متعددة هي الأسرة والمدرسة والإعلام والمراكز الثقافية والجهات الحكومية .. باقي لي عندنا وزارة مسئولة عن الثقافة مفروض يكون دا همها .. ولا ما كدي ؟!!
مخرج:
شخصيا حاولت ان اعيد للكتاب سلطانه القديم في بيتي وسعيت لاقتناء مكتبة انيقة بيضاء تسر الناظرين وضعتها في صالوني ثم نفطتا الغبار عن بعض ما اهداني اساتذتي من مطبوعاتهم الحديثة ووضعتهم في رفوفها، فكان ان حضر اخي في اول زيارة لي بعد وضع ضلفة الاساس لمكتبتي الجديدة وحمل آخر اصدارات استاذنا الفاتح جبرا التي كنت اتعوجب بها واضعها في واجهة تحت اباطه وخرج .. دي أمه يسو ليها مكتبات وللا يثقفوها دي ؟!!
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
جزاك الله خيرا – فنحن امة اهدانا الله احسن الكلام – كتاب الله – واكاد اجزم بانه قد كان آخر كتاب كان بين يديك – حال كل المسلمين – فنحمد الله علي ذلك حمدا يليق بهذه النعمة فعلينا بتعليمه اجيالنا لان فيه غذاء الروح والعقل وتوجيه لسلوك الجسد فهو الشافي والكافي