منوعات

حسن ساتي.. رجل يستحيل إلى برج !

قريبا، سيرتفع أول برج لمؤسسة صحفية في قلب الخرطوم.
كانت تلك احدة من أمانيه الصحفية- وما أكثرها- لكن تلك الطعنة في القلب، التي أسرع بها إلى مستشفى ساهرون، بددت في عينيه التي أغمضهما الغمضة الاخيرة، أن يرى البرج يرتفع، ويرتفع.
حسن ساتي..

كانت الصحافة حبه الأول.. وكانت ضرة زوجته الكريمة، وكانت شغله الشاغل، وأكبر همومه.. وكان يتطلع باستمرار- في أنفة من امتلك ناصية مهنته- أن يجعل منها بحق صاحبة بلاط، وسلطة.

ترأس مجلس إدارة ورئاسة تحرير (الأيام) منذ أواخر السبعينات. تعلمنا منه كيف نكتب المانشيت، وندير الحوار.. وكيف نلخبط الدنيا بتحقيق مشغول، وكيف ندخل إلى كتابة الزاوية اليومية، وكيف نخرج منها بالفلستوب الأخير، وكيف.. كيف نمد صوتنا بالسؤال، أمام أي مسؤول، دون رعشة، وكيف لأقلامنا ألا ترتعش على الإطلاق!

كان مدرسة صحفية خرجت اجيالا، هم الآن في مراكز متقدمة، في صناعة الصحافة في السودان.. وكان.. كان برا حفيا بهذه الصناعة: يكفي أنه أول من أدخل النقر على لوحة الكمبيوترات في تلك الصناعة بالسودان… ويكفي أنه حين طعنه قلبه، تلك الطعنة، كان وهو في طريقه إلى مستشفى ساهرون، لا يزال يحلم ببرج لصحيفته التي أسسها- بعد عودته من الشتات: صحيفة (آخر لحظة).

هل كان الأستاذ حسن ساتي، يتفرس في مصيره مع تلك الطعنة، وهو يختار( آخر لحظة) اسما لصحيفته؟

لآخر لحظة، كان في باله مانشيت، وكان في باله حوار، و(سيناريو) ربما كان عن تلك الطعنة التي في القلب.. وفي اليوم التالي كان هو مانشيتا مبكيا في (آخر لحظة) وكل صحف الخرطوم.. وكان كثيرا بتلاميذه وأحبابه وأصفيائه وكل الذين يعرفون شطارته وأفضاله، وهو في الطريق إلى الضفة الآخرى، مجرد نعش، والناس يبكون.

أحلام الرجال الذين رحلوا، ينزلها إلى أرض الناس رجال.

كنتُ سعيدا جدا،والأستاذ فقيري- المدير العام لصحيفة آخر لحظة-يقول لي- في الخرطوم قبل أيام- أنه قد فتح درجه، وأخرج قبيل اجتماع لمجلس الإدارة حلم حسن ساتي. أسعدني أكثر وهو يقول لي أن مجلس الإدارة أجاز بالإجماع، تشييد البرج، مهما كانت التكلفة.

فقيري كان يقول لي مايقول، والمهندس المعنى بهذا الصرح الصحفي، كان إلى جواري، في يده( الكروكي)

وعلى فمه مشروع ابتسامة، وروحه كلها مفعمة بروح التحدي.

أيها الناس.. الأستاذ حسن ساتي، هو الآن مشروع ( TOWER) في قلب الخرطوم.

أيها الناس.. من الناس من يشمخ في هذه الدنيا حيا.. ومن يشمخ فيها ميتا.

طوبى للرجال من أمثال حسن ساتي.

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. إنه رجل بقامة وطن وكان صاحب كلمة وراي سديد فيما يكتب
    نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يكتبه مع الشهداء والصديقين