محمود الدنعو

لقاء الجريحين!

[JUSTIFY]
لقاء الجريحين!

في عالم رياضة كرة القدم عندما يتقابل فريقان في منافسة ما، وكلاهما كان مهزوما في اللقاء السابق جرى الاصطلاح الصحفي أن يطلق على هذا اللقاء بلقاء الجريحين، ويكتسب أهمية كونه لقاءً للتعويض أو مسح الأحزان، وبالتالي نستطيع أن نستعير الوصف الرياضي للقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند برئيس الوزراء التركي رجب طيب أروغان والذي يأتي ضمن زيارة هولاند لتركيا حاليا.
الرجلان جريحان، وليس الضيف بأفضل حالا من المضيف، فهولاند الذي بات يلحقه لقب الرئيس الأعزب ترك باريس، وهي تغلي في يوم الغضب وأصوات المتظاهرين المطالبين باستقالته كانت تصل إلى قصر الأليزيه، وربما شيعته حتى المطار ليغادر إلى تركيا وأصداء التظاهرات وقبلها الانفصال عن شريكته التي غادرت هي الأخرى إلى الهند ترافقه في زيارته الأولى إلى تركيا بل الأولى لرئيس فرنسي منذ زيارة الرئيس فرنسوا ميتران في العام 1992 التي افتتح خلالها جامعة (جالاتا ساراي) الفرنسية في إسطنبول، التي مثلت حجر الأساس في التعاون الفرنسي التركي.
إذن حضر هولاند إلى تركيا وظهره مثقل بالوضع الداخلي سواء داخل فرنسا أو داخل بيته هو، ولكن مضيفه أردوغان ليس أفضل حالا، حيث يعيش أياما عصيبا بسبب الكشف عن ملفات الفساد، وتأتي زيارة هولاند في فترة تشهد فيها تركيا توتراً سياسياً كبيراً. ففي الأسابيع الأخيرة رد نظام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بقسوة على الملاحقات القضائية في حق عشرات من المقربين من الحكومة الإسلامية المحافظة للاشتباه بتورطهم في قضايا فساد، وأجرى عمليات تطهير غير مسبوقة في أوساط القضاء والشرطة، ولعل الاختبار الأصعب أمام هولاند هو تجنب توجيه النصح المباشر لأردوغان بالمضي في طريق الاصلاحات حتى لا يعود الجليد إلى العلاقات الثنائية التي كانت متوترة قبل وصول هولاند للحكم في العام 2012، ففي عهد سلفه ساركوزي وصل علاقات البلدين أدنى مستوى لها، بل إن تركيا فرضت عقوبات ضد فرنسا، وعلقت التعاون السياسي والعسكري بين الجانبين.
ويتوقع المراقبون أن تشكل زيارة هولاند نقلة نوعية في العلاقات الفرنسية التركية، وأن تضع حدا لحالة الجفاء والتوتر التي سادت بينهما طوال السنوات الماضية.
ولكن طبيعة الملفات التي سيناقشها الرئيسان لن تجعل المهمة سهلة في تدشين عهد جديد لعلاقات البلدين لتعقييد الملفات ولانشغال كل طرف بهمومه الخاصه التي ستلغي بظلالها في مسارات التفاوض التي تشمل بحسب البيانات الرسمية مسار العلاقات الثنائية بين البلدين سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادى، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول الاتحاد الأوروبي والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك لاسيما الأزمة السورية والقضية العراقية والبرنامج النووي الإيراني.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي