محمود الدنعو

اتفاق للسلام في مالي


بعد ثمانية أشهر من المفاوضات بين حكومة مالي وست مجموعات مسلحة في شمال البلاد برعاية جزائرية توصلت الأطراف المتنازعة إلى التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق سلام أمس الأحد على أن يوقع عليه لاحقاً في العاصمة المالية باماكو في تاريخ لم يحدد بعد.

وهي خطوة تدعو إلى التفاؤل بإمكانية حسم الصراع في مالي التي باتت تلفها الفوضى والاضطراب السياسي والأمني، وتلقي تلك الفوضى بظلالها على مجمع الأوضاع الأمنية في الساحل والصحراء الأفريقي، فانفراط الأمن في مالي كان سببا رئيسا في تفاقم نشاط الجماعات المتشددة خصوصا بوكو حرام، وأدى إلى نشر الفوضى في ليبيا وبات مهددا رئيسا لشمال وغرب أفريقيا، ولعل هذا التهديد ضمن أسباب أخرى دفع الجزائر إلى الوساطة ورعاية هذه المفاوضات الطويلة والشاقة.

وينص مشروع الاتفاق الجديد على “إعادة بناء الوحدة الوطنية للبلاد على قواعد تحترم وحدة أراضيها وتأخذ في الاعتبار تنوعها الإثني والثقافي”.

أهم نقاط الاتفاق أنه لا يتحدث عن حكم ذاتي كما ترغب باماكو ولا عن نظام فيدرالي، ويشدد على الوحدة الترابية وسلامة وسيادة دولة مالي وعلى طابعها الجمهوري والعلماني.

في المقابل، يعتبر الاتفاق تسمية (أزواد) التي يطلقها المتمردون على منطقتهم (حقيقة إنسانية)، ملبيا بذلك رغبة المتمردين وأغلبهم من الطوارق. وينص الاتفاق على تشكيل مجالس مناطقية تنتخب بالاقتراع العام المباشر وتمتلك صلاحيات مهمة، وذلك في غضون 18 شهرا. كما ينص على “تمثيل أكبر لسكان الشمال في المؤسسات الوطنية”.

على الصعيد الأمني ينص الاتفاق على إعادة تشكيل القوات المسلحة من خلال انضمام مقاتلين من الحركات المسلحة في الشمال إلى الجيش. من جهة أخرى، فإن الاتفاق ينص على قيام لجنة تحقيق دولية بالتحقيق في كل جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية وسائر الانتهاكات الخطيرة التي شهدها النزاع.

إذن الاتفاق بهذه البنود يبدو شاملاً وباعثاً على الأمل في إنهاء واحدة من أكثر الصراعات الأفريقية أثراً وتأثيراً على محيطها.

كما أن المشاركة كانت واسعة وممثلة لأغلب المكونات السياسية والإثنية لمالي مما يقلل من إمكانية الخلاف حولها، حيث شاركت في المفاوضات المجموعات الست المسلحة، وهي (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) و(المجلس الأعلى لوحدة أزواد) و(حركة أزواد العربية) و(حركة أزواد العربية المنشقة) و(تنسيقية الشعب في أزواد) و(تنسيقية حركات وجبهات المقاومة الوطنية).

التوقيع النهائي على هذا الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ في مقبل الأيام من شأنه أن يساهم في استقرار المنطقة التي باتت منذ قيادة فرنسا لتحالف دولي لإنهاء انقسام البلاد في العام 2013 ملاذا للجماعات المتشددة التي تبث الفوضى في الإقليم وتهدد الأمن والسلم في القارة الأفريقية.