تحقيقات وتقارير

تمويل الحملات الانتخابية..(السمين بقع والضعيف بقيف)


لم تكن كلتوم بت الطاهر وهى تنظر الى معزتها التي أرهقها حشاش الأرض أن قطيتها الوحيدة سوف تهبط فيها طائرة لتهشمهما غير أن من قلائل الحظوظ أن يتم تعويض مجزي لشخص تضررت ممتلكاته من قبل جهة ما.. التعويض المجزئ الذي تلقته كلتوم يشير الى أن الصرف البذخي الذي بدا ينتاب الحملات الانتخابية دون ضوابط واضحة من قبل المفوضية..
حالة الارتباك السياسي الذي بدا الحملة الانتخابية، يؤكد أن هناك عدم وعى بجدية البرامج التي طرحت أو التي يراد طرحها مع وجود إشكالات فنية في الخطابات السياسية للمرشحين.

حظوظ التفوق الانتخابي بدأت تظهر جليا من خلال التدشينات الضخمة من قبل بعض الأحزاب السياسية التي لها المقدرة المالية دون الأخريات بالإضافة الى حالة الإحباط العام من قبل المواطنين للحشود الجماهيرية للأحزاب السياسية في بعض الأحيان، وهو ما يؤكد أن تقليدية الحملة الانتخابية لدى الأحزاب السياسية السودانية يعد أمرا متوارثا وبحسب المعهد الديمقراطي الوطني الامريكى فإن الحملة الانتخابية الناجحة، لابد أن تمر بست خطوات رئيسه أولها القيام بالأبحاث والتحضير للحملة ووضع الاستراتجيات والأهداف ثم تحليل واستهداف الناخبين والتي على ضوئها يتم تطوير رسالة الحملة الانتخابية ثم وضع خطة الاتصال للناخبين ثم تنفيذها، ويرى مراقبون أن الحملات الانتخابية التي انطلقت منذ نحو أسبوع من الآن لم تقدم جديدا في برامجها التي طرحتها خاصة، وان كثير من الوعود التي تكررت من قبل المرشحين سواء على مستوى مرشحي الحزب الحاكم من جهة أو مرشحي الأحزاب السياسية الأخرى تشير الى وجود أزمة أبعادية في تصميم الحملات الانتخابية بالإضافة الى الصرف البذخي لبعض الأحزاب دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ويمضى مراقبون الى أن الحملات الانتخابية لم تعد تمثل صكوك الغفران التي كانت تمارس في العصور الوسطى وان جذب البرنامج الانتخابي لابد أن يكون مؤثرا وحقيقيا بالقدر الكاف بالإضافة الى واقعية الطرح الذي يطرح، فيما تذهب مفوضية الانتخابات الى أنها وضعت ضوابط لتحديد سقف معين للصرف على الحملات الانتخابية حيث اعتبر بروفيسور مختار الأصم رئيس المفوضية القومية للانتخابات إن الحملات الانتخابية تمولها الأحزاب السياسية وهى ليست من اختصاصات المفوضية أو مسؤوليتها، وتشير عدد من الأحزاب السياسية التي تشارك في العملية الانتخابية أن عملية التمويل تعد عقبة حقيقية أمام إنفاذ حملاتهم الانتخابية لاسيما وان التمويل يمثل العنصر الأكبر والرئيس في قيام الانتخابات وحجر عثرة لمقابله الصرف على الانتخابات ويرى كثير من قادة الأحزاب السياسة أن السودان بلد مترامي الأطراف ويتطلب من قبل الأحزاب توفير المال اللازم لانجاح العملية الانتخابية من إنفاذ لندوات وليال سياسية وهو ما يحتاج الى تدخل الدولة لتمويل الأحزاب مع التشديد على تطبيق معيار العدالة في التمويل.

ويرى الخبير الاستراتيجي د. كرار محمد إبراهيم أن مسألة تمويل الأحزاب السياسية من قبل مالية الدولة يعد استحقاقا بنص القانون ويجب أن لا يقتصر هذا الدعم على الأحزاب المقربة من الحكومة فقط بل يجب أن يكون هناك موازنة منفصلة من قبل الدولة تعتمد معاير الالتزام الأخلاقي لدخول الانتخابات وحصر الأحزاب التي تريد أن تقود المعركة الانتخابية ثم توزع الأموال عليها بالتساوي ،ونبه د.كرار في حديثة لـ(ألوان) أن قضية التمويل تعد مدعاة للشبهة السياسية حال أغفلت الحكومة هذا المبدأ لاسيما وان في مثل هذه الحالات يمكن أن تأتى أمول من الخارج وهو بنص القانون والدستور ممنوع أن يتم تمويل حزب سياسي داخلي بأموال خارجية ، وبحسب إحصائيات انتخابات عام 2010 التي اعتمدت فيها الحكومة السودانية حوالي (790) مليون جنية كمكون محلى بالإضافة الى (25) مليون دولار من قبل المعونة الأمريكية فيما وفرت الأمم المتحدة (86 ) مليون دولار بينما تعهد عدد من المانحين بتقديم دعم عيني تشير الى أن انتخابات عام 2010 كانت الأكثر حظوظا، بينما انتخابات 2015 لم تلقى الدعم المالي الكافي لها بحسب رأى مراقبين ، كما ينظر البعض الى أن إدارة الحملة الانتخابية التي انطلقت في أيامهما الأولى أشبة بالتي كانت في عام 2010 ويشير مخلص التقرير الذي نشره حزب الأمة القومي عقب نهاية انتخابات 2010 والذي حمل اسمها في الميزان أن هناك كثير من التجاوزات التي وقعت فيها المفوضية والحزب الحاكم على رأسها القوانين المقيدة وعدم إتاحة الفرصة لجمع المال من أعضاء الأحزاب السياسية، انطلاقة الحملة الانتخابية للمرشحين مع التباعد المالي الذي يحدث يشير الى أن هناك ثمة أحزاب سياسية ستخرج من السباق التنافسي مبكرا وهو أمر قد يدخل كثير من المرشحين في حسابات الربح والخسارة..

عبد العزيز النقر
صحيفة ألوان