المرأة المغربية..هل تُحمى فعلياً من جرائم الشرف والتحرش الجنسي والعنف الممارس ضدها
إذا كان العالم يحتفي بعيد المرأة، فالمغرب يشهد احتفالاً بنكهة خاصة، نظراً للإصلاحات المتضافرة التي شهدتها البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي، بدءا من إقرار مدونة جديدة للمرأة التي نتجت عنها تغييرات ملموسة، ساهمت في النهوض بوضعها على مستويات عديدة، أهمها ما تحقق في مجال الطلاق والأسرة والصحة والتعليم والشغل، والحضور في مجالات كانت حكراً على الرجل، فها هي تلج بعزم وإرادة مراكز القرار من خلال تمثيلها السياسي الفاعل، ومن خلال رصدها، بحسها المختلف، لمكامن الخلل والضعف في القرارات والمؤسسات الوطنية، ومشاركتها بفعالية في تحسين الحياة العامة للوطن.
وفي العام 2011، تم إقرار دستور جديد في المغرب، والذي كرس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، لكن قبل ذلك، وتحديداً في العام 2004، عرف وضع المرأة المغربية منعطفاً آخر من خلال تعديل مدونة الأحوال الشخصية التي ضمنت للمرأة العديد من الحقوق من بينها: المساواة في الأهلية القانونية لإبرام عقد الزواج وتحديدها في سن الـ18 عاماً، وجعل الأسرة تحت الرعاية المشتركة للزوجين، وإرساء المساواة في إنهاء الحياة الزوجية.
ولعل من أهم ما جاءت به المدونة الجديدة أيضاً، يرتبط بحذف فقرة من القانون الجنائي المتعلق بإمكانية زواج المغتصب بالمغرر بها. وجاءت المدونة أيضاً بما يضمن للمرأة حماية من جرائم الشرف، عبر تجريم الدعارة، والتحرش الجنسي، والعنف ضد النساء.
وفي هذا الصدد، قالت وزيرة التصامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي في تصريح لموقع CNN بالعربية “قطعنا في المملكة المغربية أشواطاً مهمة في مسيرة تنزيل خيار الديمقراطية والمساواة بين النساء والرجال، بانخراط مختلف الفاعلين من حكومة وبرلمان وأحزاب سياسية ومجتمع مدني، ونواصل رصد إنجازاتها المتميزة لصالح المرأة في مختلف المجالات السياسية، والقانونية، الاجتماعية، والاقتصادية، والمدنية، حيث تم إقرار إصلاحات وتشريعات قانونية كرست حقوق النساء، وتنفيذ إجراءات لتشجيع ولوج المرأة لمراكز القرار.”
وأضافت الحقاوي أن “هناك تطور ملحوظ في مجال جعل الميزانية مستجيبة لاحتياجات النساء، ومواصلة تأسيس آليات ومؤسسات وطنية تعنى بمكافحة التمييز وتعزيز المساواة والإنصاف بين الجنسين، منها مركز التميز في ميزانية النوع الاجتماعي ومرصد النوع الاجتماعي في الوظيفة العمومية، والمرصد الوطني لمحاربة العنف ضد النساء، والمرصد الوطني لصورة المرأة في الإعلام الذي سيعلن عن تشكيلته قريبا”
لكن، تبقى ثمة طموحات وأحلام وتطلعات، مشرعة على مستقبل يعد بالأمال، فالعنف ضد المرأة لا يمكن حصره في قرارات جزرية وتأديبية، بقدر ما يحتاج إلى ممارسة متأصلة في السلوك والمعاملة، وما تربى عليه الرجل خلال مرحلة طفولته داخل البيت والمجتمع على حد سواء.
ويشهد المجتمع المغربي بين الفينة والأخرى، حالات اغتصاب وقصص عنف تهز الرأي العام، ولعل أكثرها وجعاً، هي قصة أمينة الفيلالي، الفتاة التي صدر حكماً في حق مغتصبها بالزواج منها، فما كان منها إلا أن انتحرت في ربيع عمرها.
ويوجد امرأة أخرى تقبع هناك في الحرمان والتعب القاسي والعيش المر، إنها المرأة القروية، التي تقضي يومها في القيام بأشغال شاقة لا تنتهي، ليس لها من منقذ إلا الحلم بغد أفضل، فضلاً عن ظاهرة خطيرة، وهي تشغيل القاصرات سواء في البيوت أو خارجها، وهي ظاهرة ما زالت مسكوت عنها إلى أجل غير مسمى.
اليوم العالمي للمرأة، لا يمكن المرور عليه دون الوقوف على العالم اليومي للمرأة، الحافل بغير قليل من انتظار أفق تغيير حقيقي، يبدأ من داخل البيت، ويسري على عقليات المجتمع ككل.
(CNN)