محمود الدنعو

زلة لسان كيري


ينسب إلى سيدنا علي كرم الله وجهه صاحب المقولات الذهبية أنه قال: “تحدّثوا تُعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تحدث عُرف”، ومن المأثورات العربية “لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك”، وغيرها من الحكم والمأثورات التي تحث المرء على ضبط لسانه لأنه لا شك يفضح دواخلك حتى وإن خلتها تخفى على الناس تعلم، وهو ما وقع فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال المؤتمر الاقتصادي الدولي في شرم الشيخ عندما قال كيري في حفل للإفطار حضره سياسيون ودبلوماسيون ورجال أعمال: “علينا جميعنا بذل الجهود من أجل مستقبل إسرائيل”، إلا أنه سرعان ما تدارك الخطأ التي وقع فيه، وقدم الاعتذار للحاضرين، وصحح عبارته إلى “من أجل مستقبل مصر”.

زلة لسان كيري التي سارعت السفارة الأمريكية في القاهرة إلى تبريرها على أنها جاءت بسبب قلة النوم لدى الوزير وليتها لم تفعل، هي في الواقع ليست زلة لسان، بل سبق أن أعلن الوزير نفسه والرئيس الأمريكي وكل الساسة الأمريكيين بأن مستقبل إسرائيل وأمنها من أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، وبالتالي لا حاجة إلى تبرير ذلك بقلة النوم فقط ربما يكون تأثير النوم على الوزير الأمريكي أنه لم يبين ما إذا كان يخاطب منبرا في إسرائيل أو حتى جمعية الصداقة الإسرائيلية الأمريكية (ايباك) كبرى جماعات الضغط في الولايات المتحدة.

وبينما سخر البعض من زلة لسان كيري وعدها البعض تعبيرا صريحا عن مكنون نفسه، سارعت السفارة الأميركية بالقاهرة، إلى القول إن السبب في زلة اللسان، يرجع إلى تعرض كيري لضغوط العمل، وقالت في بيان لها إن “السفر طوال الليل، وقلة النوم، وحضور الفعاليات صباحاً، كانت السبب” في زلة لسان كيري حينما أخطأ في ذكر اسم.

ووفقاً للدكتور سامح عباس الخبير في شؤون العلاقات الأميركية الإسرائيلية الذي تحدث إلى موقع إيلاف: فإن زلة لسان كيري كشفت عن مكنون نفسه، مشيراً إلى أن التزام أميركا بدعم إسرائيل لا يتزعزع. وأضاف لـ (إيلاف) أن حديث كيري بالخطأ عن دعم مستقبل إسرائيل في مؤتمر لدعم مصر، لا يقدم أي جديد، لاسيما أن العلاقات بين أميركا وإسرائيل إستراتيجية، مشيراً إلى أن اللافت أنه جاء في سياق الحديث عن دعم مصر.

مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل في كل المحافل والمواقف أمر لا جدال حوله، ولا يلام كيري في ذلك مطلقا، المشكلة فقط في أنه قال كلاما في غير موضعه أو خارج سياقه الطبيعي، وبالتالي نجد أن الانتقادات اتخذت منحى السخرية التي جُبل عليها المصريون من قبيل عبارة (متعودة دايماً).