زيادة المرتبات.. التضخم سيد الموقف
العاملون بالدولة يجدون أنفسهم بين نارين في ظل تصاعد وتيرة زيادة الحد الأدني للأجور وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق، فالزيادة المعلنة التي لم تر النور حتى حالياً وتمضي في اتجاهات معاكسة تسعى وزارة المالية لتقاربها في المقابل هناك من يفتح فمه لابتلاعها بشراهة ممثلاً في شبح الأسعار التي ترتفع تلقائياً مع زيادة الرواتب الأمر الذي أدى إلى لجوء بعض الأصوات إلى أن يسبق هذه الزيادة استقرار في أسعار السلع والتي إن لم تحقق يكون كمن أعطي باليمين وأخذ بالشمال، نفس هذه الأصوات تنادي أيضاً الدولة بالتحكم في نار الأسواق التي اشتعلت في الأسواق حتى وإن لم يطرأ زيادة في الأجور، وشهدت الفترة الأخيرة تدهور اقتصاد الوطني وارتفاع معدلات التضخم الذي انعكس بدوره على أجور العاملين في القطاعين العام والخاص، وتفاقم أثر التدهور على الرواتب وما صاحبه من ارتفاع مستمر في الأسعار وزيادة معاناة آلاف الأسر التي تعتمد في معاشها على الأجور الثابتة، ليطل من جديد مطالب العمال برفع الأجور لتتناسب مع الحد الأدنى لاحتياجات الأسرة، في ظل تارجح كفة الأسعار في السوق وبروز اعتقاد اقتصادي راسخ يربط ارتفاع التضخم مع زيادة الأجور وهو التضخم الناشئ عن زيادة تكاليف السلع والتضخم عندما ينشأ هذا النوع من التضخم بسبب ارتفاع التكاليف التشغيلية في الشركات الصناعية أو غيرها عندما ترفع إدارات الشركات رواتب وأجور منتسبيها من العاملين ولا سيما الذين يعملون في المواقع الإنتاجية والذي يأتي بسبب مطالبة العاملين برفع الأجور .
ويرى خبراء اقتصاديون أن زيادة الأجور ستلقي بوطأتها على الاقتصاد نتيجة عدم توجه الزيادة إلى الإنتاج، وأشاروا إلى أن احتمالية زيادة عرض النقود ويوضح أنه في حالة عدم وجود زيادات حقيقة في إيرادات الدولة بجانب ضعف مشروعات التنمية فإن الزيادات ستلقي بضغوط على الميزانية للدولة، إضافة إلى أن إيقاف الصرف الحكومي لن يكون ذي عائد، مشيراً إلى تخفيض الصرف يعتبر من ناحية اقتصادية غير مرن فزيادة الأجور في ظل ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار، فإن ذلك يعني نقص قيمة الأجور وليس ارتفاعها.
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير أنه من الأفضل استقرار الأسعار أو انخفاضها مما يعني انخفاض معدل التضخم وارتفاع القوى الشرائية للجنيه السوداني، واعتبر ذلك أفضل من تعديل الرواتب، إلا أنه عاد وأضاف إن تعديل مرتبات العاملين تظل ذات أهمية كبيرة، وعزا ذلك لضعف الرواتب، لافتاً إلى أنه إذا كانت الرواتب في معدلات جيدة لكان التوجة نحو الأسعار والتضخم يعتبر حلاً مجدياً، مشيراً إلى أن المرتبات لا تلبي إلا نسبة ضئيلة من الحد الأدني لمتطلبات المعيشة، داعياً في الوقت ذاته إلى مراجعتها وتعديلها خاصة إذا كان التعديل اعتمد على موارد حقيقة في الموازنة وليس بالاستدانة، وبالتالي الأثر التضخمي يكون قليلاً، ولوح إلى وجود اتجاه بين المالية واتحاد العمال للوصول إلى اتفاق لتعديل الأجور وتعديل بعض البنود داخل الموازنة دون إضافة بنود جديدة، وأوضح الناير أن المرصود لدعم المحروقات والبالغ 7,2 مليار جنيه كان ممكن انتقاصها إلى 2,5 مليار جنيه، وتحويل ما تبقى والبالغ 5 مليار جنيه لتعويضات العاملين لتحسين المرتبات، معتبراً ذلك أحد الحلول الداخلية بالموزانة والتي تحتاج إلى اعتماد تحويل البنود من السلطة التنفيذية أو التشريعية، وفي ما يتعلق بزيادة أسعار السلع الاستهلاكية تزامناً مع زيادة المرتبات، ووصف الناير بأنها عامل نفسي لا يعتمد على أساس علمي.
تقرير: مروة كمال
صحيفة الصيحة