وعقاب اقتصادي آخر
بالأمس تحدثنا عن العقاب الاقتصادي الذي مارسته المملكة العربية السعودية ضد السويد، وكانت النتيجة التراجع عن تصريحات وزيرة الخارجية السويدية المسيئة للمملكة، وقلنا إنها الدبلوماسية التي اتبعتها المملكة هي الأنجع وأتت أكلها، اليوم نتحدث عن عقاب وعقوبة ووازع اقتصادي لمن يرعوي من فرقاء دولة جنوب السودان الوليدة، فبعد انهيار مفاوضات السلام بينهم في السادس من مارس الماضي، على أن تستئأنف مجددا في أبريل المقبل دون مؤشرات إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام في ظل الاضطراب الأمني والسياسي وانسداد أفق الحلول السلمية للأزمة تطلع الأزمة الاقتصادية المرادف الموضوعي للحرب والأزمات السياسية عسى أن تكون عقاباً وعقوبة للأطراف المتصارعة، فالرئيس سلفاكير قدم رؤية قاتمة لمستقبل الاقتصاد بجنوب السودان عندما خاطب مواطني جنوب السودان في جوبا الأسبوع الماضي معترفا بالمشكلات الاقتصادية التي يعانيها جنوب السودان وفقدان الأمل في المستقبل القريب لعلاجها عندما قال: “حتى لو وقعنا اتفاق السلام اليوم، فإن الأوضاع الاقتصادية ببلادنا لن تتحسن تلقائيا، وإنما ستستغرق بعض الوقت للوصول إلى مستويات إنتاج نفط ما قبل الحرب.. ومن المرجح أن يستمر انخفاض أسعار النفط لبعض الوقت، بسبب ارتفاع إمدادات النفط عالميا مع انخفاض الطلب”.
نعم الرئيس سلفاكير محق في توصيف الواقع الاقتصادي، وإن لم يكن كذلك في مسبباته، فانخفاض أسعار النفط ليس وحده هو السبب وراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، بل استمرار الحرب في جنوب السودان التي أثرت في الإنتاج النفطي الذي تعتمد عليه الدولة الوليدة لمورد رئيس لدعم الموازنة، حيث دمرت الحرب منشآت نفطية عديدة ووقعت أخرى تحت قبضة المعارضة المسلحة، وتراجعت نسبة الإنتاج بنسبة 60 بالمائة بسبب الحرب هذا بجانب ممارسة من حكومة جنوب السودان نفسها ساهمت في تدهور الوضع الاقتصادي، حيث كشفت عنه الأمم المتحدة مؤخرا من أن حكومة جوبا تمارس (الخدعة القديمة)، وهي طبع نقود أكثر لسد عجز الميزانية دون أن تكون لها تغطية، فنتج عن ذلك حالة تضخم كبيرة في غياب وجود احتياطي كاف بالدولار في البنك المركزي.
إذن، بسبب خلافات وصراعات الإخوة الأعداء من فرقاء دولة جنوب السودان يحل العقاب الاقتصادي الجماعي على الشعب المنكوب بالحرب أصلا بنيران الحرب والتشرد، بينما العقوبات الاقتصادية المحددة ضد الأفراد المتورطين في هذا التدهور المريع في كافة مناحي الحياة بجنوب السودان تلك العقوبات التي كانت تلوح بها القوى الإقليمية والدولية وتشمل تجميد الأرصدة ومنع السفر لم تطبق، وهو ما ساعد على إطالة أمد الحرب وإلحاق العقاب والعقوبة الاقتصادي بالشعب الذي فشلت حكومته في إحلال السلام والاستقرار والعيش الكريم له.