محمود الدنعو

من تشيبوك إلى داماساك


في أبريل من العام 2014، اختطفت جماعة بوكو حرام 276 طالبة من مدرسة ثانوية حكومية في بلدة تشيبوك بولاية برنو، ورغم أن الحادث وجد الإدانة الدولية الواسعة وعرضت الكثير من العالم مساعدة الحكومة النيجيرية البحث عن المخطوفات وتحريرهن بل إن وحدات أمريكية شاركت بالفعل في عمليات البحث، ولكن المحصلة النهائية أن أغلب الفتيات لا يزلن في قبضة الجماعة مجهولات المصير، وبل شهر على ذلك الحدث الذي هز العالم أجمع، أقدمت الجماعة على تكرار فعلتها الشنيعة عندما اختطفت 8 فتيات أخريات من قرية وارابا شمال شرق نيجيريا.

وفي ظل ردة الفعل الدولية الخجولة وغير الرادعة لهذه الجماعة، فإنها استمرأت عمليات خطف الأطفال والفتيات القاصرات، حيث تكشفت للعالم معالم جريمة أخرى عندما تمكنت القوات الحكومية النيجيرية من إعادة السيطرة على بلدة داماساك التي كانت خاضعة ليسطرة الجماعية والجريمة الجديدة وليس الأخيرة لهذه الجماعة تتمثل فى خطف 500 طفل من هذه البلدة، حيث قال أحد تاجر البلدة المحررة حديثا لوكالة رويترز للأنباء: “أخذوا 506 من الفتيات والأطفال (في داماساك). وقتلوا نحو 50 منهم قبل أن يغادروا.. لا نعلم ما إذا كانوا قد قتلوا آخرين بعد مغادرتهم. ولكنهم أخذوا الباقين معهم”.

وما بين اختطفات فتيات بلدة تشيبوك وفتيان ونساء بلدة داماساك، مارست الجماعة الكثير من الجرائم بحق الأطفال والنساء من خطف وتجنيد للقيام بعمليات التفجيرات، بينما لا تزال القوات الحكومية التي تفقر السند الدولي غير قادرة على وقف تكرار عمليات الخطف وتحرير المخطوفين والمخطوفات من أيدي هذه الجماعة التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصا بعد مبايعتها أخيرا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، اللذين تجمعهما عقيدة الاختطاف والرهائن، وإن كان تنظيم الدولة يخطف الرهائن من أجل الفدية أو من أجل جز الرؤوس وتصويرها وبثها عبر العالم من أجل الدعاية الإعلامية، فإن جماعة بوكو حرام تخطف الأطفال والفتيات من أجل توظيفهم في القتال، وهنا تكمن بشاعة الجرم الذي ترتكبه هذه الجماعة، فجميع الأديان والأعراف تُحرِّم الزج بالأطفال في أتون الحروب التي يخوضها الكبار. مهما كان الهدف من شن هذه الحروب، فإن الأطفال يجب يكونوا معصومين من الانخراط فيها، وأخلاق الفرسان تجعلهم فى خضم المعارك يتجنبون إيذاء الأطفال والنساء، وليس استهدافهم بشكل مباشر وصريح، كما تفعل جماعة بوكو حرام وما شاكلها من الجماعات المتشددة التي باتت تبث الرعب والموت والخراب على رقعة واسعة من العالم في السنوات الأخيرة، ويتطلب الأمر جهداً مضاعفاً لحماية الأطفال وتجنيبهم الوضع الحالي كوقود لهذه الحروب العبثية.