سودان بكرة: الليبراليون المتحدون يضعون وثيقة جديدة من أجل تنسيق جهود المعارضة في تحقيق هدف التغيير
كان وطناً قوياً ومعافى تشتاق كل الأوطان لأن تصير مثله ويشار لها ببنان التميز ويلحقها التوصيف بأنها تشبه السودان الذي يرقد الآن عليلاً ينتظر من يحقنه بأنسولين التحول والتغير.. في اللحظة التي كان يعلن فيها وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين استعداد قوات الشعب المسلحة لاستعادة الشرعية في اليمن. ثمة ضابط آخر بالمعاش يجلس قريباً من ثكنات الماضي في المظلات من منضدته ومنصبه الجديد يحاول العقيد بالمعاش والقيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي الليبرالي الشيخ أحمد زين العابدين قطع تذاكر الرحيل إلى (سودان الغد) تقاسمه ذات المنصة رئيسة الحزب الجديد اللبرالية ميادة سوار الدهب لتستمر حكايات الزمن القديم بمحاولات إخراج مختلف.
المسرح أول المنازل التي تلقاك عند هبوطك من جسر شمبات يفصله شارعان عن مسجد السيد على بالخرطوم بحري.. تقول روايات متداولة أن هذا المنزل كان (مسكوناً) والحقيقة التي تعلنها اللافتة أن المنزل آل إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الليبرالي وأنهم يدشنون نشاطهم السياسي فيه عبر المؤتمر الصحفي الأول المسكون بالأسئلة الدائمة أوَ تحتاج البلاد إلى حزب جديد يضاف للقائمة الموجودة أصلاً؟ وما الذي يمكن أن يأتي من هنا؟ تأتي الإجابة عبر لافتة أخرى تؤكد على ما تفعله الأحزاب السودانية (لا جديد) غير أنه ثمة مبادرة أخرى تضاف للمبادرات السابقات.. الليبراليون المتحدون يضعون أمام الكل وثيقتهم الجديدة (سودان الغد).
يقول أحمد الطيب زين العابدين وهو يخاطب الصحافيين ورؤساء الأحزاب الذين كانوا هناك إنهم يمدون يدهم بيضاء من غير سوء وللجميع في واقع باتت فيه البلاد في مواجهة خيارين لا ثالث لهما الأول هو مواصلة الانحدار حتى الوصول إلى نتيجة (كان هنا سودان) والآخر هو الصعود إلى مدارج تحقيق أماني وتطلعات الشعب السوداني في حياة تسودها قيم الديمقراطية وتظللها المواطنة، ويؤكد على أن علاقتهم مع القوى السياسية السودانية مربوطة بخيار التزام هذه القوى بأنتشال الوطن من أزمته الراهنة وهو ما لا يمكن الحصول عليه إلا بأن يصبح السودان أولاً وأن تتوقف نظرية اللعب على كل الحبال لصالح التمسك بحبل ضرورة تحقيق التغيير المحقق لأهداف الشعب، ربما لهذا السبب يعلن الطيب زين العابدين تقديم وثيقتهم الجديدة من أجل سودان الغد.
تمد رئيسة الحزب ميادة سوار الدهب بوثيقتها الجديدة دون أن تنسى توصيفها بأنها أداة من أجل تنسيق جهود المعارضة في تحقيق هدف التغيير وتؤكد على أن الوثيقة ليست ضد أحد بعينه وإنما من أجل الشعب السوداني التي تعبر عن احتياجاته الحقيقية، وعن رؤيته لقادم المواعيد. لكن ميادة لا تغادر النقطة دون أن تقف في محطة رئيسة تتعلق هذه المرة بنشاط المعارضة نفسها وبحالة التلهف لكتابة الوثائق وترفض بشدة ما أسمته (سعي بعض القوى لاحتكار الفعل المعارض في السودان وظنها أنها تمتلك الحقيقة كلها).
سوار الدهب التي مثلت الليبراليين في المشاركة في وثيقة نداء السودان بدت أمس وهي غير متفائلة بحدوث اختراق جديد يمكن أن تحرزه وثيقة برلين الأخيرة بل إنها مضت أكثر من ذلك لتصف الوثيقة بأنها تسعى بقوة من أجل التأكيد على سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور أو أن التسوية المنتظرة تحمل في جوفها مثل هذا النوع من استمرارية الأوضاع على ما هي عليه.
المؤكد أن السيدة لم تعلن مقاطعتها التامة لمخرجات أديس في حال التأم المختلفون لكنها في الوقت ذاته لم ترحب بها أو أنها ترى أنه لا رجاء في الوصول إلى نتائج مختلفة في ظل الإصرار على استخدام ذات الآليات القديمة.
لكن السؤال الذي بدا يبحث عن إجابة هو ذلك المتعلق بالجديد في مبادرة سودان الغد التي تتحدث معظم فقراتها عن طريقة إدارة البلاد في فترة انتقالية محددة بأربع سنوات ويقوم فيها نظام حكم ديمقراطي ليبرالي تسوده المساواة على أسس المواطنة، وهنا يبدو وكأن أصحاب المبادرة يبيعون السمك داخل النهر، فالواقع السوداني الآن لا يبحث الإجابة عن إدارة الفترة الانتقالية بقدر استفهامه عن طريقة الوصول إلى مرحلة الانتقال نفسها في ظل ارتفاع حدة الخلافات بين المنظومات التي تسير المشهد السياسي، فمبادرة سودان الغد تناقش قضاياها في وقت تتسارع فيه خطوات الحزب الحاكم نحو صناديق الاقتراع لإعادة شرعيته الدستورية بينما تحزم المعارضة في قوى الإجماع الوطني حقائب عودتها لأديس أبابا من أجل المؤتمر التحضيري الذي أعلنت آلية الحوار الوطني مقاطعتها له ولم يحدد بعد الوطني رؤيته الختامية حول المشاركة فيه من عدمها، مما يعني الاستمرار في نظرية شراء الوقت الحاضر من أجل أوقات قادمة، يقول أصحاب المبادرة إن آليتهم من أجل الوصول إلى المرحلة الانتقالية هي آلية الثورة الشعبية أو الانتفاضة باعتبارها الشعار المرفوع من الليبراليين وهم يرفضون استخدام العنف في الوصول لعملية التغيير، وهو ما يعني أن سودان الغد ينطلق من موقف من الحركات المسلحة الآن أو من عملية التنسيق بينها والقوى السياسية الأخرى، خوفاً من تجدد نموذج الثنائية في معالجة الأزمات الوطنية على النهج (النيفاشي).
كان مشهد القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي والناطق الرسمي باسمه محمد ضياء الدين وهو يقوم بالتقاط الصور عبر هاتفه الذكي قبل إرسالها لوسائل التواصل الاجتماعي رسالة أولى مفادها الترحيب بالخطوة بل ودعمها عبر الحديث حين اعتبر أن زمان خروج المبادرة هو زمان في الصميم وأنه في غاية السعادة لحدوث سودنة المبادرات باعتبار أنها تمضي وفقاً للرؤية التي يشتهيها البعثيون في سعيهم للحلول بعيداً عن الأجندة الدولية، بل إنه مضى أكثر من ذلك وطالب بأن يطلق عليها اسم (مبادرة بحري) في سبيل السعي لإنجاز مشروع سودان الغد
اليوم التالي