كتابة على سبورة رد الجميل: مدرسة محجوب شريف الوطنية.. لم يرسب أحد
نادي أزهري محمد علي بصوته الشعري ويستجدي الشريف محجوب: (ما تمشي عاوزين نظبط بوش)، لكن الشاعر رحل تاركاً من خلفه (الصحن) ومكونات البوش.. فات وخلى وليداته ليعيدوا تشكيل الوجبة وليظبطوه بحسب الطعم الذي يريدونه. زرع شجرة الجميل منتظراً أن يأتيه خراجها حيث هو. أبو مريم لم يكن يريد شيئاً لذاته فالفردانية لا مكان لها في القلب الذي وسع قارة وما يزال.
يومان على العام الأول من الرحيل، أبناء الوطن هنا وهناك يلفون عمامة سودانيتهم على رأس الغياب بالرحيل، يستعيدون محجوبهم، يفعلون ذلك تحت راية أنهم يردون الجميل الذي زرعه شاعر الشعب في مواضع متعددة وهو لن يضيع أينما زرع.
السودانيون يردون جميل السوداني. هكذا كان المشهد الخرطومي في اليومين السابقين وهكذا سيكون في مقبل المواعيد، بدت صورة محجوب شريف محجوزة لمعظم البروفايلات في وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن لتأتي الصورة وحدها وإنما مصحوبة بالكلمات والمواقف.
(1)
يكتب الصحفي السوداني المهاجر أنور عوض لمحجوب: أيها البعيد عنا وقريب منا حد الأنفاس.. أيها الحشد الفرد.. أيها الفرد الرهط.. أيها الرهط الإنسان.. ما مضيت عنا ولا ارتحلت.. وكلما هطلت دمعه بوجع الدنيا.. امتدت يداك فاستحالت إلى بعض أمل ووعد عمل.. وبريق.. لا شك ولا التباس.
غيبوك خلف الأسوار فبدوت وغنيت.. هبطوا دركا دركا.. وسموت عليا ثم سموت.. فمن مدرس إلى مدرسة.. ومن مدرسة إلى مدارس تفتح على الشوارع.. والشوارع شعبك الذي هويت.. ولسواه ما انتميت ولا انتويت.. ضممت حلمه واحتويت.. كنت لسان حاله.. عنه عبرت وأوفيت ثم أوصيت.. فمضيت وبقيت.. هنا وهناك.. في كل الشوارع… وكل بيت..
مدرسة محجوب الشريف بالمكارم مكسوة ترتفع فصولها أنغاماً للشعر والموسيقى في مركز شباب السجانة وتمضي منه لتحط رحالها هناك مع ست البيت البتمشي وما بتطاطي، في جامعة الأحفاد في أم درمان في ذات المكان الذي شهد ميلاد (رد الجميل) ومحجوب يهم للمغادرة من أجل العلاج في ألمانيا.
ذهب الرجل وعاد لمغازلة الشمس وارتشاف كبابي الشاي مواصلاً مشروعه في الحياة من أجل الآخرين.
(2)
من يجملون صفحاتهم بصورة الشريف هم أكثر يقيناً بأن محجوب كان أجملنا سودانية وأكثرنا إنسانية وأن من فارق دنياه وناسه لم ينس أن يترك كراسته المكتوبة بأحرف من نور الحق والالتزام وأن على الآخرين سن أقلامهم من أجل كتابة واقع أمثل لكل (التعابة والغلابة) سن أقلامهم من أجل تجفيف دموع مريضات الناسور البولي، سن أقلامهم من أجل إعادة بناء المهدم من بيوت الطين ومن أجل معرفة كيفية الجلوس في حضرة جلال الاستمساك بعروة الروح الإنسانية.
(3)
علينا التفرس مرة أخرى في الصورة بحضنها واستعادة تفاصيلها التي حدثت في العام 2007 وفي شمبات في أمسية رد الجميل التي أقامها طلاب شمبات من أجل بناء منزل لأمهم (أمونة) ست الشاي التي كانت ترعاهم في سنوات الدراسة. في تلك الليلة كمثيلاتها من ليال كانوا يرددون: (محجوب شريف أجمل من رد جميله) فهو صاحب الضل المترامي حضناً للذين لا يملكون
اليوم التالي