محمود الدنعو

“عاصفة الحزم” الخضراء


عمليات (عاصفة الحزم) التي جسدت العمل العربي المشترك أنعشت الآمال في عمل عربي مشترك آخر لصيانة الأمن كافة ولاسيما الأمن الغذائي الذي بات يهدد العالم العربي، وهو لا يقل خطورة وفتكا بالمجتمع من جماعة الحوثيين والدواعش وسواهم من مخربي الأمن العربي، حيث تزامنت حالة التضامن السياسي الراهنة التي جسدتها عاصفة الحزم مع حراك عربي من أجل إحياء مبادرات العمل العربي المشترك في المجال الزراعي بغية توفير الغذاء أولا واستكمال فضيلة العمل المشترك ثانية.

وبينما كانت طائرات التحالف العربي تواصل ضربها معاقل الحوثيين في اليمن كانت أروقة الجامعة العربية في القاهرة تشهد مؤتمرا مهما حول الأمن الغذائي العربي، طالب خلاله الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة وكيل الزراعة بمملكة البحرين بضرورة إنشاء مشروع عربي موحد للنهوض بالقطاعات الزراعية على مستوى الوطن العربي لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة العربية في الوقت الحالي.

وجاءت تصريحات الوزير البحريني التي تحمل الدعوة إلى (عاصفة حزم) عربية خضراء من أجل تأمين الغذاء خلال اجتماعات المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتنمية الزراعية في دورته الـ44، التي استضافها مقر جامعة الدول العربية في القاهرة وليس مقر المنظمة في الخرطوم، للدلالة على أهمية موضوع الأمن الغذائي العربي الذي يشكل أهم دعامات الوحدة والمنعة العربية، وجرى خلال الاجتماعات تأكيد أهمية العمل العربي المشترك في مجال تأمين الغذاء، استلهاما لروح العمل العربي المشترك التي بدأت تعود على إيقاع أزيز طائرات التحالف العربي التي توالي ضربها لمعاقل الحوثيين في اليمن الذين باتوا يهددون الأمن القومي العربي، ونقص الغذاء أو تركه حكرا لدى الأعداء لابتزاز الأمة.

الحاجة إلى تأمين الغذاء العربي تبدو ملحة في ظل الإنفاق الكبير سنويا على توفير الغذاء، بينما الأرض العربية الخصبة لا تزال بوارا دون أن يتم استزراعها لسد الحاجة وخفض الكلفة التي باتت باهظة، حيث كشف المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد) أن فاتورة الغذاء في الدول العربية وحدها تقدّر بأكثر من 80 مليار دولار سنوياً، مما يجعل من قضية توفير الغذاء العربي أمراً ملحاً، ويتطلب عملاً مشتركاً وعالجاً لتوفير المال العربي، الذي يذهب من أجل سداد فاتورة الغذاء وفاتورة الفرقة والإنقسام، وبعثرة الجهود العربية التي في حال تضامنها ستوفر الكثير، وتشكل سياجاً يحمي الأمة من المهددات كافة.

وتبقى عودة الروح للعمل العربي المشترك التي جسدتها عاصفة الحزم السياسية لتنعكس على عاصفة الحزم الخضراء المنشودة رهينة باستدامة حالة التضامن السياسي الراهنة والعودة إلى العمل العربي المشترك.