خالد حسن كسلا : ما بين الوهمين (إرحل) و (اسم الشيوعيين)
إدَّعى الحزب الشيوعي على لسان الناطق باسمه يوسف حسين نجاح ما تسمى حملة (إرحل) لمقاطعة الانتخابات، وقال إنها كشفت عن وجود قوة واسعة جداً في المجتمع أكبر من قوى نداء السودان.
لكن على فرض إن هذه القوة «الأكبر» موجودة في المجتمع.. فهل يستفيد من وجودها «الحزب الشيوعي» الذي سبق أن فضل المجتمع السوداني عليه حكم نميري رغم أحداث الجزيرة أبا وودنوباوي وهزمه بعد حركة 19 يوليو 1971م الحمقاء؟! يمكن أن تكون القوة المعارضة والمقاطعة للانتخابات هي الاكبر في المجتمع.. لكنها لا ترى بأي حال من الأحوال. إن «الحزب الشيوعي» حتى لو جاء عبر صناديق الاقتراع افضل من حكم المؤتمر الوطني حتي ولو اعتدى على الدستور ورفض اجراء انتخابات عاجلة او آجلة. ويبقى أي تقييم للحزب الشيوعي مثل تعليقات المراقبين خارج السودان مثلما يكتبه عبدالبارئ عطوان او ياسر الزعاترة او عبدالرحمن الراشد. لكن أن يلتمس ثماراً له سواء في نجاح (إرحل) أو في فشل إجراء الانتخابات، فذاك منه بعيد. والحزب الشيوعي الآن متأزم جداً من نبذ المجتمع السوداني له.. فكل هذه العقود التي مضت على عمله المنهجي للاستقطاب اتضح إن عمله فيها كان على طريقة ساقية جحا.. فقد ضربته ثلاثة انقسامات على الأقل ذات دوي تنظيمي هائل.. وخرج منه أذكى الاعضاء مثل احمد سليمان والخاتم عدلان وفي المرحلة الجامعية امين حسن عمر. فهو حزب تجربة سياسية يمر بها بعض الناس ويتركها الكثير من المارين بها. ومهما تحدث أعضاءه مثل يوسف حسين عن اخطاء الاحزاب الأخرى او تجاوزاتها فإن كل هذه الاخطاء والتجاوزات تتقاصر وتهون أمام أخطاء وتجاوزات الحزب الشيوعي. إن الحزب الشيوعي مجرد وجوده في المجتمع السوداني المسلم السوي يبقى استفزازاً له. وهو الآن ما زال يعيش عقدة الاسم.. فكلما سأله سائل عن فكرة تغيير الاسم لا يرفض السؤال ولا يرفض الفكرة.. ويوحي باحتمال تغييره. لكن لماذا تغييره؟!. لأنه عائق كبير جداً أمام استقطاب الاعضاء والكوادر في المجتمع السوداني. ولو كان الحزب الشيوعي السوداني فرعاً للحزب الشيوعي السوفيتي فإن الحزب المسيحي الألماني لو أسس فرعاً هنا في السودان لينشط وسط (3%) لوجد أعضاءً عددهم اكبر من عضوية الحزب الشيوعي. وحزب يعي مشكلة اسم ويفكر أعضاء فيه لتغيير ليواكب متطلبات العمل التنظيمي في المجتمع السوداني يبقى غير جدير بالاحترام. وحتى لو خرج في تظاهرة «سلمية» رفع فيها العلم الأحمر كما فعل غداة انقلاب 19 يوليو 1971م البائر الخائر، فسيجلب السخرية لنفسه كون أن المظاهرة شيوعية ضد النظام. فالحزب الشيوعي ليس ضد الحكومة فقط، بل هو حسب تركيبته الفكرية والنفسية يبقى ضد الحكومة والمعارضة والمقاطعين للانتخابات وحتى المقاطعين للمؤتمر الوطني. ولا يروق له إلا حركات التمرد فما تقوم به ضد الأبرياء من المواطنين وآخره قتل العشرات مؤخراً في جنوب كردفان وبينهم أطفال يشبه ما فعله الحزب الشيوعي السوداني في بيت الضيافة وما فعله أصله الحزب الشيوعي السوفيتي المنهار في أفغانستان ضد الشعب الأفغاني.
تنجح حملة (إرحل) لمقاطعة الانتخابات وتفضل العملية الانتخابية، بل ويسقط النظام فكل هذا لا ثمار سياسية للحزب الشيوعي فيه. والغريب أن الناطق باسم الحزب الشيوعي يستشهد لنجاح (إرحل) للمقاطعة بمقاطعة مجموعات غازي صلاح الدين والترابي وموسى محمد احمد. إنه بالمقارنة مع حجمه النحيل الرشيق يرى أن كل مجموعة من هذه المجموعات التي أسعده مقاطعتها للانتخابات بحجم الفيل. لكن الناخبين حتى في المناطق الملتهبة جعلوا كيد أصحاب حملة (إرحل) في تضليل، وأرسلوا عليهم أصواتاً أبابيل ترميهم بحجارة عزيمة من «تسجيل».. التسجيل للانتخابات. أي «السجل الانتخابي».
لكن هنا لا يفوتنا السؤال الأهم قبل انعقاد المؤتمر السادس «المخستك» للشيوعيين الذي ربما أفادنا في تقريره السياسي الباهت كالعادة عن اختطاف «ساندرا».
إن السؤال هو: ماذا كان الآن سيكون موقف الحزب الشيوعي من الحوار الوطني إذا اعتدت الحكومة على الحقوق الدستورية للراغبين في خوض الانتخابات ترشحاً وترشيحاً وانتخاباً؟! هل كانوا سينضموا الى ركب الحوار؟!
غداً نلتقي بإذن الله…
تعريف الشيوعية بأنها مذهبٌ فكريٌ يقوم على الإلحاد، وأن المادة هي أساس كل شيء ، فالشيوعية مذهب إلحادي يعتبر أن الإنسان جاء إلى هذه الحياة بمحض المصادفة وليس لوجوده غاية؛ وبذلك تصبح الحياة عبثاً لا طائل تحته؛
وأما الأفكار والمعتقدات التي قامت عليها الشيوعية فتتلخص في الآتي:
1. إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات والقول بأن المادة هي أساس كل شيء وشعارهم: نؤمن بثلاثة: ماركس ولينين وستالين، ونكفر بثلاثة: الله، الدين، الملكية الخاصة، عليهم من الله ما يستحقون.
2. فسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البرجوازية والبروليتاريا (الرأسماليين والفقراء) وينتهي هذا الصراع حسب زعمهم بدكتاتورية البروليتاريا.
3. يحاربون الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادماً للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال مستثنين من ذلك اليهودية لأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة!!
4. يحاربون الملكية الفردية ويقولون بشيوعية الأموال وإلغاء الوراثة.
5. تتركز اهتماماتهم بكل ما يتعلق بالمادة وأساليب الإنتاج.
6. إن كل تغيير في العالم في نظرهم إنما هو نتيجة حتمية لتغيّر وسائل الإنتاج وإن الفكر والحضارة والثقافة هي وليدة التطور الاقتصادي.
7. يقولون بأن الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآله الإنتاج.
8. يحكمون الشعوب بالحديد والنار ولا مجال لإعمال الفِكر، والغاية عندهم تبرر الوسيلة.
9. يعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير هذه الحياة الدنيا.
10. يؤمنون بأزلية المادة وأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأول للأفراد والجماعات.
11. يقولون بدكتاتورية الطبقة العاملة ويبشرون بالحكومة العالمية
12. تؤمن الشيوعية بالصراع والعنف وتسعى لإثارة الحقد والضغينة بين العمال وأصحاب الأعمال.
13. الدولة هي الحزب والحزب هو الدولة.
14. تنكر الماركسية الروابط الأسرية وترى فيها دعامة للمجتمع البرجوازي وبالتالي لا بد من أن تحل محلها الفوضى الجنسية.
15. لا يحجمون عن أي عمل مهما كانت بشاعته في سبيل غايتهم وهي أن يصبح العالم شيوعياً تحت سيطرتهم. قال لينين: إن هلاك ثلاثة أرباع العالم ليس بشيء إنما الشيء الهام هو أن يصبح الربع الباقي شيوعيًّا!!!!! وهذه القاعدة طبقوها في روسيا أيام الثورة وبعدها وكذلك في الصين وغيرها حيث أبيدت ملايين من البشر، كما أن اكتساحهم لأفغانستان بعد أن اكتسحوا الجمهوريات الإسلامية الأخرى كبُخاري وسمرقند وبلاد الشيشان والشركس، إنما ينضوي تحت تلك القاعدة االإجرامية.
16. يهدمون المساجد ويحولونها إلى دور ترفيه ومراكز للحزب، ويمنعون المسلم إظهار شعائر دينية، أما اقتناء المصحف فهو جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة سنة كاملة.
17. لقد كان توسعهم على حساب المسلمين فكان أن احتلوا بلادهم وأفنوا شعوبهم وسرقوا ثرواتهم واعتدوا على حرمة دينهم ومقدساتهم.
18. يعتمدون على الغدر والخيانة والاغتيالات لإزاحة الخصوم ولو كانوا من أعضاء الحزب.
فالشيوعية كما ترى – أيها السائل – جامعة لخبث المعتقد مع نتن الأفكار وسوء الأخلاق.