محمود الدنعو

قمة العقبة


تبدو القيادة الأردنية هذه الأيام الأكثر انشغالاً بموضوع الساعة والساحة الدولية، ألا وهو مواجهة الإرهاب والتطرُّف والعنف بأشكاله كافة، وحملت الأخبار بأن العاهل الأردني الملك عبدالله التقى وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في عمان، وبحث معه الجهود المبذولة دولياً للتصدي لخطر الإرهاب، وبعده بيوم استضاف العاهل الأردني في مدينة العقبة الساحلية جنوب الأردن رؤساء أربع دول في القرن الأفريقي، وبحث وإياهم مواجهة الإرهاب، وأمس الإثنين التقى بقيادات سنية عراقية لذات الأمر.

هذه التحرك الأردني يأتي في إطار استراتيجية تنتهجها الأردن في مواجهة الإرهاب تقوم على الشقين العسكري والفكري لاستئصال هذه الظاهرة، بجانب أن الأردن تنظر إلى التهديد الإرهابي كخطر شامل لا يتربص بمنطقة بعينها ولا طائفة أو فئة بعينها، بينما يتربص بالأمن والسلم العالميين، وبالتالي طالما تشكل داعش خطراً في سوريا والعراق وما جاورهما، فإن حركة الشباب الصومالية تشكل ذات الخطر في منطقة القرن الأفريقي وبوكو حرام في الغرب الأفريقي، وهو ما يحتم على الأطراف الدولية تنسيق الجهود لمواجهة هذا الخطر، ولعل مبادرة الملك عبد الله باستضافة رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله ورئيس تنزانيا جاكايا كيكويتي ورئيس الصومال حسن شيخ محمود، ورئيس كينيا أوهورو كينياتا وعدد من المسؤولين في قمة العقبة هذا الأسبوع لتعزيز الجهود وإدامة التنسيق والتشاور بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية للتصدي لخطر التطرف ومحاربة الإرهاب بمنظور شمولي.

توقيت القمة التشاورية الأفريقية الأردنية، جاء بعد هجوم حركة الشباب الصومالي على جامعة جاريسا وادي إلى مقتل 147 شخصا مطلع شهر أبريل الجاري في عملية استهدفت الطلاب المسيحيين بالجامعة، وبالتالي تأتي هذه القمة رسالة تضامن أردنية مع الصومال وكينيا لمواجهة نشاط هذه الحركة، كما أنها تؤكد بأن استهداف الطلاب المسيحيين عملٌ يتنافى مع فطرة الدين الإسلامي، وهي ذات الرسالة التي حملها ملك الأردن إلى تظاهرة الرؤساء والزعماء في باريس بعيد الاعتداء على المجلة الفرنسية المسيئة إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حيث كان حضور الملك تأكيداً على أن ليس باسمنا نحن المسلمين تُرتكب هذه الأعمال، كما أننا لا نسمح بأن يُساء الأدب مع رسولنا ومقدساتنا الإسلامية.

إذن، القمة جاءت في التوقيت المناسب وفي المكان المناسب، لأن الرؤية الأردنية هي محاربة الإرهاب في كل مكان سواء أكان في تخوم الحدود الأردنية في سوريا والعراق من قبل داعش أو في سواحل أفريقيا الشرقية، حيث يأتي لقاء الملك الأردني برؤساء هذه الدول الأربع في شرق أفريقيا محاولة لكبح جماح ظاهرة الإرهاب، التي تحتاج للدعم المادي والعسكري والخبرات والمعلومات الاستخباراتية، ما يمكن أن توفره لها الأردن.