من يكسب الرهان؟ معركة قانونية بين المفوضية والمستقلين ونذر مواجهة ساخنة بعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات
مع اقتراب موعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات التي جرت في الفترة ما بين الثالث عشر إلى السادس عشر من أبريل الجاري، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات والمطالبات والشكاوى بشأن العملية التي لازمتها كثير من الهنات خلال فترة الاقتراع.. ومنذ وقت مبكر اعترفت المفوضية القومية للانتخابات بوقوع أخطاء، وبسبب تلك الأخطاء التي لازمت العملية شكلت المفوضية لجنة تحقيق للتقصي وقالت إنها ستحقق مع موظفها الذين تسببوا في تلك الأخطاء.
وبعد انتهاء عمليات الفرز، وإعلان النتائج الأولية لبعض الولايات والدوائر، ارتفعت الشكاوى المقدمة ضد المفوضية القومية للانتخابات من المرشحين المستقلين.. وفي ولاية الجزيرة وصلت الشكاوى التي تقدم بها المرشحون المستقلين إلى (117) شكوى، وتقدم (17) مرشحاً من الولاية بدعويين إلى وزير العدل للحصول على إذن لمقاضاة المفوضية القومية للانتخابات لتعويض الضرر الذي قدره المستقلون بمليون و(700) ألف جنيه، وطالبوا بإبطال نتيجة انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي لولاية الجزيرة.
وبحسب ما أوردته صحيفة (الجريدة) فإن (معاوية لقمان) المرشح المستقل طالب بتأجيل إعلان نتيجة الانتخابات بولاية الجزيرة إلى حين الفصل في الطعون المقدمة، وقال في حديثه إن المفوضية القومية للانتخابات لم تلتزم بجدول الانتخابات المعلن، ومددت فترة الاقتراع دون الإعلان عن ذلك، مما يعني أنها خالفت المادتين (71، 72) من قانون الانتخابات. وأرجع لقمان رفضهم لنتيجة الانتخابات لما يعتبرها “حدوث حالات تزوير مثبتة”، إلى جانب تقصير المفوضية وعدم توفيرها المعينات اللازمة لكل مراكز الاقتراع، مما أدى إلى تعطيل الانتخابات في (152) مركزاً بالولاية.
وفي ذات المنحى، حمّل البدوي يوسف، المرشح المستقل، المفوضية القومية للانتخابات مسؤولية التجاوزات التي تمت أثناء الانتخابات، وأكد ضبطهم لحالات تصويت تمت باسم موتى في بعض المراكز، بجانب تصويت بعض المواطنين أكثر من مرة.. وطالب البدوي المفوضية بإلغاء النتيجة، وقال إن المفوضية قصرت لوجستياً وفنياً في الإعداد للانتخابات لعدم توفيرها بطاقات الاقتراع واستمارات الطعون، وانتقد تمديد الفترة الانتخابية دون استثناء المراكز التي لم تعان من إشكالات، وكشف عن مطالبتهم بتعويض مادي قدره مليون و(700) ألف جنيه.
ومن الأخطاء التي صاحبت العملية الانتخابية منذ انطلاقها في الثالث عشر من أبريل الجاري في عدد من الولايات والمراكز المختلفة، وفي مدينة (نيالا) حاضرة ولاية جنوب دارفور لم تصل بطاقات الاقتراع لمنصب رئيس الجمهورية إلى مركزين، هما مركز رقم (4) ومركز (سلمان الفارسي) حتى انتهاء اليوم الأول.. فيما لم تصل صناديق الاقتراع والبطاقات والمستندات والمعينات الخاصة بالعملية الانتخابية إلى محليات (أمبرو، وكرنوي، والطينة) التابعة لولايات شمال دارفور في اليوم الأول للانتخابات، الأمر الذي دفع المفوضية إلى إرجاء الاقتراع لمدة يومين.
وفي ولاية الجزيرة، شهد عدد من المراكز أخطاء عطلت العملية طوال يومها الأول، وتم توزيع المعينات الانتخابية لعدد (12) مركزاً بالخطأ. وفي محلية رفاعة بشرق الجزيرة، فوجئ الناخبون في (12) مركزاً انتخابياً بغياب بطاقة التصويت لاختيار ممثل المجلس الوطني في الدائرة (38) التابعة لولاية الجزيرة، إلى جانب عدم وصول السجل الانتخابي وبطاقات الاقتراع لمنصب رئيس الجمهورية في بعض دوائر محلية ود مدني بولاية الجزيرة. وفي الولاية الشمالية، أغلقت لجنة الانتخابات الولائية ثلاثة مراكز انتخابية في مدينة (دنقلا) بحجة أن الحبر المستخدم في العملية الفنية للاقتراع فاسد.
ومنذ اليوم الأول للعملية الانتخابية أقرت المفوضية القومية للانتخابات بوجود مشاكل لوجستية أوقفت الاقتراع في (179) مركزاً بـ(6) ولايات. ولم تقف الأخطاء عند هذا الحد بل استمرت لليوم الثاني للعملية الانتخابية الأمر الذي دفع المفوضية القومية للانتخابات إلى الإقرار بالأخطاء وتعثر العملية الانتخابية في عدد من الولايات والمراكز الانتخابية لأسباب عدة، أحصتها المفوضية، وأكدت أن بعض الولايات واجهتها عقبات بسبب تأخر وصول معدات الاقتراع ممثلة في البطاقات والصناديق إلى بعض المراكز إلى جانب تأخر الموظفين.
وفي اليوم الثاني للعملية الانتخابية أعلن الفريق الهادي محمد أحمد المتحدث باسم المفوضية عن أخطاء إدارية في (152) مركزاً من أصل (1118) بولاية الجزيرة، وعزا الأخطاء إلى عدم توزيع موظفي الاقتراع البطاقات كاملة في الوقت المحدد.. وفي ذات المنحى كشفت المفوضية عن تعذر التصويت في (160) مركزاً انتخابياً من أصل (7) آلاف مركز موزعة على (18) ولاية سودانية، وأرجعت المفوضية العقبات إلى بعض المشكلات اللوجستية.
وفي سياق متصل بالعملية تلقت المفوضية القومية للانتخابات شكوى من أحد الأحزاب المشاركة في الانتخابات بولاية البحر الأحمر بالدائرة (12) (تاماي) التابعة لمحلية سواكن، تفيد بضلوع فريق العمل بالمفوضية في عمليات تزوير بطريقة غير قانونية، الأمر الذي دفعها للتعامل مع الشكوى وإيقاف اللجنة وتشكيل لجنة تحقيق من المفوضية لتقصي الحقائق في الحادثة، وتأكيدها على أنه في حال ثبوت تورط اللجنة في عملية تزوير سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتها إلى جانب تعهدها بإعلان نتائج التحقيق للرأي العام متى ما أكملت لجنة التحقيق مهمتها.
وبعد أن تدفقت الشكاوى والطعون ضد المفوضية القومية للانتخابات هي الأخرى بدورها وجهت رؤساء لجان الانتخابات بالولايات بعدم تسلم أي طعون أو شكاوى تتعلق بالانتخابات، وتوجيه المرشحين بأن يتقدموا بطعونهم إلى المحكمة في الخرطوم بعد إعلان النتائج. وفي سياق متصل بالعملية الانتخابية قالت المفوضية إنها ستعلن نتائج الانتخابات النهائية في السابع والعشرين من أبريل الجاري.
وأكدت المفوضية في تعميم صحفي يحمل توقيع الدكتور جلال محمد أحمد الأمين، أمينها العام، أنه يحق لكل مرشح أو حزب سياسي شارك في الانتخابات تقديم طعن ضد نتائج الانتخابات إلى المحكمة خلال سبعة أيام من تاريخ إعلان النتائج.. وقالت إن المحكمة ستنظر في الطعن وتتخذ قرارها فيه خلال أسبوعين من تاريخ تقديمه ويكون قرارها نهائياً، وذلك حسب نص المادة (81) من قانون الانتخابات القومية لسنة 2008 وتعديلاته.
إذن، بعد أن بدأت المعركة القانونية بين المفوضية القومية للانتخابات والمرشحين المستقلين، التي ستنتقل في الأيام القادمة إلى ساحات القضاء بعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، سيظل الجميع في انتظار من الذي سيكسب رهان المعركة القادمة
اليوم التالي