محمود الدنعو

كم تساوي ثمرة المانجو


يذهب بعض الزعماء في التودد إلى شعوبهم إلى نسج قصص فنتازية تشطح في الخيال الشعبي، وتدغدغ أحلام الجماهير في القائد المخلص والقريب منهم قائد من عامة الشعب يحس بمعاناتهم ويستجيب لمطالبهم، حتى وإن كانت طريقة عرض المطالب موغلة في الفنتازيا، وهي أقرب إلى خيال (السينما الهندية) منها إلى الواقع، حتى وإن كانت من طراز الواقعية السحرية التي اجترحها الأديب الراحل ماركيز أحد أساطير أمريكا الجنوبية التي لا تكف عن صناعة الزعماء الشعبيين من لدن جيفارا وكاسترو وشافيز، وبالتالي تهتم جدا وسائل إعلامها بإبراز القصص التي تعزز صورة الزعيم الشعبي وتنشرها على نطاق واسع مع إضفاء بعض اللمسات السحرية والحواش والمتون التي تلهب مشاعر الجماهير الباحثة عن القائد المخلص حتى وإن كان في الخيال.

واحدة من تلك القصص هي ما تناولتها معظم وسائل الإعلام الدولية مؤخرا، وأثارت الإعجاب والسخرية معا، وتروي وكالة رويترز للأنباء القصة المثيرة التي تشحذ الخيال الشعبي حين تشير إلى أن “امرأة ألقت ثمرة مانجو على رأس الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، حصلت على تعهد بتوفير منزل جديد”. ولفتت الوكالة إلى أن “الرئيس، البالغ من العمر 52 عاما، كان يقود حافلة وسط حشد في ولاية أراجوا بوسط البلاد، عندما ألقى شخص ما من بين الحشد ثمرة المانجو عليه”. وصرح مادورو لاحقا، وهو يعرض عبر التلفزيون الثمرة، وعليها اسم ورقم هاتف كتبا على عجل مكتوب عليها: (اتصل بي إن كان بمقدورك). وتعهد مادورو بأكل ثمرة المانجو، حيث اجتذبت اللفتة الشعبية من جانب مادورو مزيجا من الإعجاب والسخرية، إلى جانب سيل من النكات عبر الإنترنت.

السيدة صاحبة ثمرة المانجو تدعي مارليني أوليفو تعاني من مشكلة في منزلها، وبحسب الرئيس اتصل بها (مسؤولون)، فانتابها الخوف إذ لم تكن تصدق الأمر، فقد وافق الرئيس على منحها شقة سكنية.

حسنا القصة بهذه السرد تمجد الرئيس مادورو الذي يستجيب لمطالب الجماهير ويحقق أحلامهم في الحصول على شقة سكنية، ولكن فات كل الذين يروجون لمثل هذه القصص الخيالية أن الرئيس المخلص ونصير الفقراء والمساكين المحبوب من قبل شعبه لا يملك وسيلة أخرى يتلقى بها طلبات الجماهير ويشرع في تنفيذها، بدلا من ثمرة المانجو التي كادت أن تشج رأسه، وترى كم من صاحب مصلحة أو مظلمة يريد إيصالها إلى الرئيس لو اتخذ كل منهم ثمرة المانجو وسيلة لانعدمت ثمار المانجو في البلاد، ولما اتسع رأس الرئيس قبل صدره لإلقاء كل ثمار المانجو عليه حتى يحقق أحلام البسطاء الذين تستهويهم مثل هذه القصص الفنتازية.