هل يكفي التعبير عن الإحباط
مع تواصل القتال في جنوب السودان باتت التحذيرات تترى من خطورة الانزلاق السريع إلى مستنقع من الأزمات التي تمسك برقاب بعضها البعض.. أزمة أمنية، حيث يستعر القتال بين فصائل من الجيش الشعبي في ملكال، ويشتعل الحريق بالقرب من آبار النفط في ولاية أعالي النيل بسبب سوء تفاهم بين الحرس الخاص لحاكم الولاية والحرس الخاص للقائد العسكري اللواء أولوني في المنطقة وأزمة سياسية بتعثر المفاوضات بين الحكومة وحركة مشار المسلحة ومضايقات للمعارضة السلمية، حيث يخضع المعارض لام أكول للاعتقال المنزلي، وأزمات إنسانية كتداعيات لحالة الحرب والاضطرابات السياسية التي تعيشها الدولة الوليدة على مدى أكثر من عامين.
صبر المجتمع الدولي والإقليمي معا قد نفد في ظل إطالة أمد الأزمة بجنوب السودان، وحذر مفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية خريستوس ستيليانيدس، الذي زار جوبا مؤخراً، من مغبة تواصل المعارك في جنوب السودان، حيث شدَّد على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين أطراف النزاع في دولة جنوب السودان، وقال ستيليانيدس إن المجتمع الدولي محبط من هذا النزاع.
هل يكفي التعبير عن الإحباط ونفاد الصبر من المجتمع الدولي أم حان الوقت من أجل تحرك جدي وفاعل؟ المفوض الأوروبي الذي ذكرنا بأنه قبرصي ويدرك جيدا ما معنى العنف الاثني، بالإشارة إلى الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين، رفض التعليق على ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيفرض المزيد من العقوبات على قادة عسكريين وسياسيين بعد أن فعل العام الماضي عندما فرض الاتحاد تجميداً على الممتلكات، وأصدر حظراً للسفر لقياديين اثنين من الطرفين المتنازعين.
حالة الإحباط ونفاد الصبر من تفاقم الأزمة دون أن تلوح في الأفق بوارد من أطراف الصراع على جديتها في إنهاء الأزمة في أجل قريب عبَّر عنها المجتمعان الدولي والإقليمي معا، ففي نفس الوقت الذي كان فيه المسؤول الأوروبي يطلق التحذيرات عقب زيارته إلى جوبا، أعلنت منظمة الإيقاد التي تتوسط في مفاوضات السلام بين فرقاء جنوب السودان عن نفاد صبرها على إطالة أمد الأزمة. وقال مصدر بالإيقاد إلى صحيفة ايست أفريكان الكينية إن على قادة جنوب السودان أن يعلموا بأن الإيقاد مواردها محدودة ولا يمكنها أن تواصل رعاية مفاوضات لأكثر من 15 شهراً دون نتائج ملموسة، بينما هناك قضايا ملحة أخرى بالمنطقة التي تعج بالأزمات في مختلف أطرافها.
مع الاستمرار في القتال دون التوصل إلى حلول، نعم سينفد الصبر، ولكن المطلوب أكثر من التعبير عن نفاد الصبر دولياً وإقليمياً، لأن الفشل في جنوب السودان مسؤولية مشتركة.