انتخابات الجحيم البورندي
أعلن حزب المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية الحاكم في بوروندي أمس الجمعة، أن الرئيس بيير نكورونزيزا سيتقدم إلى اللجنة الوطنية للانتخابات بطلب ترشحه لولاية ثالثة، وحددت اللجنة اليوم السبت مهلة نهائية للراغبين في المنافسة في الانتخابات الرئاسية للتقدم بطلبات ترشيحهم. إصرار الرئيس على الترشح لولاية ثالثة يعني صب المزيد من الزيت على نار الاحتجاجات الشعبية المشتعلة والرافضة لإضافة الرئيس خمس سنوات أخرى في منصبه، كما أن إصرار الحزب الحاكم على فرض الرئيس مرشحاً يتناقض حتى مع اسم وشعار الحزب (المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية)، لأن الديمقراطية في أبسط تعريفاتها هي حكم الشعب، وإذا كان الشعب قد خرج بالمئات في الشوارع واشتبك مع الشرطة وقتل من قتل ودمر ما دمر من ممتلكات في مسعى لإيصال الرسالة الواضحة التي لا لبس فيها بأن الشعب يرفض هذا الرئيس، وبالتالي السيناريو المتوقع كما حدث في بوركينا فاسو أن ينتحي الرئيس عن هذه الخطوة التي لا يمكن اعتبارها دفاع عن الديمقراطية وإنما تُعد تكريسا للانقسام داخل الشعب وإذكاء لأوار الاحتجاجات العنيفة وتمهيدا لعودة البلاد إلى سنوات الحرب الأهلية المظلمة. إذن في حال أعلن الرئيس بيير نكورونزيزا ترشحه لولاية ثالثة في نظر المعارضة غير شرعية، فإن البلاد ستدخل نفقاً مظلماً جديداً، وعلى دول الإقليم والعالم التدخل لمنع حدوث ذلك لأنه ستكون له امتدادات وتأثيرات سالبة ليس على مسار واد الديمقراطية في مهدها في هذه البلاد، ولكن الأمن والسلم الإقليمي، فإن أي اضطرابات في بورندي معنى ذلك اشتعال الفتنة الإثنية بين الهوتو والتوتسي على غرار ما حدث في رواندا المجاورة من مجازر منتصف تسعينيات القرن الماضي، كما أن الاضطرابات في بورندي التي قد تتطور إلى عمل عسكري فإن ذلك من شأنه توسيع مسرح المواجهات المسلحة ليشمل دول الجوار رواندا ويوغندا والكونغو الديمقراطية. تطورات الأوضاع في بورندي نحو التصعيد التي تلوح نذرها على الأفق بقرار الرئيس الترشح لولاية ثالثة ستكون تجلياتها البشعة في إشعال الصراع بين الهوتو والتوتسي مجددا بعد أن نجح زعيم أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا في التوسط بين الطرفين والتوقيع على اتفاق المصالحة الشهير في العام 2005، ولكن التصعيد اليوم سيعيد المواجهة من جديد بين الهوتو الذي يشكلون غالبية الشعب البورندي والتوتسي الأقلية التي تتحكم في الجيش والوظائف الحكومية العاليا في الدولة، وبالتالي يبدو الاصطفاف واضحا بين غاليبة الشعب الرافض للرئيس والأقلية المنتفعة من استمراره في الحكم لولاية ثالثة مثيرة للجدل. إذن، انتخابات يونيو المقبل في بورندي على غير كل الانتخابات في الدنيا ستحول البلاد إلى جحيم بدلا من نعيم.