محمود الدنعو

القمة الأمريكية الخليجية


على الرغم من أن لمنتج كامب ديفيد الواقع في ولاية ميرلاند بالقرب من العاصمة الأمريكية واشنطون في الذاكرة العربية حضوراً مشوشاً بسبب ارتباطه بمعاهدة السلام التي تم التوقيع عليها في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن بعد 12 يوما من المفاوضات تحت إشراف ورعاية الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، وأثارت رود أفعال متابينة علقت على إثرها عضوية مصر بالجامعة العربية لمدى عشر سنوات ولا تزال هذه الاتفاقية تثير الجدل بسبب بنودها السرية التي لم تنشر كاملة.
ذات المنتجع احتضن القمة الأمريكية الخليجية التي تأتي في ظل تغييرات كبيرة بالمنطقة العربية، وفي ظل مسعى أمريكي واضح لبث رسائل تطمين للحلفاء والشركاء في الخليج والمنطقة العربية بأن قرب التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي لا يمكن أن يتم على حساب إطلاق يد إيران في المنطقة بغطاء مباشر أو غير مباشر من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الذي أوشك على فك العزلة الدولية المفروضة على إيران مع اقتراب التوقيع على الاتفاق النووي.
إذن القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقادة دول مجلس التعاون الخليجي في منتجع كامب ديفيد جاءت في التوقيت المناسب للطرفين لإعادة تفعيل علاقات التعاون بينهما على أسس جديدة، فصحيفة النهار اللبنانية لخصت المشهد عندما عنونت أمس في إحدى مقالاتها الافتتاحية تعليقا على القمة بالقول: “أوباما يبحث في كامب ديفيد عن الثقة الخليجية”، بينما اختارت الأخبار اللبنانية عنوانها الرئيس: “أوباما يحتوي غضب الخليج”. وحملت الدستور الأردنية عنواناً يقول: “أوباما يطمئن دول الخليج بشأن إيران والأمن.”
وهذه العينة من عناوين الصحف العربية الصادرة أمس الجمعة تشير إلى تمحور القمة حول إعادة الثقة وبث الطمأنينة بين الطرفين بسبب الملف الإيراني الذي ألقى بظلاله على علاقات التحالف الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، وكانت الولايات المتحدة – حرصا منها على عدم تدهور هذه العلاقة – سارعت إلى الإعلان عن دعمها عاصفة الحزم التي أعلنها التحالف العربي من أجل إنقاذ اليمن من مساعي الحوثيين الموالين إلى إيران للسيطرة على اليمن.
سعت الولايات المتحدة خلال قمة كامب ديفيد إلى طمأنة دول الخليج بشأن إيران، ولكن الملفات الأخرى المتعلقة بالوضع في سوريا وفلسطين والعراق لا تزال محل شد وجذب بين الطرفين، ولم تتم تسوية بشأنها في ظل طلب الولايات المتحدة عدم ربط الملف الإيراني مع القضايا الإقليمية الأخرى حتى مع الإقرار بأن الظلال الأيرانية تتراءى في عديد الأزمات بالمنطقة، وبالتالي تصبح المخاوف الخليجية مبررة من التقارب الأمريكي الإيراني الوشيك.