محمود الدنعو

مسألة حياة أو موت


الأنباء الواردة من على طول شواطئ المتوسط باتجاه أوروبا تشير إلى تعزيز قوات شرطة الحدود والرقابة على الطرق السريعة والقطارات والحافلات ونقاط التفتيش المختلفة، وأنه خلال الأسبوع الماضي تم اعتراض نحو ألف مهاجر، معظمهم جاء من أفريقيا عن طريق إيطاليا في جنوب فرنسا قرب الحدود الإيطالية. إذن أوروبا تحكم إغلاق منافذها أمنياً خشية تسلل المزيد من المهاجرين واللاجئين الأفارقة إلى أراضيها في أكبر تحدٍّ يواجه دول الاتحاد الأوروبي للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية والأمنية المركبة.
المثير للقلق أن دول أوروبا لا تزال منقسمة بشأن التعامل مع هذه الأزمة، وبشأن المقاربة الأنسب والأنجع، فإغلاق المنافذ والنوافذ لوحده ليس حلاً، فلا بد لدول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عموما تحمل مسؤولياته في مساعدة حكومات الدول المصدرة لهؤلاء المهاجرين واللاجئين لإيجاد حلول لمشاكل البطالة وضيق فرص العمل والعيش الكريم، التي يدفعهم غيابها إلى أن يركبوا أمواج البحر المتوسط، حتى وإن كانت ستفضي بهم إلى الموت المحتوم في عرض البحر أو الاعتقال في الضفة الأخرى.
وفي سياق الجدل الأوروبي المتواصل بشأن مواجهة هذه القضية، قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى نظام للرقابة على الحدود ووسيلة لتوزيع طالبي اللجوء فيما بين دول الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر عدلاً، بينما حذرت وزيرة داخلية النمسا من فشل أوروبا في التعامل مع قضية اللاجئين، قائلة “قد تفشل أوروبا في مسألة اللاجئين”، مؤكدة أنها (مسألة حياة أو موت)، كما دافعت عن النظام المقترح الخاص بتحديد حصص من أعداد اللاجئين للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مطالبة بسرعة تنفيذ هذا الحل.
هي إذن مسألة حياة أو موت كما أشارت الوزيرة النمساوية ولكن السؤال: حياة لمن وموت لمن؟ هل هي حياة لأوروبا خالية من المهاجرين أم موت للمهاجرين مرتين مرة في ركوب المخاطر ومرة عندما تطأ أقدامهم الأرض المحرمة عليهم، التي تكبدوا من أجلها المشقة وخاطروا بحياواتهم، لأنها فردوسهم المفقود في جحيم الفقر والجوع والمرض والنزاعات بأفريقيا.
حياة لمن وموت لمن؟ هو السؤال الذي يجب أن تكون له إجابة واضحة أمام القادة الأوروبيين، وهم منهمكون في بحث خطة العمل التي قدمتها يوم الأربعاء المفوضية الأوروبية كمخرج للأزمة وتحتوي على حصص إجبارية لتقسيم عادل للاجئين، وفي حال حصول تدفق للمهاجرين إلى بعض الدول خصوصاً تلك المطلة على البحر المتوسط يتم توزيع هؤلاء على دول الاتحاد الأوروبي التي تستقبل عدداً أقل من اللاجئين، وتستثني الخطة اليونان وإيطاليا من تلك الحصص، ويُثار جدل كثيف حول الخطة.