محمود الدنعو

الانتخابات الإثيوبية


يتوجّه الناخبون في إثيوبيا، ثاني أكبر بلدان أفريقيا من حيث عدد السكان إلى مراكز الاقتراع اليوم الأحد، للتصويت في انتخابات عامة، وصفتها وسائل الإعلام الدولية بأنها محسومة سلفاً لمصلحة الائتلاف الحاكم منذ العام 1991، حيث تهيمن (الجبهة الديموقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية) بلا منازع منذ ربع قرن من الزمان على المشهد السياسي في إثيوبيا.
وهذه الانتخابات التي سيشارك فيها أكثر من 36 مليون ناخب لاختيار أعضاء مجلس نواب الشعب البالغ عددهم 547 نائباً، وكذلك مجالس الأقاليم، هي الأولى منذ رحيل رئيس الوزراء السابق ميليس زيناوي الذي يعد رجل البلاد القوي خلال العشرين عاما التي حكم فيها وبذل جهوداً لإعادة الإعمار الاقتصادي للبلاد بعد سنوات المجاعة. ويقول البنك الدولي إن إثيوبيا سجلت نسبة نمو اقتصادي تتجاوز العشرة في المئة سنوياً في الأعوام الخمسة الماضية.
ولعل تركة زيناوي ومواصلة خليفته هايلي ديسيلين على ذات النهج هي التي جعلت وسائل الإعلام الدولية تجزم بأنها محسومة نسبة للتركة الجيدة في السياسية الداخلية وعلى المستوى الاقتصادي التي ورثها زيناوي لخليفته ديسيلين الذي وعد بإفساح المجال أمام المعارضة عندما قال في ديسمبر الماضي: “إنها مسألة تتعلق بوجودنا. إذا لم نصبح ديموقراطية تعددية، فإن هذا البلد سيصبح مثل الصومال”.
انتخابات اليوم الاختبار الأكبر لتوجه ديسيلين نحو الانفتاح سياسيا على أطياف المعارضة الإثيوبية التي ما انفكت تتهم (الجبهة الديموقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية)، باستخدام وسائل تكتيكية استبدادية لتكميم الحملة الانتخابية والحفاظ على موقعها المهيمن.
وقال يليكال جيتيني، رئيس (الحزب الأزرق) (سيماياوي)، أحد أكبر أحزاب المعارضة ويطالب بتخفيف سيطرة الحكومة على الحياة السياسية والاقتصادية، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن “المجال السياسي تقلّص. الحكومة وضعت قوانين قمعية موجّهة ضد المجتمع المدني والصحافة”.
وكانت المعارضة فازت في العام 2005 بـ 172 من مقاعد البرلمان الـ547، بعد حملة انتخابية اعتُبرت الأكثر حرية في تاريخ البلاد. وفي الانتخابات التي تلت في العام2010، فاز الحزب وحلفاؤه بـ99,6 بالمئة من مقاعد البرلمان.
الاختيار اليوم للناخب الإثيوبي ويكتفي الإقليم بالتمني في أن تسفر نتائج الانتخابات إلى استدامة حالة الاستقرار السياسي الراهنة في إثيوبيا التي تنعكس على الإقليم كافة من خلال الدور الإقليمي المهم الذي تضطلع به أديس أبابا خصوصا من خلال دور الوساطة في حل العديد من النزاعات الأفريقية، لاسيما بين الفرقاء في جنوب السودان، وكذلك في السودان، وشكلت حالة الاستقرار السياسي في إثيوبيا دافعا لتكريس دورها الإقليمي المتصاعد مستفيدة من احتضانها لمقر الاتحاد الأفريقي ونشاطها المتميز داخل مجموعة دول الإيقاد التي تتولى ملف أزمة جنوب السودان.