صراع البقاء والرحيل: الحكومة تصف بيان “مون” بأنه متجن وبه كثير من التجاوزات والمعلومات الخاطئة لتبرير الإبقاء على يوناميد
درج بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة على تقديم تقارير دورية كل (90) يوماً لمجلس الأمن الدولي توضح مراحل ونتائج خطّة عمل بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، وذلك عملا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2173) الذي صدر خلال العام الماضي. وفي سياق متصل بالبعثة كشف تقرير قدمة (بان كي مون) الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي حول بعثة (يوناميد) في الفترة من السادس والعشرين من فبراير وحتى الخامس عشر من مايو الماضي أفاد التقرير أن الفريق المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية لم يتوصل حتى الآن إلى استنتاجات بعينها حول استراتيجية خروج البعثة من دارفور وكان ذات الفريق بدأ اجتماعات متصلة بالخرطوم منذ مارس الماضي للتوصل إلى الاستراتيجية المشار إليها. وبحسب تقرير مون فإن الفريق المشترك اقترح على حكومة السودان انسحابا تدريجيا لقوات حفظ السلام (يوناميد) يبدأ من ولاية غرب دارفور، على أن يكتمل بتوصل الحكومة والحركات المسلحة إلى تسوية.
* استدعاء عبدول
وعطفاً على مزاعم التقرير استدعت وزارة الخارجية السودانية أمس الأول (الخميس) نائب الممثل المشترك الخاص للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وأبلغته انزعاجها من بيان كي مون أمام مجلس الأمن الدولي.. وطبقا للمتحدث باسم الخارجية السودانية علي الصادق فإن عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية استدعى أمس الأول (عبدول كمارا) نائب الممثل المشترك الخاص للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على خلفية بيان الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن ونقل إليه انزعاج الحكومة البالغ وخيبة أملها من المعلومات الكاذبة والمغلوطة التي وردت في البيان مؤكدا أن مثل هذه البيانات التي لا تقوم على أساس لا تساعد في استمرار التعاون بين السودان وبعثة (يوناميد).
وأشار عبدالغني إلى أن اللجنة الثلاثية بين الحكومة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة توصلت إلى اتفاق حول مراحل الانسحاب التدريجي ليوناميد من دارفور بناءً على توصية وملاحظات ومتابعات اللجنة نفسها، وتابع: “لكن ما ورد في بياني الأمين العام ومساعده لعمليات حفظ السلام آدمون موليت يقوض ما اتفق عليه أطراف اللجنة الثلاثية تقويضا تاما”، وطلب نقل موقف الحكومة السودانية إلى بعثة الأمم المتحدة، مع التأكيد على موقف السودان الذي لا يتزحزح عن ضرورة خروج يوناميد من البلاد عبر التفاهم والاتفاق بين الأطراف الثلاثة.
وفي السياق أكد عبدول كمارا لوكيل الخارجية أن بقاء أي بعثة للأمم المتحدة في أي مكان إلى الأبد ولفترات طويلة يعني أن هذه البعثة فاشلة، وأضاف: هناك بعض المناطق قدمت نموذجا جيدا للاستقرار بخلوها من الأحداث التي تعكر صفو الأمن والاستقرار.
* الخارجية: البيان متجن
وفي ذات المنحى تناول البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية ملامح من بيان الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن وقال إنه حوى الكثير من التجني وعدم الأمانة في نقل المعلومات لمجلس الأمن وللرأي العام العالمي، وأشار غندور في تصريحات صحفية أمس الأول (الخميس) لأن اللجنة المشتركة قطعت شوطا كبيرا في إعداد استراتيجية خروج القوات من السودان، مؤكدا أن التمديد لبعثة اليوناميد ليس من حق الأمم المتحدة وحدها، بل هو حق مشترك بينها والاتحاد الأفريقي وقبل ذلك كله قبول حكومة السودان، باعتباره عضواً في الأمم المتحدة ودولة لها سيادة، ووصف غندور بيان كي مون بأنه بيان متجن وبه كثير من التجاوزات والمعلومات الخاطئة، وبه خلط لمعلومات جزء منها حقيقي، ولكنها استخدمت في سياق غير سياقها في محاولة لتبرير الإبقاء على قوات يوناميد.
* نهج الخروج
وبالعودة إلى التقرير نجده أوضح أن الفريق المشترك زار ولايات دارفور الخمس لتقييم الحالة الأمنية والإنسانية واجتمع في الفترة من الخامس عشر إلى التاسع عشر من أبريل وفي الفترة من الثالث عشر إلى التاسع عشر من مايو الماضيين لمناقشة التوصيات المزمع تقديمها لمجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي قبل مناقشات تجديد ولاية (يوناميد) في يونيو الحالي.. وأفاد التقرير أن الفريق المشترك اقترح على الحكومة السودانية نهجا من شقين لاستراتيجية الخروج، الأول يبدأ بانسحاب تدريجي من ولاية غرب دارفور لجهة استتباب الأمن فيها إلى جانب إغلاق (3) مواقع في ولايتي شمال وجنوب دارفور، على أن تسلم مهام (يوناميد) في هذه المناطق للفريق القطري للأمم المتحدة وحكومة السودان.
* محادثات مباشرة
ويضيف التقرير أن الشق الآخر يستند على فرضية التوصل إلى حل سياسي وبدء محادثات مباشرة واتفاق لوقف العدائيات، ودعا المجلسين إلى توفير توجيهات واضحة للتمكن من إنهاء هذه العملية بسرعة.. وأشار التقرير إلى أن المرحلة الأولى من التبسيط شملت إلغاء (790) وظيفة منها (213) وظيفة دولية و(257) وظيفة وطنية و(320) وظيفة من متطوعي الأمم المتحدة، واقترح التقرير إلغاء (488) وظيفة في المرحلة الثانية منها (476) وظيفة وطنية و(10) وظائف دولية ووظيفتان من متطوعي الأمم المتحدة.
* “عازمون على التعاون”
وفي الضفة الأخرى أكد السفير حسن حامد حسن نائب المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن (الأربعاء) الماضي أن بلاده تقبل على مرحلة جديدة من العلاقات الدولية بعد تشكيل الحكومة وأداء الرئيس عمر البشير للقسم وأضاف قائلا: “عازمون على تعزيز التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة، خلال المرحلة المقبلة، علاقة بعيدة عن التناحر والمغالطات والمعلومات غير المتوخاة، التي تزج هنا وهناك لتعكير هذه الروح”، مبينا أن الحكومة تتطلع إلى أن يشمل قرار التجديد الدوري للبعثة هذا الشهر فقرات واضحة بشأن استراتيجية خروج البعثة المشتركة من إقليم دارفور، وفقا لما تم الاتفاق عليه في اجتماعات فريق العمل المشترك.
ونفى السفير حسن حامد أن يكون السودان طالب بخروج بعثة (يوناميد) من دارفور فورا وتابع قائلا: “أكدنا أننا بصدد استراتيجية محددة تبدأ بالتجفيف العسكري في المناطق الأكثر أمنا بغرب دارفور وثلاث مناطق في وسط دارفور ومن ثم تنتقل مرحليا إلى المواقع الأخرى المتفق عليها وأجهزتنا مستعدة لعملية الإحلال والإبدال وفقا لما اتفق عليه”، مؤكدا أن الحكومة السودانية ليست بصدد مسار جديد بعد أن أقر مجلس الأمن هذه الاستراتيجية في قرار تجديد ولاية البعثة وطالب بتحديد الاولويات، وشدد على أن السودان متمسك باستراتيجية خروج بعثة (يوناميد).
* قلب الحقائق
وتتهم الحكومة السودانية الأمين العام للأمم المتحدة بتضليل أعضاء مجلس الأمن الدولي، في ما يتعلق بحوادث العنف الأخيرة، التي وقعت في إقليم دارفور الشهر الماضي، ورفضت بشدة اتهامها باستخدام أسلحة محرمة دوليا قائلة إن المعلومات غير الموثوق بصحتها لا يجب أن تقدم إلى مجلس الأمن.. وبحسب السفير حسن حامد حسن نائب المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة في كلمته أمام مجلس الأمن (الأربعاء) الماضي فإن التقرير ربع السنوي الأخير للأمين العام للأمم المتحدة المتعلق بحوادث العنف في دارفور قلب الحقائق وضلل أعضاء مجلس الأمن الدولي، مؤكداً أن بعض المعلومات الواردة فيه غير صحيحة على الإطلاق، منوها إلى أن التقرير قصد تسويق الوضع في دارفور من خلال خلط كبير للحقائق بما يخلق تضليلا وسط أعضاء المجلس.
ومضى حسن حامد في حديثه وأشار إلى أن التقرير أورد أن ما حدث من عنف وتشريد بسبب العنف القبلي، كأنه نتاج للمواجهات المفتوحة بين الحكومة والحركات المتمردة الأمر الذي اعتبره غير صحيح، وأقر بأن العنف القبلي يعتبر أحد الأمور المقلقة في إقليم دارفور، مؤكدا أن تلك الصراعات القبلية خلفت حركة نزوح كبيرة وتابع: “يجب أن لا نخلط بين العنف القبلي ونتحدث كأنما هناك مواجهات مفتوحة بين الحكومة والحركات المتمردة التي اعتبر أنه تم حسمها تماما ولم يبق منها سوى جيوب وبقايا في بعض المواقع التي تنشط فيها”.
* مهمة البعثة وتفويضها
وبالعودة للوراء نجد أن الاتحاد الأفريقي في العام 2004م أرسل بعثته إلى دارفور بلغ عدد جنودها حوالي سبعة آلاف جندي في بداية الأمر وبعدها بدأت جحافل البعثة الدخول إلى دارفور الجريحة بعد أن صادق الاتحاد الأفريقي على إرسال قوات لحفظ السلام في دارفور وذلك بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1564) والذي هدد الحكومة في ذلك الوقت بعقوبات اقتصادية وطالبها بنزع سلاح الميليشيات التي تسببت في الأزمة خلال ثلاثين يوما وكانت مهمة البعثة وتفويضها استرجاع الأمن والاستقرار إلى إقليم دارفور المضطرب.. وجاء دخول بعثة الاتحاد الأفريقي عقابيل إندلاع الحرب في دارفور قبل نحو عقد من الزمان وبضعة سنين والتي بدورها أفرزت ملايين الضحايا والنازحين واللاجئين والتي بعدها بدأ العالم يتحدث عن كارثة إنسانية في إقليم بدارفور المنكوب ومنذ ذلك الوقت بدأ التحرك نحو الإقليم.
وبعد مرور خمس سنوات على الأزمة الدارفورية أصدر مجلس الأمن قراره رقم (1769) في 31 يوليو2007م المندرج تحت البند السابع والقاضي بإنشاء القوة المشتركة (الأفريقية الدولية) المعروفة باسم (يوناميد) والتي تتألف من حوالى (26) ألف جندي وتعتبر أكبر قوة لحفظ السلام في العالم إلى جانب أنها خطط لها أن تكون معززة بمصفحات ومروحيات فضلا عن طائرات قتالية وبلغت كلفة القوات خلال السنة الأولى من وجودها أكثر من ملياري دولار.
والمؤكد أنه بعد الجدل الذي صاحب تقرير (بان كي مون) الأخير ستكون الحكومة السودانية وبعثة (اليوناميد) دخلتا في معركة جديدة بخصوص صراع البقاء والرحيل.
عبدالرحمن العاجب
صحيفة اليوم التالي
ما تطلعوهم بايدكم او اضعف شيء ترفعوا عنهم الحماية بمعنى هدر دمهم وحيجروا براهم بدل تخلوا قراركم في يد البوكيمون الكلب ده