تحقيقات وتقارير

مسلسل أزمة المياه بالخرطوم.. متى نشاهد الحلقة الأخيرة


تشهد مناطق متفرقة من العاصمة قطوعات متكررة في المياه، ما إن يحل فصل الصيف من كل عام إلا ويعاد هذا المسلسل الذي مله المواطنون الذين قاموا الليل سهرا بحث عن قطرة ماء، ولكن لا صوت يعلو فوق صوت شخير المواسير التي جفت تماما من المياه حيث وصل سعر برميل المياه في بعض المناطق إلى أربعين جنيها بينما وصل سعره في مناطق أخرى إلى 75 جنيها مما حدا بالمواطنين للخروج في مظاهرات بمناطق أبو سعد والكلاكلات والحلفايا والأخيرة شهدت عدة تظاهرات.. وهكذا دخلت الأزمة شهرها الثالث في بعض المناطق بالعاصمة.
في منتصف الأسبوع المنصرم أصدر والي الخرطوم الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين قرارا أعفى بموجبه مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم وعين المهندس خالد علي خالد مكانه.
وقد كشفت جولة (اليوم التالي) في بعض أحياء أم درمان والخرطوم بحري أن مشكلة قطوعات المياه لم تبارح مكانها بعد.
أزمة متكررة
في مدينة أم درمان دخلت الأزمة شهرها الثاني في مناطق الفتيحاب الشقلة والصالحة بينما دخلت شهرها الثالث في مربعات (12 ـ 6) حيث تظاهر البعض في أبو سعد مربع 12 وقاموا بإغلاق كوبري الفتيحاب أما سكان مربع 20 بالمربعات فأشعلوا النيران في إطارات السيارات تعبيرا عن غضبهم، حيث وصل سعر برميل المياه هناك إلى (50) جنيها وكذلك في حارات متفرقة من الثورات.
“40” جنيهاً لبرميل المياه
وفي محلية بحري شهدت مدينة الحلفايا بمربعاتها المختلفة قطوعات في المياه وفي مربع (13) استمرت القطوعات لأكثر من عشرين يوما أما منطقة الحلفايا اللاسلكي فانعدمت فيها المياه تماما مما جعل العديد من الأسر تقضي احتياجاتها من غسل واستحمام لدى الأقارب في الأحياء المجاورة.. وقالت المواطنة فاطمة الطيب لـ(المحقق): أرهقنا من السهر الطويل في انتظار المياه وذلك لأكثر من شهر وأصبحنا في حالة معاناة مما اضطرنا لشراء المياه حيث بلغ سعر البرميل (40) جنيها واحيانا لا يكفي برميل واحد لبعض الأسر الكبيرة. وأضافت فاطمة: من قبل تظاهرنا ثلاث مرات حيث تم إغلاق كوبري الحلفايا ولكن دون جدوى. وكذلك تشهد الدروشاب شمال وجنوب محطة (9) أزمة مياه حادة والأخيرة جفت مواسيرها وعلا شخيرها فأخذ المواطنون يجلبون الماء من الجيران عبر توصيل الخراطيش كما امتدت المعاناة لمنطقة الكدرو.
أما في محلية الخرطوم فقد عانت عدة مناطق من القطوعات المتكررة خاصة مدينتي الطائف والصحافات.
وتحدث إلينا أحد المواطنين من مدينة الأزهري والغصة تقف في حلقه وقال: إلى متى ستستمر هذه القطوعات في منطقة الأزهري؟ نقوم بشراء نوعين من الماء؛ ماء الشرب الذى يباع الزوج منه بـ(5) جنيهات وماء الغسيل يباع زوجه بـ(3) جنيهات وفي شهر رمضان يزيد استهلاك المياه فأصبح شراء الماء هاجسا لنا..
لم تكن منطقة الوادي الأخضر بشرق النيل بعيدة عن هذه القطوعات أيضا، بينما اشتكى مواطنون من الكلاكلة الوحدة وصنقعت لـ(المحقق) من عدم وجود المياه حتى إذا استخدم الموتور لرفعها..
الجهات ذات الصلة بالموضوع أرجعت المشكلة لكثافة أشجار (الدمس) التي قالت إنها تؤثر بشكل كبير على الخطوط الناقلة، المفارقة أن بعض المناطق التي لا تزرع فيها هذه الأشجار أيضا تشهد ندرة حادة في مياه الشرب.
الاستهلاك
مدير مياه محلية الخرطوم المهندس خضر التوم قال في حديث سابق للزميلة (السوداني) إن القطوعات المتكررة بولاية الخرطوم ترجع إلى استهلاك المياه بنسبة عالية جدا ويرجع ذلك لارتفاع درجات الحرارة مما يؤدي إلى انسداد بعض الأنابيب الناقلة، وأضاف: نحن الآن نقوم بتفتيش شبكة المياه لمعرفة مناطق الانسداد والعمل على معالجتها.
في منتصف الأسبوع المنصرم كشفت حكومة ولاية الخرطوم عن وضع خطتين لمعالجة مشكلات المياه جذريا الأولى قصيرة الأجل تنتهي في أبريل من العام القادم والثانية طويلة تنتهي خلال عامين.. وفي تصريحات صحفية أرجع مدير مياه أبو سعد سيد عثمان شح الإمداد المائي في المنطقة لضعف إنتاج محطة مياه المقرن ولتوقف إحدى طلمباتها كاشفا عن تسبب اللجان الشعبية في المقرن في كسر خط كبير بسبب عملها بالحفارات لفتح المصارف، وقال إن هناك خطة إسعافية لأبو سعد لزيادة إنتاج المياه ولكنه رهن تحسن الإمداد المائي في أبو سعد بإصلاح طلمبة المقرن.
المشكلة الأولى
الأزمة بلغت شأوا عظيما، فبعض المدارس سرحت التلاميذ خلال الأسبوع المنصرم، لجهة أن الحمامات لا يوجد بها ماء كاف، مما يتسبب في مشاكل صحية للأطفال، ومن بين تلك المدارس مدرسة الخرطوم العالمية الإعدادية بأركويت..
في منطقة سوبا ستشاهد في وقت متأخر جلوس النساء والأطفال أمام بوابة أحد المنازل تفلح طلمبته في سحب كل كمية من المياه ولو كانت بسيطة، كل من تحدثنا إليهم أجمعوا أن الأولوية للمياه، وناشدوا حكومة الولاية الجديدة أن تعجل في حل المشكلة، والحديث كان جله موجها للوالي الجديد

 

اليوم التالي