محمود الدنعو

أبعد من تخوم بحيرة تشاد


عندما تسلم الرئيس محمد بخاري السلطة في نيجيريا في نهاية مايو الماضي بدا متحمساً للقضاء على جماعة بوكو حرام في نيجيريا، وأطلق وعداً بإنهاء نشاط هذه الجماعة في غضون شهرين فقط، ولكن الواقع اليوم يقول بأن الجماعة منذ ذلك الوعد والوعيد من محمد بخاري قتلت نحو 420 شخصاً خلال هجمات جديدة في شمال وشرق البلاد وضاعفت من عملياتها حتى مع وجود جيوش من الدول الأربع التي تتقاسم الحدود مع بحيرة تشاد، وهي نيجيريا والنيجر وتشاد والكمرون التي كثفت من عمليتها المشتركة لمواجهة التهديد الذي باتت تشكله الجماعة.

الرئيس محمد بخاري تراجعت نبرة الوعيد والتهديد في خطابه إلى خطاب سياسي وليس خطاباً لجنرال سابق أظهر في البداية صرامة وتصميم للقضاء على الجماعة عسكرياً، واكتفى الرئيس بخاري بوصف أعمال العنف الأخيرة للجماعة بأنها بلا إنسانية وهمجية.

يحتاج الجنرال السابق محمد بخاري إلى مراجعة استراتيجيته للقضاء على هذه الجماعة بعد فشل حتى الآن في الحد من خطورة هذه الجماعة طبعا التصريحات التي أدلى بها بخاري فور الإعلان عن فوزه بالرئاسة بأنه سيقضي على الجماعة في غضون شهرين لا يمكن قياسها بالواقع، وربما كانت تحمل رسائل معينة للجماعة بأن الوقت قد حان للتعامل عسكرياً أكثر حزماً مع هذه الجماعة التي باتت تصدر الإرهاب إلى الجوار النيجيري في الكمرون وتشاد.

كما أن المجتمع الدولي نفسه يحتاج إلى مراجعة موقف غير المبالي بما تقترفه الجماعة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وما تشكله من تهديد للأمن والسلم في غرب أفريقيا، ولابد من تحرك عاجل في هذا الإطار، فحسناً فعلت فرنسا عندما دعت إلى قمة ثانية للدول التي تنخرط في حرب مباشرة مع الجماعة في غرب أفريقيا، وكانت فرنسا قد عقدت قمة باريس في مايو 2014 لبحث جهود دول الإقليم في محاربة بوكو حرام.

وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إنه مستعد لتنظيم قمة جديدة للدول التي تحارب جماعة بوكو حرام، وذلك عقب محادثات أجراها في ياوندي مع الرئيس بول بيا. وأضاف أن “نيجيريا والكاميرون بحاجة إلى أفضل علاقات.. للعمل معا.. هذا يتفق تماما مع الروح التي كانت لدينا في قمتنا الأخيرة في باريس لاتخاذ قرارات مهمة بشأن بوكو حرام التي بدأ تهديدها يزيد”.

ويبقى السؤال المهم لماذا بدأ تهديدها يزيد رغم التقارير التي تشير إلى أنها منيت بهزائم على الأرض خصوصاً من قبل القوات التشادية، ولكن مثل هذه الجماعات أشبه بالحية التي إذا قطع ذيلها يظل رأسها يبث سمومه، ومعلوم أن رأس الحية موجود في مكان ما في العمق النيجيري، وليس عند تخوم بحيرة تشاد.