مستقبل الحوار: موقف واشنطون تجاه الخرطوم يعبر في أبهى تجلياته عن جهود الصقور الأمريكية الداعمة لعدم التقارب مع السودان
في نهاية شهر يوليو الجاري يبدأ (دونالد بوث) المبعوث الأمريكي لدولتي السودان وجنوب السودان، زيارة إلى الخرطوم تهدف بحسب التصريحات الصحفية التي أدلى بها دفع الله الحاج علي مدير الدائرة الأمريكية بوزارة الخارجية؛ إلى استئناف الحوار بين الحكومة السودانية والإدارة الأمريكية، وتجاوز عقبات سير العلاقات الثنائية. وأعلن دفع الله عن جهود لاستئناف الحوار بين الخرطوم وواشنطن بنهاية الشهر الجاري، مبينا أن المبعوث الأمريكي تلقى دعوة من الخارجية السودانية لزيارة الخرطوم بغرض إجراء حوار مباشر مع المسؤولين بالحكومة لتجاوز العقبات التي تعترض سير العلاقات الثنائية بين البلدين.
وجدد دفع الله موقف السودان الساعي للتطبيع مع الإدارة الأمريكية، وتطوير العلاقات بما يخدم مصالح شعبي البلدين، وأضاف قائلا: “نحن نتطلع لحوار مفتوح بين البلدين يفضي لتطوير العلاقات بشكل غير مسبوق”. وفي سياق متصل قالت كارولين شنايدر، مسؤولة الإعلام بالسفارة الأمريكية في الخرطوم، إنهم يرحبون بكل ما من شأنه تطوير العلاقات بين البلدين. وفي يونيو الماضي تحدث الدكتور إبراهيم غندور، وزير الخارجية، عن وصول وفد رسمى أمريكي لإجراء مباحثات مع الحكومة السودانية.
وبالنظر للتوتر بين البلدين، نجده بدأ في أوائل تسعينيات القرن الماضي، حينما وضعت الولايات المتحدة الأمريكية السودان على رأس قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، وفي ما بعد تطور التوتر بين البلدين إلى أن فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات اقتصادية على السودان، ومنذ العام 1997 ظلت تجددها وتمددها كل عام. ولم تراوح العلاقة بين البلدين مكانها وظلت العلاقات السودانية الأمريكية لنحو عقدين ونيف من الزمان تتأرجح صعودا وهبوطا ويلازمها التوتر والشكوك في أغلب الأحيان من وقت لآخر.
وعلى الرغم من الزيارات التي قام بها ممثلون للحكومة السودانية عدة مرات بهدف التطبيع مع الإدارة الأمريكية، وكانت آخرها الزيارة التي قام بها إبراهيم غندور حين كان مساعدا لرئيس الجمهورية، والأخرى التي قام بها علي أحمد كرتي وزير الخارجية السابق قبل نحو ثلاثة أشهر تقريبا، وتناولت ملف العلاقات الثنائية وإلغاء العقوبات الاقتصادية ورفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلا أن جميعها فشلت في وضع حد للتوتر الذي لا يزال عالقا بين البلدين، وفشلت كل المساعي التي قادتها الحكومة السودانية لرفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ ذلك الوقت وإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
قراءة مشهد العلاقات الثنائية بين الخرطوم وواشنطون ينظر إليه البروفيسور صلاح الدين الدومة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة أم درمان الإسلامية بشكل مختلف.. إذ توقع الدومة أن تضع الإدارة الأمريكية شروطها المسبقة للتفاوض قبل وصول وفدها إلى الخرطوم، واعتبرها ستكون واضحة، وأول تلك الشروط بحسب توقعات الدومة حل مشكلة دارفور وتقديم المتهمين لمحاكمات عادلة، وثانيها الابتعاد عن الإرهاب وعدم التعاون مع الدول الراعية للإرهاب، وثالثها إطلاق الحريات العامة وتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين السودانيين.
شروط الإدارة الأمريكية للتفاوض مع نظام الخرطوم التي توقعها الدومة بدورها ستقود إلى ارتخاء القبضة الإنقاذية للسلطة الأمر الذي ربما يقود بدوره إلى زوال نظام الإنقاذ. ولكن الدومة استبعد أن يفرط النظام في مسألة بقائه في سدة الحكم ومن أجل ذلك توقع الدومة أن يصل الطرفان لاتفاق لكنه لن ينفذ وتوقع أن يتعهد النظام الحاكم في الخرطوم بالشروط الأمريكية ولكنه لن يفي بها لجهة أن هذا الأمر يمثل عقيدة بالنسبة للنظام الذي اعتبره سيستمر في تكرار نفس سياساته القديمة مع الإدارة الأمريكية.
وبالنسبة للكثيرين فإن الموقف الأمريكي تجاه السودان يعبر في أبهى تجلياته عن جهود الصقور الأمريكية الداعمة لعدم التقارب مع الخرطوم وبالنظر للعلاقات بين البلدين نجدها منذ وصول نظام الإنقاذ إلى سدة الحكم في الثلاثين من يونيو 1989 لم تحدث تغييرات جذرية في الموقف الإستراتيجي الأمريكي تجاه السودان ويعود ذلك إلى اختلاف النظام الأمريكي مع (الأيديولوجيا) التي يتبناها النظام الحاكم في الخرطوم.. ومن هنا يبدو جليا أن غلبة الصقور داخل إدارة أوباما في ما يتعلق بالسياسة تجاه السودان جعلها تنتصر في كل معاركها الخارجية الإستراتيجية والتكتيكية على الرغم من إيفاء السودان بالكثير من المطلوبات الأمريكية للتطبيع.
وينظر بعض المراقبين إلى ميكانيزمات العلاقات السودانية الأمريكية بأنها عدة وأبرزها القيم الإنسانية التي تدعو إليها دول العالم الأول وينظر بعضها إلى السودان بوصفه بعيدا كل البعد عن تلك القيم المتمثلة في (الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات والحكم الراشد وإيقاف الحروب) فيما ينظر بعض المراقبين إلى أن السودان بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لترسيخ تلك القيم فيما يزعم البعض أن سياسات الحكومة السودانية لا زالت معادية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتشكل تهديدا غير عادي واستثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية الأمر الذي اعتبروه يحتم على الخرطوم مراجعة علاقاتها مع واشنطون وتحسينها بالشكل الذي يرضي الإدارة الأمريكية.
إذن بنهاية يوليو الجاري ستبدأ كل من الخرطوم وواشنطون جولة حوار جديدة تهدف إلى تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين ولكن إلى أن يأتي ذلك الوقت تبقى كل الخيارات مفتوحة أمام طرفي التفاوض بشأن مستقبل الحوار القادم بين الإدارة الأمريكية وحكومة السودان
اليوم التالي
يا جماعة لا توهموا نفسكم ..امريكا ما حتترك عداءها للسودان ما دام في معارضين قاعدين فيها يؤلبون الادارة الامريكية على بلدهم ..و بعدين ما معنى ايقاف الحرب ..هل المقصود من جانب الحكومة فقط? بنفس المنطق لماذا لا يقولوا لاسرائيل لازم تحلي مشكلة الشرق الاوسط و للسعودية حلي مشكلة اليمن مثلا
لا تضعفوا و انتم الاعلون
لن يرضوا عنكم حتي تتبعوا ملتهم
اي كافر اذا قابل مسلم جد نزل عليه الرعب