محمود الدنعو

عندما تنطفئ المصابيح


معاناة كبرى يكابدها السودانيون خلال شهر رمضان وفصل الصيف الحار بسبب القطوعات المبرمجة وغير المبرمجة للتيار الكهربائي، ويبدو أن الناس سوف يواصلون الصوم عن الأكل والشرب والكهرباء كذلك حتى انقضاء شهر رمضان، حيث أكد المدير العام للشركة السودانية لنقل الكهرباء، أن الإمداد الكهربائي في البلاد لن يتحسن قبل 20 يوماً بسبب التناقص المستمر في التوليد المائي المتزامن مع فصل الخريف, وقال في مقابلة مع التلفزيون القومي إن الصيانة العامة في محطات التوليد الحراري توقفت العام الماضي بسبب الفشل في فتح اعتمادات بنكية لشح النقد الأجنبي.

الفقر الكهربائي المدقع يشمل أغلب بلدان القارة الأفريقية وليس السودان باستثناء، كما أن هذه الحقيقة ليست مبررا للقطوعات الراهنة، ولكنها حقائق نوردها بالتزامن مع حالة القطوعات المتواصلة. فبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا، تكشف الأرقام أن مجمل قدرة إنتاج الكهرباء لدى دول جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية لا يصل لمستوى قدرة كوريا الجنوبية، بجانب أن ربع هذه القدرة معطل في أي لحظة بسبب البنية التحتية المتهالكة لدول القارة.

ولكن حالة الفقر الكهربائي الراهنة التي تتجلى في انقطاعات التيار لا تكتفي آثارها السالبة في حالة العتمة المفروضة على الناس قسراً، وإنما ينسحب أثرها على مجمل النشاط الاقتصادي، ويصبح الفقر الكهربائي سبباً في الفقر في كل مناحي الحياة، وفي هذا الإطار يقدر البنك الدولي أن انقطاعات التيار الكهربائي وحدها تقلص إجمالي الناتج الداخلي لدول جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 2.1 في المائة.

خبير الطاقة وأستاذ الإدارة بجامعة كيب تاون الجنوب أفريقية أنتون إيبرهارد، تحدث للصحيفة الأمريكية قائلا: “عندما تنطفئ المصابيح، فإن هذا ليس مؤشراً على الفشل فحسب، وإنما تجربة يعايشها الناس بصورة مباشرة. عندما تكون على وشك البدء في الطهي أو ابنك يذاكر لأنه سيخوض امتحاناً في اليوم التالي، فإن الناس يشعرون بهذا الأمر بصورة مباشرة للغاية. إن هذا تعبير ملموس ودراماتيكي للغاية عن الفشل”.

إذن الأمر يحتاج إلى جهود دولية خصوصاً إذا كان المبرر هو البنية التحتية المتهالكة لدول القارة أو لشح النقد الأجنبي، كما هو الحال في السودان ولدى الصين العديد من الاستثمارات في مجال توليد الطاقة الكهربائية بالقارة، وبما أن التنافس بين أمريكا والصين حول أفريقيا يصبح محموما في المجالات كافة سارع الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته لأفريقيا منذ عامين، إلى إطلاق مبادرة بقيمة 7 مليارات دولار بعنوان (أمدوا أفريقيا بالطاقة) لتحسين مستوى البنية التحتية للكهرباء في الكثير من الدول الأفريقية من أجل أن تستمتع القارة الأفريقية بتيار كهربائي مستقر.