محمود الدنعو

السيناريو الأسود

بعد قمة الثلاثاء الطارئة التي تداعت لها أوروبا لبحث مسألة عاجلة تتعلق بمصير اليونان ومنطقة اليورو بعد تداعيات الاستفتاء الشعبي الذي رفض خطة الإصلاحات التي طرحها دائنو البلاد (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، خرج دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبي ليتحدث في مؤتمر صحافي في بروكسل قائلا: “نحن فعلا في لحظة حرجة ولا يمكننا استبعاد السيناريو الأسود إذا لم نتوصل إلى اتفاق بحلول الأحد”.

أما السيناريو الأسود الذي حذَّر منه رئيس المجلس الأوروبي هو خروج اليونان من منطقة اليورو بعد أن منح الأوروبيين أنفسهم مهلة تنتهي الأحد للتوصل إلى اتفاق مع اليونان، وتبقى قمة الأحد هي آخر قمة في سلسلة المشاورات والقمم وجولات التفاوض بين الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية التي أتت قمة الثلاثاء قبل الأخيرة بأيدٍ فارغة من أي مقترحات إصلاحات ملموسة، فهل تستطيع في غضون أيام وساعات إيجاد مخرج لهذه الأزمة التي تهدد الوحدة الأوروبية بالتشظي؟

هذه الأيام القليلة ستكون الأصعب في تاريخ الاتحاد الأوروبي المهدد بخيارات صعبة في البقاء متماسكا أو السماح لليونان بالخروج، وقد تتبعها الكثير من الدول، فينهار الاتحاد الأوروبي؟

وحالة التفاؤل بالوصول إلى حل أخذت تتراجع كثيرا لدرجة أن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أكثر الرافضين لخروج اليونان، علق عقب قمة الثلاثاء بأنه لا يستبعد أي فرضية حتى مع تأكيدات رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس على (مواصلة الجهد) للتوصل إلى اتفاق مع دائني بلاده (يضمن الخروج من الأزمة) و(ينهي) احتمال خروج أثينا من منطقة اليورو.

ستكون مهمة قادة الدول الـ (28) الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم يوم الأحد في بروكسل جد خطيرة في وضع النهاية السعيدة لمفاوضات ماراثونية استمرت نحو ستة أشهر منذ وصول حزب سيريزا اليساري إلى السلطة في اليونان الذي طالب بإصلاحات وحاجات تمويل البلاد إضافة إلى تسوية الدين، وتكمن الخطورة في السيناريو الأسود المتوقع عند فشل القمة الأخيرة، لأنه في حال عدم الاتفاق يمكن أن يتخلى البنك المركزي الأوروبي عن البنوك اليونانية ما سيؤدي حتما إلى انهيار النظام البنكي اليوناني وإفلاس البلاد، وبالتالي خروجها من منطقة اليورو.

الأزمة اليونانية هزت الاتحاد الأوروبي بعمق وبات حلم الوحدة على مفترق طرق، ويتطلع الأوروبيون إلى قادة الاتحاد، خصوصا المستشارة ميركل التي استطاعت إلى تقلل من حده موقف الرئيس الفرنسى هولاند، يتطلعون إليهم في قمة الأحد إلى إيجاد مخرج لهذه الأزمة حتى لأن خروج اليونان من منطقة اليورو قد يتبعه خروجها نهائيا عن الاتحاد الأوروبي، وسيفتح ذلك الباب أمام احتمالات وسيناريوهات سوداء عديدة في المستقبل.