د. جاسم المطوع : (5) مدمرات للعلاقة الزوجية
دخل يشتكي من شدة حب زوجته له، وقوة تمسكها به، وقال متنهدا: لقد بدأت أكره نفسي، ويا ليتها تحبني، كما تحب زوجة أخي زوجها، لكنها تؤذيني بحبها، فهي تحب أن تسيطر عليَّ وتتملكني، وكأني خاتم بإصبعها، ثم سكت، فقلت له: أكمل حديثك، فقال: لا أعرف ماذا أقول.. لقد كرهت الحياة معها، فهي تحبني لدرجة الجنون، فقالت له: تحدث معها، وبيِّن لها أن ما تفعله يقودها لدمار حياتها الزوجية، ففي العلاقة الزوجية 5 مدمرات، فقال لي: وما هذه الخمس؟ فقلت له:
أولا- الغيرة المؤذية: إن الغيرة في العلاقة الزوجية مطلوبة من الطرفين، وهي دليل حب وتعلق بالطرف الآخر، بشرط ألا تكون دائمة ولا قوية أو عنيفة، ففي هذه الحالة تنقلب إلى سلوك عدواني مؤذٍ، يجعل الزوج يبتكر طرقا ذكية للهروب من زوجته، أو أن يفكر بالانفصال، ليتحرر من قيود زوجته وشدة غيرتها، وكما قيل «الغيرة حيرة».
ثانيا- الحساسية المفرطة: وهي أن تظن الزوجة أن كل تصرُّف يفعله زوجها يريد منه الإساءة لها، وهو لم يقصد ذلك.
ومن الحالات التي عُرضت عليَّ، وكانت نهايتها الطلاق، أن زوجة كانت دائما تقارن نفسها بأم زوجها، حتي كرهت أمه، ومن ثم كرهها زوجها، وأخرى كانت تقارن نفسها بأصدقاء زوجها، فتحسب الوقت الذي يقضيه معها بالوقت الذي يقضيه معهم، وثالثة كانت تقارن الكلمة التي يقولها لها مع الكلمة التي يقولها لابنته.. وكل هذه الحالات من الحساسية المفرطة، أدَّت إلى تفكك الأسرة وعدم استقرارها.
ثالثا – حب السيطرة والتملك: وهو موضوع صاحب الشكوى، وقد رأيت كثيرا من النساء لا يفرقن بين «الحب المعتدل» و«الحب المتسلط».. فالمعتدل، هو أن تحب الزوجة زوجها، مع إعطائه مساحة كافية لحرية الحركة والتصرف.
أما الحب المتسلط، فهو الحب الأناني، وهو أن تتدخل الزوجة في كل تفاصيل حياة زوجها، وتسعى للسيطرة عليه والتحكم به.. وإني أعرف زوجة كانت تتدخل في مكالمات زوجها وطريقة لبسه، بل وحتى عمله التجاري. ومن غريب ما رأيت، أن هذه الزوجة كانت تتواصل مع موظفي زوجها الذين يعملون معه، لتعرف كل تفاصيل عمله، وتتدخل في حساباته البنكية، وكانت نهاية هذه العائلة، أن الزوج تزوَّج بأخرى، باحثا عن الحب المعتدل، ثم طلق صاحبة الحب المتسلط، وتركها مع أولادها الخمسة.
رابعا – التوقعات العالية: ومن مدمرات العلاقة الزوجية، أن تكون توقعات الزوجة عالية جدا في الزوج والزواج، وغالبا ما يكون مصدر هذه التوقعات الخيال الواسع، أو المشاهد الإعلامية، أو قراءة الروايات الرومانسية، فتقبل على الزواج بتوقعات عالية، ثم تفاجأ بأن زوجها ليس كما توقعت، فتبدأ مسيرة الإحباط في الحياة الزوجية، ثم تطالب الزوج بمطالب يصعب عليه تنفيذها، فتكون سببا في هدم الأسرة أو تفككها، وعلاج هذه المشكلة، هو تقليل التوقعات، والتعامل مع الحياة بواقعية.
خامسا – كثرة اللوم: كثرة لوم الزوجة لزوجها وإشعاره بالتقصير في حق بيته وزوجته وأولاده يكون سببا من أسباب تخليه عن هذه الأسرة وحب العطاء لها، والأسلوب البديل عن كثرة اللوم، أن الزوجة تجمع بين اللوم والتشجيع، أو بين الترغيب والترهيب، حتى تشعر زوجها بأنه مقصِّر وبنفس الوقت تعطيه أملا ودافعا لأن يقدم إنجازا لها ولأسرتها.. وأعرف رجلا صار يدخل بيته كل يوم متأخرا، هروبا من كثرة لوم زوجته ونقدها المتواصل له.
أما المدمر السادس للعلاقة الزوجية، فهو «ارتكاب الذنب والمداومة عليه»، وهذا يشترك فيه الزوجان، وقد مرَّت عليَّ قصص كثيرة، منها أن عائلة تفككت بسبب الرشوة، وأخرى بسبب الخمر والمخدرات، وثالثة بسبب العلاقات المحرَّمة خارج إطار الزواج.. وكلما تعاون الزوجان على الطاعة، وجدا بركة ذلك في زواجهما.. ووفقا للترابط أكثر، فقد قال تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى لنحيينه حياة طيبة)، ومن الحياة الطيبة استمرار الزواج وبركته، وقد حفظ الله المال للأحفاد في قصة الجد الصالح في سورة الكهف (وكان أبوهما صالحا)، وهذا بعد أجيال، فكيف لو كان الصلاح بين الزوجين ؟! فهذه هي المدمرات الخمس.
سلمت يداك ايها الدكتور الرائع …
حفظك الله تعجز الكلمات عن شكرك كلمات دائما كالبسلم الشافئ ..
مع خالص مودتي
تصويب
الاية الكريمة
(من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)