مقالات متنوعة

خالد كرنكي : إليك يا والي الخرطوم..المشكلة في حكومتك..أبحث عنها!!!

حتى وقت قريب كنت من الشباب المتفائلون جداً جداً بوطن سيكن من ضمن الدول المتقدمة..ولكن بعد ما حدث لي وانا أجوب مقرات الحكومة ووزاراتها تيقنت وأخذت ظرف تفاؤلي ورفعته في آخر الرف لعلي ارجعه يوما ما..فحبي لهذا الوطن هو ما جعلني ارفعه مؤقتاً.
القصة:
كنت انوي عمل دراسة لحل مشكلة مواصلات الخرطوم فلدي من القناعة ما يجعلني اؤمن بحل هذه المشكلة فقررت أن اكون عملياً.
يممت شطري الى مكتب والي الخرطوم لعلي أجد ما اريد , ولا أريد غير شرعية لهذا العمل حتى ان ذهبت لاي جهة وطلبت معلومات لا أجد اي صعوبات في ذلك.
ولا ادري بأن الصعوبات من الذين يحتاجون لهذه الدراسة , فولاية الخرطوم على تعاقب الولاء والحكومات كان الفشل حليفهم في هذه المشكلة ولم تستطع اي حكومة حل هذه المعضلة.
اليوم الأول:
في نهار ساخن من نصف رمضان توجهت صوب مكتب والي الخرطوم , استطعت الدخول لمكتب الوالي لأهمية الموضوع تم تحويلي مباشرة الى المكتب التنفيذي لمكتب الوالي بعد شرح وشرح كان الرد بأن ذلك ليس من اختصاصهم وانني علي الذهاب لوزارة التخطيط , حاولت معهم بأن اقابل الوالي فكان الرد بأن هذا ليس بالسهل.
بالله عليكم مقابلة والي الخرطوم ام سيد ولد آدم اجمعين وخلفائه الراشدين , هل كان بينهم وبين الناس مكاتب ومكاتب , أين العقول..؟ مالكم كيف تحكمون.
ما استفدته صراحة في ذلك اليوم تلك الدقائق التي كنت معهم فيها وجسدي كاد يتجمد من البرودة.
عندها عرفت لماذا هذا البلد لا يتقدم , من يمشي بيننا ومن يكون بيننا ومن يعمل بيننا هو من يحس بنا نحن المواطنون ويعمل على رفعة هذا البلد.
توجهت صوب مكتب لوزارة التخطيط داخل مباني مكتب الوالي , فكان منها ان وجهتني مديرة المكتب الى وزارة التخطيط في أحد احياء العاصمة.
خرجت وخيبة الأمل بدت تتدثرني ولكن مصمم على المتابعة , ذهب اليوم وقد كان يوم قبلها قد ذهب مع تشريعي الخرطوم.
اليوم الثالث:
توجهت الى مبنى الوزارة وبعد تعب وجهد وجدت المبنى وسط بيوت الناس وكدت ارجع من الباب عندما قرأت بأن الوزارة اختصاص العمران , دخلت وسألت فتم توجيهي لوزارة التخطيط بشارع النيل فالمواصلات من اختصاصها , والله كدت انهار وتساءلت هل هذه المهندسة لا تعرف ام انها تعرف.
لماذا عدم المؤسسية هذه ؟, تمالكت نفسي وذهبت الى البيت وبدأت افكر..
هل السودان لم يتقدم لأن فيه اناس كهؤلاء بمواصفات عالمية كهذه؟
وهل كل مستثمر خرج من السودان ولم يعد بسبب امور كهذه؟
وهل العقول التي خرجت من السودان بسبب هؤلاء؟
قررت الا استسلم فحبي لهذا البلد أكبر من كل ذلك.
اليوم الرابع:
أتى اليوم الرابع وتهلل الوجه بأن الخلاص قد أتى وان هذه هي المحطة الأخيرة , وصلت مباني الوزارة عند الثانية عشر ظهراً.
اول ما وجدت مكتوبا البني التحتية كدت أصدم عندما لم أجد كلمة المواصلات مدرجة (عرفت من احدهم بأن اليافطة قديمة ولم يتم تغييرها )
القراء الكرام..
هل من متبرع..؟
دخلت على الاستقبال فتم توجيهي لمكاتب التدريب , اول مكتب في وجهي لا أحد والثاني والثالث و…و… لم أصدق ولكن واصلت عندها لمحت انثى في آخر المكاتب تبسمت وذهبت اليها , شرحت لها ما شرحت وشرحت لها ما شرحت وهي تقول لي بالحرف الواحد إنها لا تفهم من حديثي شيئا كأني اتكلم الصينية وإن كنت اتكلمها فكان لابد من أن تفهمني.
قلت لها أين هؤلاء؟
قالت: هنالك بنات ليهن كم يوم ما جن وآخرين في اجتماع.
ومتى سيأتون؟
قالت: بعد الثالثة
قلت لها اناشدك الله أن تخدميني , دليني على اي شئ , اي مسئول , تعبت والله وتالله تعبت.
قالت لا تعرف شيئاً ولم تفهم شيئاً وإنها جديدة في الوزارة.
لم أجد احدا سوى موظف الاستقبال لكي انفجر فيه وشكري له من هنا لأنه أخذ بعضاً من الشحنة.
قلت اصلي الظهر واذهب ولا ادرئ بأن ذلك سيوصلني لطريق آخر , وانتم تقرأون فقد دخل الملل اليكم فكيف بي وانا يحدث معي ذلك في سخانة خرطوم كسخانة معيشتها.
في مسجد الوزارة وجدت المسجد مكتظ بالناس من يتأخر لا يجد مكان يصلي فيه حينها عرفت حقا انهم اسلاميين مكاتب فارغة ومساجد ممتلئة حقاً انه تطبيق للدين (لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء) انه رمضان فيه الأجر مضاعف لا تعاتبوهم .
أين انت يا إبن الخطاب؟
وجدت بجانبي رجلاً شرحت له قال لي ان المبنى امامك مباشرة مختص بالمواصلات فرحت لذلك وخرجت مسرعاً من المسجد وتركتهم يقرأون جزء رمضان .
سادتي
(لا تغضبوا منهم فهذا هو الشهر الكريم)
بعد شرح وشد وجذب قال لي سعادة المدير لو كنت بروفاً لن تحل هذه المشكلة , قلت له لا عليك دعها تكون من الدراسات الفاشلة ماذا ستخسرون؟
لست كبيت الخبرة الايطالي الذي تم التعاقد معه لعمل دراسة وفشلت , ولست كال200 خبير من جامعة الخرطوم وجامعة روما وفشلت دراستهم , ولست كال160 خبيراً ومستشارا الذين اقالهم الوالي الجديد.
دراستي مجانا لوجه الله حباً في هذا الوطن , لا عليك سوى اعطائي ورقة بشرعية ذلك لاجمع بعض المعلومات لا أريد غير ذلك.
قال لي ساكتب لك عنوانين هم من يعطونك ما تريد.
كتبهم لي وخرجت ولا انطق بحرف.
لم اذهب لمكان بعدها
رجعت البلد وكان العيد ليزيل ما علق منهم.
فلتعلم يا والي الخرطوم ساعمل هذه الدراسة.
وسأقوم بعمل دراسة عن النفايات وحلها ايضاً.
و…
و…
الوطن يجري في الدم
فلا خلود
فالناس زائلون
لن نحكم على الوطن بسبب اي حكومة مهماً كانت.
وطني لك العتبى حتى ترضى
خالد كرنكي

تعليق واحد

  1. التجربة المتواضعة التي مررت بها هي ملخص قصير جداً للمعاناة الطويلة جداً التي يتكبدها المواطن عندما يقصد هذه القلاع المنيعة طمعاً في نيل أدنى الحقوق بإنجاز أبسط الإجراءات مثل التصديق أو شهادة ميلاد أو شهادة وفاة له ولمن يعول ، الوظيفة الميري حكر للموظف يتمرغ فيها كيف يشاء وفي حماية رئيسه ورئيس رئيسه من أن يمس بسوء أو قلة أدب من أي مواطن لا يحسن التقدير ، يحضر الموظف في أي وقت يشاء وينصرف إلى أمور خاصة في أي وقت يشاء ، إذن الداء يكمن في هؤلاء الموظفين والمسئولين وهم تحديداً سبب فشل تلك الدراسات وأبشرك بأن دراستك سيكون مصيرها مصير ما سبقتها من دراسات هم السابقون وأنتم اللاحقون ولا عزاء للدراسات. حكى لي أحدهم بأن شخصاً من إحدى الدول العربية درس في أوروبا في تخصص يبدو غريباً على بلاد العالم الثالث ويتضمن تخصصه قياس الضجيج ونسبة التلوث والغازات المنبعثة وشيء من هذا ، وبعد عودته إلى بلده شرع في تطبيق دراساته العلمية بمد بعض الأسلاك المتقاطعة على الطرق الرئيسية ونصب بعض أجهزة القياس فما كان من السلطات إلا أن إتهمته بأن قواه العقلية غير سليمة وأحيل لمصحة الأمراض العقلية ، إنتبه لنفسك .