فاتورة الكهرباء.. العلاج بالكي
بعد فترة من التأرجح بين الزيادة واللا زيادة في أسعار الكهرباء، حسمت وزارة الكهرباء والموارد المائية خياراتها بحل توفيقي يفرض زيادات على أصحاب الاستهلاك العالي فيما سيظل الدعم موفوراً وقائماً لأصحاب الدخول المحدودة والضعيفة في مستوى 200 ميقاواط شهرياً وربما يستمر لمئتين أخرى توصل الدعم حتى 400 ميقاواط شهرياً.
بيد أن الخطوة التي تراها الوزارة إلزامية لتدارك الوضع، قد تكون سبباً في تصاعد أنفاس المواطن الذي يرى كثيرون وافر قدرته على الركض لما بعد حاجز الـ 200 ميقاواط شهرياً من دون أن يجد له دعماً في ماراثون الأسعار.
توقيعات
البشير يتعهَّد بمتابعة وثيقة تطوير خدمات الكهرباء
خبر في الصحف
لا مفر من زيادة تعرفة الكهرباء
معتز موسى
وزير الموارد المائية والكهرباء
لولا رفع الدعم لحدث انهيار اقتصادي
علي محمود
وزير المالية الأسبق
(ومَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا “مُوسَى”)؟
ترى وزارة الموارد المائية والكهرباء أن زيادة تعرفة الكهرباء باتت ضرورة ملحّة بدونها يمكن أن ينهار كامل قطاع إنتاج الطاقة في البلاد، ربما أسوة بمملكة سبأ التي انهارت حضارتها التالدة بفعل انهيار سد مأرب. للوزارة مسوغاتها التي تضعها في جند (الموضوعية) لكنها طبقاً لمنظور بعض الأهالي فإن الوزارة لم تجدْ في التنقيب عن البدائل وتلقفت أول حل وقع في يدها.
شجاعة نادرة
لا شك أن وزير الموارد المائية والكهرباء، معتز موسى، يتسم بكثير من الجرأة، وغير قليل من الشجاعة، ليناقش مع رأس الدولة مسألة زيادة تعرفة الكهرباء -وإن كانت ضمن شريحة أصحاب الاستهلاك العالي- في هذا الوقت شديد الحساسية. فمع ارتفاع أصوات الشكوى من الحال المعيشية، تصم الدولة آذانها عن كل ما من شأنه أن يثير حفيظة الأهالي أو يضع على ظهورهم أعباء إضافية، لا سيما في فواتير الخدمات. كما أن المسؤولين أنفسهم يتحاشون عبور تلكم الخطوط الحمراء باعتبار أن هكذا مقترحات لرفع الدعم قد تقود إلى تحرير إقالات فورية بحق أصحابها لا سيما وإن لم يستنفدوا كل الحلول المتاحة وحتى الإبداعية.
بيد أن معتز تجاوز كل تلك الحجب، واستطاع أن يقنع الدولة بضرورات تبني خطة أعدوها في الوزارة كونها وازنت بشدة بين ضرورات ضخ رساميل إضافية في قطاع الكهرباء مع ضمانة استمرار الدعم بالنسبة لمحدودي الدخل.
ملامح الخطة تضمنت تدرجاً في البيع، وسيجري بيع الكهرباء بسعرها الحقيقي (74 قرشا) لمن يفوق استهلاكهم في الغالب 400 كيلواط/ شهرياً، وهذا يعني عملياً أن المستهلكين ما دون ذلك في مقدورهم الاستمتاع بذات الدعم وبذات الكلفة.
طلب عالٍ
يقول معتز موسى، إن الطلب العالي على الكهرباء، والاستهلاك الكبير في أوقات الذروة، وتذبذب الامداد في الوقود، ومشكلات توفير العملة الحرة، ومعضلة الإيفاء باستحقاقات الصناديق العربية والدولية؛ جميعها أسباب إن لم يتم تداركها بسرعة فإن قطاع الكهرباء سيتهاوى بالكلية.
وفي ذلك وجه شبه بما فعله وزير المالية الأسبق علي محمود عبد الرسول، وبلحظة شك كبير عن وجود مقدرات لدى الدولة تخّول لها عبور انفصال الجنوب بآباره النفطية في العام 2011م، خرج عبد الرسول ليقول إنه ما لم ترفع الدولة يدها عملياً من دعم بعض السلع فإن ذلك سيسوق لانهيار الاقتصاد برمته.
محمود في تعاطيه مع الأزمة كان ميالاً لاستخدام لغة عنيفة وخالية من أي روح، ولكن في نهاية المطاف فإن عدداً من الخبراء ذهبوا إلى أن التباطؤ في انفاذ البرنامج الخماسي الذي رسمه الرجل كان يعني انهياراً كاملاً الدولة.
ذات فقه الضرورات يحمل موسى عصاه حالياً، هذا وإن كان يمسك العصا من منتصفها تماماً، منوهاً إلى أن (العلاج بالكي) الذي يهمون بافتراعه قريباً لا يهدف إلى تنمية موارد الوزارة بقدر ما يهدف إلى حثّ الأهالي على ترشيد استخدام الكهرباء بعد الطلب الكبير عليها، وبموجب ذلك تحول سد مروي من تغطية كامل البلاد بطاقة انتاجية 1250 ميقاواط إلى مساهم رئيس فقط في حل مشكلات الكهرباء كون الخرطوم لوحدها تستهلك حالياً 1350 ميقاواط من الكهرباء سنوياً.
تساؤلات
إن من شكوك تداخل الأهالي بشأن خطة موسى، فإنها ناجمة عن تساؤلات عن مدى قدرة الـ 200 كليواط المدعومة في تغطية احتياجات الأسر السودانية في ظل ضرورات استخدام تقانات تتطلب الكهرباء لا سيما لمقابلة الأجواء الحارة ولجذب المياه إلى صنابير البيوت. غير أن وزارة الكهرباء والموارد المائية تقول إنه على صعوبة الأمر فهو ممكن ومتاح.
مقابلة المرحلة الجديدة
قبيل فترة كانت أحاديث زيادة أسعار الكهرباء محل نقاش كبير، ولكن التحول حالياً إلى مناقشة كيفيات الزيادة يعني الانتقال إلى مرحلة جديدة. مرحلة على وزارة الموارد المائية والكهرباء مسايرتها كذلك، حيث لن يرضى مشتركوها الذين يدفعون عن استهلاكهم مقدماً غيبة التيار عن منازلهم ولو لثانية.
زيادة التعرفة لن تغير واقع الكهرباء.
شبكة الكهرباء في السودان متأخرة اكثر من خمس سنوات كان يجب ان يحدث فيها الكثير من المشاريع و التطوير حسب الخطة الخمسية من 2010 اللى 2015 التي هي من ضمن الخطة الربع قرنية من 2005 الى 2030 منها على سبيل المثال لا الحصر: مشروع محطة توليد كهرباء الفولة، محطة توليد كهرباء الباقير، محطة توليد كهرباء بورتسودان و العديد من المحطات التحويلية و مشاريع تحسين شبكة التوزيع.
كل تلك الخطط و المشاريع تم التخلص منها و رميها في الزبالة عند تمكن اسامة عبدالله و شرذمته من البدريين من الهيئة القومية للكهرباء. و الان عند انهيارها و انكشاف المستور للشعب السوداني المسكين يريدون ان يزيدوا التعرفة فقط كي يزيدوا مخصصاتهم و نثريات سفرياتهم المتكررة .
السنة القادمة 2016 ستكون اسوأ بكثير من هذه السنة حيث ان العجز في هذه السنة فاق ال 1000 ميغاوات في رمضان و هذا الرقم يقترب كثيرا من الطاقة التصميمية لسد مروي البالغة 1250 ميغاوات. بمعنى انه حتى لو قام السيد المعتز معتز ببناء سد مروي اخر فلن يستطيع تغطية العجز في التوليد ناهيك عن العجز في شبكات النقل و التوزيع المتهالكة.
الوضع الحالي سيء جدا و قديما قالوا فاقد الشيء لايعطيه. الحل لمعضلة الكهرباء هو ذهاب هؤلاء اللصوص الى من حيث اتوا، منسقيات خدمة وطنية و دبابين و بتاعين امين و مش عارف ايه. و ترك امر الكهرباء لأهل الكهرباء و خبرائها و الذين على الرغم من مغادرة الكثير منهم االى ارجاء المعمورة طلبا للزرق او هربا من واقع هذه المؤسسة المنكوبة ، الا ان حواء السودان ولودة و الهيئة القومية للكهرباء فيها من الخبرات ما يكفي لانعاش هذا القطاع المهم و الحيوي.
اذهبوا يا معتز انت و زمرتك من حيث اتيتم ، اذهبوا فقد فعلتم ما فعلتم و دمرتم ما دمرتم و جمعتم من المال ما يكفيكم.
و كان الله في عون الشعب السوداني