لماذا غاب وزراء الحكومة المركزية عن رحلة الأيام الشاقة
لدارفور صورتان الأولى في وسائط الإعلام القديم التقليدي والحديث حيث حوادث القتل والصراع والخطف والنهب، وهي صورة نمطية في مخيلة المتلقي منذ أن تفجر النزاع في الإقليم في النصف الأول من عام 2003م، مقابل صورة واقعية على الأرض حيث تبدو الحياة طبيعية.. لا معارك عسكرية مع الفصائل المسلحة.. ولا تهديد للمدن.. والطرقات العامة.. والتواصل بين مدن دارفور وقراها.. وحركة تجارية رائجة في الأسواق.. وحكومات تدير شؤون نفسها.. لا صوت ذخيرة في هجعة الليل ولا أثر للتمرد إلا حينما تشاهد مظهر سيارات (اليونميد) تجوب الطرقات بقبعاتها الخضراء.. والمليشيات العسكرية التي تنتهك حرمات الدولة وتجعل من نفسها دولة فوق الدولة.. وحكومة شوكة تحمي الحكومة المعلنة؟؟
غادرت طائرة (الأنتنوف) الروسية الخرطوم صباح (الأحد) الماضي في الطريق لشرق دارفور برفقة الدكتور “التجاني سيسي” رئيس السلطة الإقليمية بدارفور ومساعد رئيس الجمهورية.. نصف الوفد الحكومي قادم من الخرطوم.. والنصف الآخر من الفاشر التي اتخذها “السيسي” في الشهور الأخيرة مقراً دائماً لسلطته، للإشراف على المشروعات التي انتهت المرحلة الأولى منها. جاء “السيسي” إلى “الضعين” بطائرة مروحية خاصة بقوات اليونميد.. مجهزة لأداء المهام الصعبة.. بينما طائرة الوفد القادم من الخرطوم تتبع لشركة الراية الخضراء.. بدت “الضعين” كمدينة خرجت لتوها من تحت رماد الحرب والصراع القبلي.. مدينة “الضعين” التي أصبحت عاصمة لولاية تعتبر أكثر مدن دارفور تخلفاً عمرانياً.. وأكثرها.. ثراءً مادياً.. مدينة تعرضت لمحنة الحرب وداء الانقسام البغيض وتعدد الولاة الذين تم اختيارهم لقيادة دفة سفينة الولاية الغارقة في الأزمات.. لم يمكث اللواء “محمد فضل الله” إلا شهوراً معدودة وغادرها.. لتذهب السلطة لابن (الرزيقات) د.”عبد الحميد موسى كاشا”.. لكن “كاشا” تقدم باستقالته جهراً حينما انتصر لضميره وركل مصالحه الشخصية ورفض أن يصبح مطية لأهله وعشيرته (الرزيقات)، مثل ما كان الخليفة “المهدي” في أخريات عهد بني أمية والذي وجد نفسه مطية لخيلانه الأتراك.. استقال “كاشا” وعين الرئيس أحد قادة الحرس الرئاسي العقيد “الطيب عبد الكريم”.. لكن هو الآخر عجز حتى عن وصف شفاء الولاية المريضة.. دع صرف الدواء المطلوب لتختار السلطة ضابط الأمن السابق.. والسياسي النافذ في المؤتمر الوطني وخطيب المنابر والجامعات المجاهد السابق في كتائب الدفاع الشعبي “أنس عمر” كرصاصة أخيرة تطلقها الإنقاذ لقتل شيطان الحرب في صحراء شمال الولاية بين (الرزيقات) و(المعاليا). واختار “أنس عمر” حتى الأمس منهجاً قريباً من الشدة والغلظة لمواجهة التفلتات الأمنية وفوضى المدن.. وبسط الشورى والعدل بين مكونات الولاية. وقد اتجهت سلطات شرق دارفور لحظر لبس (الكدمول) الذي تغلغل كمظهر ثقافي جاءت به الحركات المتمردة من الأراضي التشادية لإخفاء معالم وجه المجرمين.. و(الكدمول) هو عمامة يستخدمها الطوارق وفي صحراء شمال أفريقيا اتقاء الحر والبرد، ولكن يستخدمها السودانيون الدارفوريون غطاءً للنهب والسلب والقتل.. والهروب من عدالة الأرض وانتظار عدالة السماء التي لا منجاة منها إلا بتوبة ورحمة رب العباد!!
وجدت قرارات “أنس عمر” والي شرق دارفور سنداً ودعماً من الدكتور “التجاني السيسي” رئيس السلطة الإقليمية، والرجل يتحدث لمواطني الضعين في لقاء للنخب والقيادات.. وسط المدينة ويشجب بشدة الصراعات القبلية ويعتبرها مهدداً أمنياً لا لدارفور وحدها.. ولكنها مهدد لوحدة وتراب كل السودان.
وتنبأ د.”السيسي” بانتقال الصراعات القبلية من دارفور وكردفان للسودان الأوسط.. والشمالية وحتى العاصمة الخرطوم، وقبل جفاف مداد حبر المطابع والصحف القومية تنقل حديث د.”السيسي” على استحياء تحقق نبوءة “السيسي” ويصدق في رؤيته وقراءته وتندلع في قلب العاصمة الخرطوم صراعات قبلية وتحرشات بين مجموعات سكانية ظلت لأكثر من مائة عام تعيش في وئام وتبادل مصالح ومنافع دنيوية.. لكن الأمراض تنتقل للأصحاء بغير إرادتهم.
{ أم ضي شمعة في الظلام
شق ركب سيارات مساعد الرئيس الكثبان الرملية لأرض دارفور الشرقية نحو محلية عسلاية.. أولى محطات الرحلة الطويلة في أعماق دارفور.. ورغم الظلام الذي يخيم على شرق دارفور بسبب الصراعات القبلية وضمور مشروعات التنمية وفشل حكومات الولاية المتعاقبة في تقديم شيء.. وقد أعلن د.”السيسي” استعداده لبناء مقر أمانة الحكومة ومجلس الوزراء.. ولكن الوالي قال إن مقر أمانة الحكومة تبرعت به ولاية الخرطوم في عهد واليها السابق د.”عبد الرحمن الخضر” الذي تربطه بالضعين الأشواق ومحبة الناس.. ولم تجد حكومة الولاية مشروعاً تقدمه لـ”لسيسي” لتمويل بنائه إلا السجن.. طلب الوالي من مساعد الرئيس المساهمة في بناء سجن.. وجد د.”السيسي” نفسه في حرج بالغ.. كيف تبني سلطة إقليمية انتقالية جاءت لتعويض الناس ما فاتهم من التنمية والتعليم والصحة سجناً.. فقال د.”السيسي” مخاطباً قيادات الضعين استجابة لطلب الوالي نعلن تبرعنا ببناء سجن الضعين الذي نتمنى أن يكون خالياً من السجناء.. لكن في أطراف مدينة الضعين افتتحت مدرسة أساس الضعين.. ضمن مشروعات السلطة الإقليمية التي أعلن “هاشم حماد” عن اكتمالها في ولاية شرق دارفور. و”هاشم حماد” مفوض الإعمار أقرب مساعدي د.”السيسي” إليه وأكثرهم حيوية ونشاطاً. شاب في مقتبل الصبا.. جاء من قلب معارك التمرد.. كان من العناصر التي أعجب بها “جون قرنق” وتوقع لها شأناً في الغابة والصحراء.. ولكنه عاد بفراسة المساليت وعبقرية النخب ليتولى ملف صندوق الإعمار.. مشروعات السلطة في شرق دارفور مركز شرطة في بحر العرب ومدرسة ثانوية في عديلة ومدرسة أساس في عديلة ووحدة صحية في ياسين وتأهيل مدرسة أساس ببحر العرب وتأهيل ميس ضباط شرطة ببحر العرب، مدرسة ثانوية في ياسين وأساس، وقرية أم ضي التي تكفل بها القطريون بمبلغ (9) ملايين دولار ضمن قرى أخرى (تابت) وما أدراك ما تابت في شمال دارفور بمبلغ (9) ملايين دولار، وإدارات بغرب دارفور بمبلغ (9) ملايين دولار أمريكي.. وقد سعت قطر بمالها لمسح أحزان الذين شردتهم الحرب.
ومنطقة أم ضي التي وصلها ركب د.”التجاني سيسي” في اليوم الأول تعتبر نموذجاً للتعافي المجتمعي والتصالح بعد احتراب وقتل.. وخصام بين مكونات القرية التي لا تبعد عن الضعين إلا بنحو (30) كلم شمالاً.. دخلتها قوات التمرد في سنواته الأولى وبعثرت صف مواطنيها وقسمتهم إلى عرباً وزنوجاً.. ولكن اتفاقية الدوحة جمعتهم تحت ظل المصالح المشتركة وخدمات الصحة والتعليم، وحتى مراكز التأهيل الحرفي للنساء لتعليم الأشغال اليدوية. غادرنا الضعين والشمس تقترب من الغروب والسماء ملبدة بالغيوم، ولكن سحاب هذا الخريف لا يهطل.. وبوادر نقص الغذاء تلوح في الأفق.. ويرفع المزارعون الأيادي للسماء يسألون الله أن يغنيهم بفضله عن (خزائن) الدولة. وقديماً أنشد “البرعي” أيام الجفاف والقحط والمحل أنشودة (أغنينا بفضلك عن عيوش ريجان).
{ “نيالا” وجبهات معارك “السيسي”
أخذت مدينة “نيالا” في التعافي من أمراض الانفلات الأمني والفوضى التي أقعدت حكومة الجنرال “جار النبي” عن أداء وظيفتها، ليأتي المهندس “آدم الفكي” الوالي الجديد بمنهج حكم مختلف.. فرض هيبة الدولة داخل المدينة.. وأعاد الثقة وجددها في القوات المسلحة لمحاربة الفوضى في “نيالا”. من المفارقات أن الجنرال القادم من صلب المؤسسة العسكرية تهزمه فوضى المليشيات، والمهندس السياسي القادم من صلب التنظيم المدني ينجح حتى الآن في القضاء على الظواهر السالبة ويخوض معركة أولى مع النهابين والعصابات تنتهي بهزيمتهم داخل “نيالا” التي عاد إليها الهدوء.. واختفت مظاهر الفوضى.. لا قتل ولا نهب في الطرقات كما كان يحدث من قبل. في فندق (كورال) الواقع في الشارع المؤدي للمطار وبالقرب من مقر جهاز الأمن والمخابرات.. اختار د.”التجاني سيسي محمد أتيم” أن يصوب مدفعيته الخفيفة والثقيلة على ثلاث جبهات، شكلت شغلاً للرجل الصامت كثيراً.. والسياسي الذي يرتدي ثياب القديس.. حليم حد شعور الآخرين بأنه ضعيف متواضع.. وكريم.. لكنه إذا غضب تطاير الشرر من لسانه.
صوب “السيسي” معاركه نحو ثلاث جبهات أولها جبهة دارفور الداخلية حيث أهدرت الإمكانيات والقدرات في الصراعات القبلية التي قال رئيس السلطة، إنها الشيطان الذي يتوجب قتله قبل أن يقتل السودانيين ويمزق أحشاء الوطن.. واتهم أهل دارفور بأنهم مسؤولون عن تمدد الصراع القبلي.. وإهدار موارد البلاد في مؤتمرات الصلح التي أصبح لها سماسرة ووسطاء منتفعون منها. وقال بلهجة صارمة (يا أهل دارفور كفاية مجمجة) وأن اتفاقية الدوحة لجميع أهل الإقليم ولا مبرر بعدها لحمل السلاح.. وبدا “السيسي” حزيناً على مآلات الصراعات القبلية في الإقليم وأثرها على الأمن القومي.. والجبهة الثانية التي صوب “السيسي” حديثه بمرارة عنها هم شركاء الاتفاقية وفرقاء السلطة الانتقالية من مجموعة “بحر إدريس أبو قردة”.. لكن د.”التجاني” تأدب بخلق الخصومة الشريفة، لم يذكر “بحر إدريس أبو قردة” باسمه في كل اللقاءات الجماهيرية واللقاءات التنويرية الخاصة، ولكنه كان يتحدث بغضب مكتوم عن جهات بثت الشائعات عن وجود فساد مالي في السلطة الإقليمية وتوظيف للأموال في غير وجوه صرفها الحقيقية. وهنا تدخل الدكتور “أمين حسن عمر” رئيس مكتب سلام دارفور وتحدث في الندوة السياسية الحاشدة بمدينة نيالا واختار تبرئة “السيسي” من تهم أثيرت في وسائل الإعلام عن أموال السلطة الانتقالية، ووصف د.”أمين حسن عمر” هؤلاء بالجهلاء الذين لا يعلمون أن الأموال تذهب إلى المصارف والشركات التي يتم التعاقد معها، تقدم شهادات إنجازاتها التي تصدر من وزارات التخطيط العمراني بالولايات الدارفورية إلى تلك المصارف لتنال استحقاقاتها، ولا يذهب جنيه واحد لخزينة السلطة الإقليمية. وهنا يقول د.”التجاني سيسي” وجدنا أن الحكومة السابقة المسؤولة عن دارفور ويعني بها عهد “مني أركو مناوي” كانت الأموال تصرف من المالية الاتحادية وتحمل على (الجوالات) ويتم توزيعها على (المريدين) والأصدقاء والأحباب وفق ما يشتهي الذي بيده القلم.. والآن لا مال يوزع على الأحباب.. ولا هبات للأصدقاء.. أموال المشروعات يتم وضعها في بنك أم درمان الذي يقوم بخصم الأرباح والضرائب.. وحينما خصصت الحكومة الاتحادية في العام الأول (800) مليون جنيه.. تسلمنا فعلياً (550) مليون جنيه.. وهذا كتاب المشروعات التي نفذت ليصعد “هاشم حماد” ويقرأ كتاب الإنجاز.. ومشروعات القرى النموذجية.. ويعلن مفوض الإعمار عن حصول السلطة على أموال لتنفيذ أهم مشروع تأهيل طريقه نيالا كاس زالنجي.. وهنا ترتفع الأصوات بالتهليل والتكبير.. وتدوي القاعة الفسيحة بالتصفيق لنحو ألف من القيادات السياسية والتنفيذية من الحضور الذي تقدمه الوالي “آدم الفكي”.. وأعضاء حكومته ومساعده.. مدلل. وكان الوالي السابق “حماد إسماعيل” حضوراً في اللقاء السياسي الذي انقضى في منتصف الليل.. ولكن الجبهة الثالثة التي يخوض د.”السيسي” معركته.. معها.. هي القوى الخارجية التي تتربص بالاتفاقية وتسعى لإجهاضها وبذلك تلتقي أجندتها مع فرقاء حركة التحرير والعدالة التي تحدث بعض قادتها مطالبين حكومة قطر بوقف الدعم لمشروعات التنمية، الشيء الذي أثار غضب قيادات دارفور.. وخاصة في معسكرات النازحين.
وفي اليوم الثاني بولاية جنوب دارفور كانت الرحلة إلى منطقة عمار جديد الواقعة على حافة جبل مرة الشرقية الجنوبية.. سار ركب “السيسي” على الطريق الإسفلتي بنيالا كاس.. لمسافة (70) كلم.. قبل أن تنحرف السيارات شمالاً لمنطقة عمار جديد.. بيد أن البوابات التي مرت بها سيارات ركب “السيسي” والوالي “آدم الفكي” ما بين كل ثلاثة كيلومترات.. هناك بوابة عشوائية عبارة عن عائق في الطريق من اللساتك القديمة وجزع الأشجار.. وعريشة من العشب الجاف يتخذها أحد قادة المليشيات مقراً له لتحصيل رسوم عبور.. ليس بأورنيك (15) الإلكتروني ولا بأورنيك (15) القديم ولا بإيصالات محلية، ولكنها أموال تؤخذ عنوة من سائقي السيارات وتذهب لجيوب حراس البوابات من المليشيات القبلية وبقايا قوات حركات التمرد التي كان ينتظر استيعابها في القوات النظامية، ولكن لم يتم استيعابها.. (تركوها) تأكل من جيوب إنسان دارفور الذي يدفع رسوم عبور الطرق لمليشيات تدعي أنها تحمي الطرق.. ولكن لا تتعرض للقوات النظامية.. وغالب قادة ومنسوبي المليشيات التي تجمع المال الحرام من الطرق من القبائل العربية.. وبدا مظهر الدولة هزيلاً ومثيراً للشفقة وهي تتنازل مكرهة من وظيفتها لصالح هذه المليشيات.
الوالي”آدم الفكي” أعلن الحرب على البوابات من طريق نيالا الفاشر.. وأزال (13) بوابة بقوة السلطة، الشيء الذي جعل المواطنين يحترمون سلطته ويهابونها.. وفي عمار جديد افتتح د.”السيسي” مدرستين.. نفذتها السلطة بمواصفات خاصة أعادت للأذهان تلك المدارس التي شيدها المستعمر الإنجليزي قبيل خروجه من البلاد.. مدارس على الطراز القديم.. الذي يقاوم الرياح والحرارة والبرد القارص.. بالأسمنت والطوب والحجر.
ومشروعات التعليم والصحة التي نفذت حتى اليوم خلال سنوات (السلطة الإقليمية) لم تشهد مثلها ولايات دارفور منذ سلطنة “علي دينار” وحتى اليوم.. وإذا كانت فوضى المليشيات على الطرق و(البوابات) التي تخرب الاقتصاد وتمتص عرق البسطاء تشكل مهدداً حقيقياً للإنسان، فإن د.”التجاني سيسي” وحكومة الإنقاذ تواجه امتحاناً عسيراً في معسكرات النازحين التي يتخذها “عبد الواحد محمد نور” رئيس حركة تحرير السودان (كمناطق) نفوذ ممنوع الاقتراب منها والحديث لأهلها.. ولازم الفشل حكومات دارفور المتعاقبة اختراق الجدار العازل بينها ومواطنيها من النازحين، حتى جاء د.”عبد الحميد موسى كاشا” إلى نيالا وكسر حائط العدالة مثلما هدمت إرادة الوحدة عند الألمان حائط برلين العظيم.. وقد طاف د.”السيسي” في (بليل) على مدرسة ثانوية مختلطة للنازحين بنين وبنات (تغنوا) للوطن وقالوا نحن جند الله جند الوطن.. صحيح أنهم يهتفون (لا لدنيا قد عملنا).. ولكن كانوا قريبين من “السيسي” وبعيدين عن التمرد.. لكن وجود المعسكرات وفشل التعامل معها يعتبر واحدة من السلبيات الكبيرة والتحديات التي تواجه السلطة الإقليمية وحكومات الولايات الجديدة.
{ لماذا الغياب
عجيب أمر الحكومة السودانية.. يكتمل العمل في طريق الإنقاذ الغربي الذي اتخذته بعض القوى كقميص عثمان” ورفعته في سنان البنادق.. واتهمت الحكومة المركزية بعرقلة تنفيذه.. وبسبب هذا الطريق هلكت نفوس وتم خوض معارك، وعندما اكتمل العمل في الطريق.. تباطأت الحكومة في الاحتفال بالطريق حتى اليوم.. والآن تشهد دارفور افتتاح أكبر عدد من المدارس والمراكز الصحية.. ولكن وزراء التربية والتعليم، والصحة، والحكم الاتحادي والداخلية يغيبون عن الافتتاحات الرسمية لمشروعات نفذتها السلطة الإقليمية وأنفقت عليها الحكومة الاتحادية. ومن حق المؤتمر الوطني ووزرائه التباهي بأن ما تشهده دارفور الآن هي إنجازات للشراكة بين “السيسي” و”البشير”، ولكن وزراء الحكومة في الخرطوم آثروا أن (لا تغبر) ملابسهم ناصعة البياض بغبار وتراب زالنجي.. وعمار جديد ومارا و(عوين جرو).. في تخوم دارفور.. بينما حضر د.”أمين حسن عمر” رئيس مكتب سلام دارفور بوعيه بالقضية وإحساسه بالمسؤولية، ولكن لماذا غاب بقية الوزراء. تلك بعض من شذرات قراءة المشهد، وإلى لقاء في الحلقة القادمة من سلسلة (5) أيام في تخوم دارفور.
المجهر السياسي