جرائم وحوادث

القيادي المايوي والإنقاذ محمد أحمد أبو كلابيش يُقلّب صفحات العمر

سوار الدهب “جعلني” أمثُل أمام وزير العدل الحالي بسبب (27) بلاغاً كيدياً

حكومة سوار الدهب دوّنت في مواجهتي (27) بلاغاً ووزير العدل الحالي شطب (23) منها

“المرتزقة” وضعوني في الخانة (23) على قائمة الاغتيالات ونميري تصدّر المرشحين للتصفية

لا أعرف أي دور للترابي في تطبيق الشريعة الإسلامية إبان عهد مايو

الحديث عن استعانة النميري بالأرواح الخفية في إدارة الدولة هراء.. والكرسي الفارغ من نسج الخيال

والدي حلف بالطلاق من نسائه الأربع بأن أترشح لمجلس الشعب ففعلت وكنت ضمن خمسة فائزين من جملة 90 مرشحاً

“”””””””””””””””

حوار معاوية السقا

في هذه السلسلة من الحوارات، نحاول أن نسلط الضوء على الجوانب الخفيَّة في حياة بعض الذين ارتبطوا لدى الذاكرة الجمعية للشعب السوداني بالإشراقات وربما الإخفاقات.

ونسعى من خلال ذلك إلى تتبع سيرة من أسهموا ــ سلبًا أو إيجابًا ــ في حركة المجتمع والسياسة، وبالطبع نهدف إلى تقليب أوراق حياتهم المرتبطة بالجانب العام، دون أن نتطفّل على مخصوصاتهم، حال لم تكن ذات علاقة مباشرة بالشأن العام. دافعنا في كل ذلك أن نعيد كتابة الأحداث والتاريخ، بعد أن تكشّفت الكثير من الحقائق المهمة، حول كثير من الوقائع التي أثرت في المشهد السياسي السوداني.

“”””””””””””””””””

ــ أين كانت نشأة محمد أحمد الطاهر؟

أ – اسمي محمد أحمد الطاهر، ولدت في قرية “ود البديل” وهي مسقط رأس والدتي، وتقع جنوب الخوي ثم انتقلتُ الى المقسم وتدرجت بمراحلي الدراسية بمدرسة الخوي ثم الدلنج، وبعد ذلك تقدمت لمدرسة التجارة الثانوية بالخرطوم وتم قبولي فيها، وكان يزورها ممثلون لمؤسسات مختلفة من البنوك والتعليم والمراجعة للوقوف على أداء الطلاب، واستفسار المعلمين عن مستوياتهم، والأنشطة التي يشاركون فيها حتى يقوموا باستيعاب المميزين وأصحاب الكفاءة والقدرات .

ب- بحسب معلوماتنا فقد بدأت علاقتك مع العمل والوظيفة مبكراً، فكيف كان ذلك؟

بعد تخرجي من الثانوي تقدمت للعمل بشركة الحفريات وتم تعييني بمرتب ضخم في ذلك الوقت. وفي اليوم الثاني لتعييني وصلتني برقية من البلد تفيد برغبة الوالد في عودتي على جناح السرعة، فتقدمت بطلب إجازة مما أثار دهشة واستغراب المدير وكان من “الخواجات”، فقال لي كيف لك أن تطلب الإجازة ولم يمض على تعيينك سوى 48 ساعة، واقترح عليّ أن اعتذر للوالد، فأخبرته بأن ذلك يتنافى مع تقاليدنا، وأنه إذا أصدر الوالد قراراً فيجب التنفيذ دون جدال، فوافق على الإجازة على أن يصرف لي راتب يومين، وإذا عدت ووجدت الوظيفة لا زالت شاغرة أواصل في عملي.

ت – تركت العمل بعد يومين فقط، وكان ذلك مغامرة كبيرة، فماذا كان سبب استدعائك من الوالد؟

تفاجأتُ بعد عودتي الى البلد بأن والدي وضع كل الترتيبات المتعلقة بزواجي، فتم عقد قراني وعدت الى عملي بمدني بولاية الجزيرة، وتم توزيعي كمحاسب بمكتب درويش. وفي هذا المكتب حدث لي موقف جعلني أترك العمل في اليوم التالي مباشرة. فمنذ الوهلة الأولى وجدت على مكتبي عبارة مكتوبة باللغة الانجليزية تفيد بأن عمل اليوم لابد أن يُنجز في ساعته. ومن سؤء حظي حدث فرق يُقدر باثنين (مليم) في وزن القطن وسعره، فجلست مع “الباشكاتب” حتى الثالثة صباحاً حتى نأتي بالموازنة، وخلدتُ بعدها للنوم لأستيقظ في الساعة السادسة لأن الدوام يبدأ في السابعة، فشعرت أن هذه الوظيفة مهلكة فغادرتها بلا رجعة .

ث – ثم ماذا بعد أن فارقت الوظيفة التي تبدو مغرية حينها؟

ثمة أمور كثيرة جعلتني أغادر تلك الوظيفة، أبرزها الضغط النفسي والذهني والمجهود البدني. وبعدها جئت الى الخرطوم وقدمت للبنك الزراعي، وبالفعل تم قبولي، وفي اليوم الثالث لتعييني جاء المدير في زيارة تفقدية فوقف كل من كان في المكتب ما عدا أنا، فتم استدعائي لاستيضاحي عن عدم وقوفي للمدير، فغادرت الوظيفة. والتحقت بالتعليم لأعمل مدرساً، وتم توزيعي بمدرسة بيت المال المتوسطة.

ج – جئت إلى الخرطوم من بيئة كردفان الغنية بالسودانوية السمحة، فهل وجدت صعوبات في التعامل مع البيئة الجديدة؟

جرت الأمور بأفضل ما كنت أتوقعه، ووجدت كل أريحية لأن نظام التعليم في ذلك الوقت كان قومياً، مما يتيح لك فرصة التعرف علي إثنيات مختلفة في الثقافات والطباع، والمزاج فانصهرت هذه الإثنيات في بوتقة واحدة لتشكل إنسان تلك المرحلة.

ح – حينما جاء انقلاب مايو وجدت فيه ضالتك، وانخرطت فيه بحماس كبير، فكيف كان دخولك إلى تشكيل مايو؟

حضر وفد رفيع المستوى إليّ حينما كنت أعمل معلماً بمدينة الدلنج الثانوية، وكان الوفد يتكون من أهلي وعشيرتي وكان معهم الأخ جبر الله فضيلي خمسين، وهو القاضي المقيم، وكان يبدو عليهم أنهم متواعدون وبعد أن قمت بواجب الضيافة رفضوا تناول الطعام، وأكدوا لي أنهم جاءوا لغرض معين وهو أن أترشح في انتخابات مجلس الشعب الثاني، فرفضت الفكرة جملة وتفصيلا وغادر الوفد من حيث أتى.

خ – خابت محاولة الوفد الأهلي في إقناعك بالانسراب إلى حكومة مايو، فماذا حدث بعد ذلك؟

خلال تلك الفترة أظهر أهلي وعشيرتي رغبة كبيرة في أن أترشح لمجس الشعب، ولهذا عادوا في الأسبوع الذي أعقب زيارتهم لي، وكان معهم في هذه المرة والدي الطاهر أبو كلابيش الذي حلف بالطلاق من نسائه الأربع بأن أترشح، وأن لا أرد طلبا لأهلي، وبالفعل ترشحت وفزت من بجانب أربعة من المرشحين من بين 90 مرشحاً ودخلت مجلس الشعب.

د – دخلت إلى مجلس الشعب، نائباً عن أهلك وكانت لك صولات وجولات مشهورة، فكيف ترى أوجه الشبه والاختلاف بين مجلس الشعب والبرلمان الحالي؟

دعني أتحدث معك بوضوح، لأن الإجابة على هذا السؤال تتطلب ذكر بعض المواقف والأحداث، وبموجبها يتم التقييم بالصورة الصحيحة. ففي مايو كان للرئيس نميري لقاء شهري عبر الوسائط الإعلامية، وكان يخصص صندوقاً للبوستة يرسل عبره المواطنون رسائلهم ويقرأها الرئيس بنفسه، وعلى الهواء ومن أشهر الرسائل كتبها أحد المواطنين يقول فيها “إن مجلس الشعب بات يشكل خطرًا على مايو وطالب الرئيس بتحجيم هذا المجلس”. فشكر نميري المواطن على هذه الرسالة وقال قولته الشهيرة رداً على تلك الرسالة: “إن هذا المجلس عيني التي ترى وأذني التي تسمع ولساني الذي ينطق، والله ما أشاروا علي بشيء إلا ونفذته”.. ومعلوم أن مجلس الشعب تسبب في فصل أبو القاسم ومامون عوض أبو زيد.

ذ – ذلك المجلس الذي تمدح أدواره، سكت عن قرارات كارثية قام بها الرئيس جعفر نميري، مثل ترحيل الفلاشا، وقرار الاتجاه إلى الرياضة الجماهيرية؟

ذكرت لك تلك الحادثة للتدليل على أهمية مجلس الشعب، وصدور بعض القرارات المصيرية لا يعني أن المجلس غائب عن المشهد. وشخصياً قدمت مقترحاً بعودة الفرق وإلغاء قرار الرياضة الجماهيرية، وقمت بأخذ توقيع 100 عضو، وفي الكافتريا وجدت بروفسور محمد هاشم عوض وأسعد شيبون وعبد الرحمن عباس، فوقع كل من بروف هاشم وأسعد شيبون.

ر – راقت الفكرة إذاً لشيبون وهاشم، فماذا كان موقف عبد الرحمن عباس؟

رأيت من عبد الرحمن عباس – حينها – موقفًا لم يعجبني، فقد قام بإلقاء الورقة على الأرض، وقال لي هذا دوركم بعد أن فشلتم في الانقلاب العنصري، وكان يقصد انقلاب المقدم حسن حسين الذي ينتمي الى قبيلة الحمر من جانب والدته، فطلبت منه – أي عبد الحرمن عباس – أن يرفع الورقة، وتطور نقاشنا حتى وصل مرحلة الاشتباك بالأيدي. فأرسل لي الأخ الأمين العام للمجلس محمد الحسن محمد الحاج، ليستفسرني عن الأسباب فقلت له (عشان عبد الرحمن يجيك) وقال إنك بتتآمر على أبو القاسم، فأخذت القضية منحى آخر.. المهم أن مقترحي طُرح في الجلسة البرلمانية وتم قبوله وعات الفرق كما كانت.

ز – زعم كثيرون أن الرئيس نميري كان دكتاتوراً وأنه – في بعض الأحيان – يضرب الوزراء والنواب؟

زاد الناس الكثير من “الفبركات”، حول بعض الحوادث والوقائع، وذلك لتصوير النميري في صورة الدكتاتور، وهذا كلام فارغ لأن نميري كان يقدر الوزراء ومعاونيه، وفي عام 1976 كتب خطاباً ومهره بتوقيعه، وطلب من معاونيه عدم ممارسة ثلاثة أشياء: شرب العرق، ولعب الورق، واستباحة الجمال. وقال لهم إن كل من لا يستطيع ترك هذه الامور فلا مكان له في أي منصب، ومن يوافق على الإقلاع عن هذه الأشياء عليه أن يرد كتابة، وهذا الرد يعد قسمًا بينه وبين الرئيس. وقد عمم هذا الخطاب على كل الوزراء والنواب فرد الجميع بأنهم موافقون ما عدا واحد.

س – سارع الكثيرون – حينها – إلى طرح سؤال يبدو مبرراً، مفاده “كيف يطالب نميري الوزراء بترك ما يفعله بنفسه؟

سؤالك منطقي ومشروع، لكن هذا القرار جاء بعد أن أقلع عن الشرب، وهل بعد أن تترك الشيء لا يمكن أن تنهي عنه..! وأنا منذ أن عرفت نميري لم أعرفه يشرب الخمر. وبعد هذا القرار طُرح علينا في البرلمان قرار إيقاف الدعارة، بعد أن أجريت التحوطات اللازمة لهؤلاء المنحرفين ودراسة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية وبعد ذلك أصبح القانون ساريًا على كل من يمارس هذه الأفعال.

ش – شرع نميري في تنفيذ قوانين سبتمبر، التي يرى خصومه السياسيون أنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به؟

شهادتي في هذا الموضوع، تنطلق من معرفة لصيقة، وبناء على هذا أقول إن قرار إيقاف الدعارة، بعد اجراء التحوطات اللازمة للمنحرفين، أعقبتها الخطوة الثانية التي تمثلت في قفل البارات وإراقة الخمر في النيل، وكان ذلك تمهيدًا للشريعة الإسلامية التي يدعي الناس أن الرئيس نميري (قطعها من راسو).

ص – صدرت ردود أفعال متباينة بعدما قال النميري إنه طبّق الشريعة؟

صحيح أن هناك انتقادات كثيرة لتلك الخطوة، لكنها صدرت من الفجرة، وهم وحدهم الذين يقولون مثل هذا الكلام. والسوال هو كيف طُبقت الشريعة الإسلامية، ومن الذي أتى بها، وأجيبك بأنه: “في اجتماع القيادة المركزية تم تقسيم القيادة الى لجان مركزية وتنفيذية، على أن تأتي توصيات هذه الجان وتتكون لها لجنه للدراسة، ومن ثم تُطرح التوصيات في الاجتماع العام، ويتم اتخاذ القرار”.

ض – ضمت التوصيات – بحسب مذكرات الكثيرين – فقرة ليست أساسية تتحدث عن تطبيق الشريعة، لكن يُلاحظ أن نميري تمسك بها؟

ضمت التوصيات هذه الفقرة فعلاً، لكنها لم تكن واضحة، فقال النميري “حتى نوصد باب الحديث أمام المغرضين، يجب أن يكون القرار صادراً منكم، لكي لا يقول الناس إن النميري أتى باثنين في القصر فأملوا عليه هذا القرار”.. وكان يقصد بدرية سليمان والنيل أبو قرون، وقال أنتم أصحاب القرار لذا لابد من توصية واضحة، وبالفعل رُفعت الجلسة، وبعدها جاءت اللجنة بقرار تطبيق الشريعة الإسلامية.

ط – طغى اسم الدكتور حسن الترابي في تلك الفترة على أسماء الكثير من القيادات المايوية المتنفذة، فكيف كان إسهامه في تلك الفترة؟

طوال فترة مايو كان هناك الكثير من رجالاتها المميزين، وصحيح أن الترابي كان مؤثرًا في تلك الفترة لكنني لا أعرف له أي دور في قرار تطبيق الشريعة الإسلامية في حكومة مايو، فالترابي كان النائب العام في ذلك الوقت، والقرار صدر بتوصيات من القيادة المركزية.

ظ – ظهر اسم الترابي وتردد – أيضاً – إبان إعدام محمود محمد طه، وهناك من يرى أن الحادثة كانت نتاجاً لتطبيق قوانين سبتمبر؟

ظل بعض الناس يروّجون لحقائق ومعلومات مغلوطة، وفيها الكثير من التدليس والتخليط، ومعلوم أن إعدام محمود صدر من محكمة العدالة الناجزة وليس بقرار من نميري. وأنا شخصياً – ويشهد على ذلك الكثير من الإخوة الموجودين – بذلت جهداً بجانب الفاتح بشارة وكمال الدين محمد عبد الله، بأن نصل إلى النميري وإقناعه بإلغاء هذا القرار من ناحية عاطفية، لكننا فشلنا ولم نستطع أن نصل إليه.

ع – على ذكر تلك الحادثة، كيف تنظر لإعدام محمود محمد طه؟

ما أعرفه أن حكم الإعدام نُفذ على رؤوس الأشهاد، وأنه طُلب من محمود محمد طه أن ينطق بالشهادة فرفض. وفي ذلك الوقت كان أنصار محمود محمد طه يعتقدون – ومنهم من هو موجود حتى الآن – أن المشنقة لن تستطيع أن تقتل محمود، ولكن بعد تنفيذ حكم الإعدام أعلن بعض أنصاره توبتهم وتخلوا عن الفكر الجمهوري.

غ – غموض كثيف وهالة من الغرائبيات تُضرب على حياة النميري وهناك من يتحدث عن علاقته بالأرواح الخفية وعن كرسي يُشاع أن نميري كان يتركه خالياً في الطائرة؟

غالى كثيرون في سرد بعض الحقائق عن حياة نميري، ومنهم من اختلق “سيناريوهات” من وحي خيالهم، وبعضهم كان يهدف لتمجيده، بينما كان يهدف آخرون من تلك الحكاوى للنيل منه، وعموماً أقول إن هذا سخف وحديث غير مسؤول، وأشهد الله أنه لم يكن هنالك كرسي يتركه نميري خالياً، ليجلس عليه بعض الجن كما يردد كثير من الناس، وشخصياً اجتمعت مع النميري عشرات المرات ولم أشاهد أي شيء من هذا الهراء.

ف – فتحت العصا التي كان يحملها نميري بصورة دائمة، الباب للحديث حول استعانته بالأرواح الخفية؟

في تقديري أن العصا التي يحملها نميري، لا تختلف عن غيرها في شيء، وهي مثل أي عصا عصا يحملها أي مسؤول، وأنا على المستوي الشخصي لا زلت أحمل العصا.. ياعزيزي نميري عسكري وهذه العصا عادة عند كل العساكر.

ق – قيل إن نميري فقد عصاه ليلاً فقامت الانتفاضة نهاراً؟

قلت لك إن هذا كله هراء، والآن أقول لك إن “مايو” كانت تتكون من خمس فئات على رأسها القوات النظامية، وهي من قامت بالانتفاضة وليس الشعب. ومن قاد الانتفاضة وأاذاع البيان هو سوار الدهب وكان وقتها وزيراً للدفاع، فكيف نسميها انتفاضة، وقائدها هو وزير الدفاع.. ألم يذكر سوار الدهب ان المصريين والقطريين كانوا يعملون ضد جعفر نميري فما هذا وإلى ماذا يدل، وسبحان الله لم أر إنساناً يدين نفسه بهذا المستوى. عموماً اخلص الى أن ما حدث لنميري ليس انتفاضة وإنما انقلاب من داخل مايو.

ك – كثيرٌ من الرويات تحدثت عن انقلاب هاشم العطا، فما هي شهادتك في تلك الواقعة؟

كنت – حينها – أعمل بالتدريس وليست لدينا علاقة بالعمل العام ولكنني على قناعة بأن انقلاب هاشم العطا عملية غير منظمة، ولم تدخل فيها الاستخبارات كرد فعل. ولكن ما قام به سوار الدهب كان انقلاباً منظماً.

ل – ليتك حدثتنا عن مرحلة الحكم الإقليمي التي وجدت الترحيب والانتقاد من قطاعات كثيرة؟

لم يكن قرار تقسم السودان الى خمسة أقاليم تجربة عادية، وبدأت بصورة جادة بحكام مكلفين، ثم جاء الحكام وتكونت مؤسساتهم ولحرص الرئيس نميري اختار لكل اقليم قيادات من البرلمان وأرجعهم الى مناطقهم ببرلمان الإقليم، مثلاً ميرغني حسين زاكي الدين وشخصي الضعيف وحسن سعد تم نقلنا الى برلمان منطقتنا في إقليم كردفان، حتى نثري التجربة البرلمانية.

م – ما الذي حدث معك عقب أن أطاحت الانتفاضة بنظام النميري؟

مررتُ بأحداث كثيرة، في الفترة الانتقالية لحكومة سوار الدهب، وتم اعتقالنا وأخذنا الى سجن الأبيض، وحقق معنا أحد تلامذتي في ذلك الوقت، وفتحت لجنة التحقيق في مواجهتي 27 بلاغاً، ومكثت بالسجن حوالي عام، وقدموني للمحاكمة ومن حسن الحظ كان القاضي في مستوى الأخلاقيات القضائية، وأنا سعيد بأن هذا الرجل النقي الآن هو وزير العدل الحالي عوض حسن النور وعندما عُرضت عليه في الجلسة الثانية شطب 23 بلاغاً وتبقت أربعة فقط وتم شطبها لاحقاً، لأنها كانت بلاغات كيدية بلا معنى وتصفية حسابات مع كوادر مايو .

ن – نسب إليك كثيرون بأنك تقدمت بمقترح المصالحة الوطنية في مجلس الشعب؟

نذرت نفسي على تقديم كل ما استطيعه للوطن والمواطن، ومن هذا المنطلق دفعت بالمقترح، وحينها كان نميري بالصين وفي أثناء الجلسة التي كان يرأسها أبو القاسم هاشم، وبعد أن وقع على هذا المقترح أحد عشر عضوًا تم استدعاء أبو القاسم هاشم من الجلسة، وذهب الى المكتب وجلس مع نائب رئيس المجلس محمد صديق طلحة، وتم استدعائي وخرجت من الجلسة، وذهبت الى مكتب الرئيس ووجدت اللواء الباقر وأبو القاسم محمد إبراهيم ووزير الداخلية والأمن عبد الوهاب إبراهيم.

ه – هل وجدت صعوبة في إقناعهم بالمقترح؟

هم استفسروا عن المقترح وماذا أقصد بذلك، فقلت لهم إن بعض الرموز الموجودة في الخارج يتوهمون العداء مع مايو، وحتى لا يُعتقلوا في المطار فلابد من إجازة قانون باسم المصالحة الوطنية، حتى يتسنى لهم العودة الى السودان بموجب هذا القانون، فانفعل أبو القاسم واستجبت لانفعالاته، فتدخل الباقر بحكمته وطالب بالتنسيق بين العمل التنفيذي والتشريعي والسياسي، ولم يكن القصد تعنيف أبو كلابيش وبعد ذلك انتدبت الى جيبوتي بعد استقلالها وبعد عودة نميري من الصين، طالب بأن أقدم مقترحي في مجلس الشعب، فعرف بأنني في جيبوتي فسأل عن الذين وقعوا معي هذا الاقتراح على أن يقوم أحدهم بتقديم الاقتراح.

و – وضعت مقترح المصالحة الوطنية لعودة قادة الأحزاب المعارضة، على طاولة المجلس، مع أن نظام مايو ينظر إليهم على أساس أنهم “مرتزقة”؟

وطنت نفسي – كما قلت لك – على تجاوز الصغائر وخدمة الوطن، ومن هذا المنطلق دفعت بالمقترح، مع أن “المرتزقة” وضعوا اسمي في قائمة الاغتيالات التي كانوا يودون تنفيذها وكان رقمي 23 ونميري في أول القائمة.

ي – يبدو الأمر غريباً ومربكاً، فهل عرفت لماذا ضمنوك قائمة الاغتيالات؟

يسعدني أن سبب وضع اسمي ضمن قائمة الاغتيالات فيه شهادة في حق مايو، فعندما جاء الصادق المهدي لمصالحة نميري وعُيّن في المكتب السياسي ذهبت إلى الصادق برفقة الخال عبد المنعم منصور وسألته عن القائمة فأكدها لي، وقال لي بالحرف الواحد لأنو يا أبو كلابيش نحنا بنقول ما في ديمقراطية وانتو بتثبتوا في البرلمان عكس ذلك، خاصة أن كل جلسات مجلس الشعب كانت تذاع على الهواء مباشرة.

الصيحة

تعليق واحد