محمود الدنعو

على ضفتي المتوسط


صورتان من على ضفتي المتوسط تجسدان الفجوة بين الأغنياء والفقراء في العالم بين الهدر للغذاء الذي يمكن تجنبه، وبين النقص الحاد جراء الكوراث الطبيعية التي ليس للإنسان يد في مواجهتها، ولكن بالتضامن بين من يهدر ومن يفقد، تستطيع البشرية سد هذه الفجوة في قيم التضامن الإنساني.
الصورة، وطبقاً لما تناقلته بصورة واسعة وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين، فقد كشف باحثون تدعمهم المفوضية الأوروبية عن أن الاتحاد الأوروبي يهدر نحو 22 مليون طن من الطعام كل عام، وأن بريطانيا هي الأسوأ على الإطلاق في هذا الصدد. وذكرت الدراسة التي نشرتها دورية (إنفايرمنتال ريسيرش ليترز) المعنية بشؤون البيئة ودرست بيانات ست دول لتحليل الموارد المهدرة في الاتحاد الأوروبي من خلال سوء استخدام المستهلكين للطعام أن نحو 80% من الطعام المهدر (يمكن تفاديه)، وأن بريطانيا هي أكبر المخالفين، وأنها تهدر ما يعادل علبة بقول لكل شخص يوميا، حتى رومانيا التي يقل فيها إهدار الطعام إلى أدنى مستوى، فهي تهدر ما يعادل تفاحة في اليوم.
وقال الباحثون إن توعية المواطنين بقواعد التسوق بحرص ووضع خطة لاستهلاكهم يمكن أن تخفض كمية الطعام المهدرة وتخفض تكاليف المشتريات الغذائية وتحد من تأثير هذا الإهدار على البيئة. وقال دافي فانهام من مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية الذي أشرف على الدراسة «الشيء الجيد هو أن هذا الهدر يمكن تفاديه، وأننا يمكن أن نفعل شيئا بشأنه».
اما الصورة الاخري على النقيض في من الضفة الأخرى للمتوسط،، حيث يكافح مئات الآلاف من الموريتانيين لإطعام أنفسهم بعد أن أصبحوا ضحية لآثار تغير المناخ.
وسيواجه ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي هذا العام، وفقاً لأحدث تقييم أعده التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي المدعوم من قبل الأمم المتحدة. ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يقع ما يقرب من نصف مليون شخص في براثن انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأفاد سوفانتو من برنامج الأغذية العالمي أن نقص التمويل لا يزال يحد من نطاق العمليات، إذ لا تتجاوز نسبة تمويل مشروع برنامج الأغذية العالمي الحالي 32 بالمائة، وهناك حاجة لتوفير 28.1 مليون دولار على الأقل من أجل مواصلة عملياته حتى نهاية ديسمبر، لكن الميزانية الحالية للبرنامج تسمح فقط بتغطية 45 بالمائة من الاحتياجات.
صورتان على ضفتي المتوسط وعلى طرفي نقيض هدر بفعل الإنسان يمكن تفاديه في أوروبا للطعام، ونقص حاد بسبب الظروف الطبيعية، لا يمكن تفاديه في أفريقيا عموما هناك عدة نماذج لنقص الغذاء بعضها بسبب الحرب، كما هو الحال في جنوب السودان، ولكن النموذج في موريتانيا هو النقيض لصورة أوروبا.