عثمان ميرغني

حزب.. بالتي هي أخشن!


مشهد مثير لكنه مهم لكشف الصورة الحقيقية.. أمس في الخرطوم أقيم احتفال لتدشين مشروعات التنمية الممولة من حكومة السودان لدارفور.. يحضره- بالطبع- إضافة إلى الدستوريين، ووجهاء القوم.. دبلوماسيون أجانب..
فجأة تحول الاحتفال إلى ميدان لمعركة مثيرة.. مجموعة اقتحمت الحفل بغرض إيقافه.. والسبب! اعتراضهم على قانونية استمرار السلطة الإقليمية في دارفور.
لا يهم- هنا- إلى أية فئة يميل القانون.. فالصورة التي أمامنا هي منتهى الإمعان في الـ (لا) قانون.. بل- وبكل أسف- تكشف إلى أي مدى الساسة هم هم الساسة.. همهم الأول المناصب والكراسي ولو على جثة الوطن والمواطن.
شعب دارفور تعذب من ويلات الحرب العبثية لحوالى (12) سنة “حسوماً”.. دفع ثمنها من دمه وماله ومستقبله واستقراره.. ولا تزال الحرب تقتات منه.. وبدلاً من أن يكون الهم- الذي لا شاغل معه- مستقبل دارفور، وإعادة الاستقرار.. تتحول المعركة إلى حلبة ملاكمة في منافسة الفوز بالكرسي.
طبعاً لا أصدق أن مثل هذا المشهد- الذي وصفه د. أمين حسن عمر بأنه (فوضوي)- هو من صنيع مجموعة (منفعلة) بصورة عفوية غير مدبرة.. مثل هذه الأعمال تدبر وتحاك وتدفع فيها الأموال.. فيبقى السؤال المهم من يفعل هذا؟ بل من يخطط لمثل هذه الأعمال؟؟.
هل هو مجرد فرد بسيط في موقع ما.. فاعل خير من أجل آخرين نافذين؟، طبعاً لا.. بالمنطق والعقل لا بد أن يكون الفاعل صاحب سلطة ومال.. قادر على الأمر والدفع معاً.. وهنا تكمن المشكلة.
إذا كان هناك في الصفوف الأولى من يفكر بهذا الأسلوب الذي وصفه أمين بأنه (فوضوي) فما الذي يرجوه الناس منه بعد هذا.. ففاقد الشيء لا يعطيه.. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً.. ماذا يرجو شعب دارفور، بل كل شعب السودان مِن مسؤول (غير مسؤول) يدبر ويدير يومياته بمثل هذا الأسلوب؟!.
الحسرة ليست على المشاهد التي تعرض فيها مثل هذه الشواهد الحقيقية لمدى السقوط الذي نعانيه.. بل الحسرة على أن يكون الرجاء في من ليس فيه رجاء.
الحسرة أن شعب دارفور الذي ينتظر المهدي المنتظر ليريحه من جحيم الحرب.. يكتشف أن ميعاد وصوله تأخر لجيل كامل قادم..
حسناً.. ثم ماذا بعد هذا..؟.
صدقوني لا شيء.. فالذين وصفهم أمين حسن عمر بأنهم (فوضويون) لن يضاروا بهذا الوصف مطلقاً.. لن يترتب عليه أية مساءلة أو خسارة.. بل ويا للهول.. أغلب الظن أن (الفوضى) سترفع من صوتهم، وتمنحهم قوة تفاوضية في مواجهة الطرف الآخر.. هم يعلمون جيداً أن الحكومة تُرضي وتُدني إليها من يرفع شعار (بالتي هي أخشن).. وتتجاهل من يصدح (بالتي هي أحسن)..
انتظروا وانظروا.. بعد أيام قلائل ستجدون من وصفهم أمين بـ (الفوضى) وقد ربحوا المعركة!.


تعليق واحد