العرجاء لي مراحها!!
> لماذا التوتر والتشاكس والتغاضب بين الحكومة وحركة الإصلاح الآن؟، فلا تجد صحيفة أو وسيطاً إعلامياً إلا وحوى حمماً من لهب الكلام، فقد جلست «الإصلاح الآن» بجدارة في مقعد المعارضة المناكفة كما كان في السابق المؤتمر الشعبي الذي تحول بقدرة قادر إلى ولي حميم بعد خصومة فاجرة امتدت لسنوات؟
> حركة «الإصلاح الآن» بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين، أطلقت تصريحات نارية خلال اليومين الماضيين على لسان رئيسها ونائبه السيد حسن عثمان رزق، على خلفية توقيف بعض منسوبي الحزب من قبل الشرطة في ندوة بأحد الأسواق، لكن رد الحركة جاء أكبر بكثير من الحدث نفسه، ودعت لمنازلة المؤتمر الوطني والحكومة واللجوء إلى الشارع، وأعلنت تحديها الكامل لغريمها وشمرت عن سواعدها وتأبطت شراً.
> كلنا ضد التوقيف والاعتقالات والتعسف في ملاحقة المعارضين، ولسنا ضد الحركة ولا ننتقد موقفها الداعم لمنسوبيها ودفاعها عنهم، لكن ما جرى لا يستحق كل هذه الغضبة المضرية إلى درجة الوعيد والتهديد، كما لا يمكن ربط هذا الحدث الطارئ بقضية الحوار الوطني والمشاركة فيه، فموقف الحركة من الحوار الوطني معلوم منذ فترة، وممانعتها في المشاركة بررتها من قبل وتقف متصلبة في مكانها.. لكن غير المفهوم هو الجرعة العالية جداً للحنق ودرجة الغليان المرتفعة للدم الجاري في عروقها، فلا بد أن وراءه شيئاً آخر غير التوقيف وأجواء الحوار الوطني.
> تبادل المواقع بين المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن، هو الأمر اللافت هذه الأيام، وهناك تناقض في بعض التصريحات والتقييمات للدكتور غازي وحسن عثمان رزق وأسامة توفيق للواقع الراهن وللمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، كأنهم لم يكونوا من القادة في التنظيمين والكيانين حتى وقت قريب؟ هم جزء من الذي يجري في البلاد ومن مهندسيه، ويعرفون قبل غيرهم كيف تُدار السياسة في البلاد وآلياتها ومكاينزمات صناعة القرار، فليس بالإمكان أفضل مما كان على كل الأحوال، فالمطلوب منهم ليس النقد والشكوى، إنما فكرة بديلة والتأشير إلى طريق ثالث، لأن المولاة ونقيضها لن يجديا فتيلاً.
> يُنتظر من قيادات ذات أبعاد فكرية وسياسية وتجارب طويلة في العمل العام مثل الدكتور غازي وحسن عثمان رزق، أن يقدما أفقاً جديداً بدلاً من لعن ظلام وظلمات المؤتمر الوطني والحكومة، ولهذا السبب يعتقد كثير من المراقبين ومن يتفرجون على اللعبة السياسية، أن الأحزاب والتكوينات التي تنشأ كردة فعل من الأفضل عدم قيامها، لأنها لا ظهراً تبقي ولا أرضاً تقطع، تظل عالية الصوت والجلبة بينما فعلها وأثرها السياسي يتضاءل بقدر ما هي منغمسة في مراراتها ومواجع خصوماتها ملوثة الثياب في وحل الكيد السياسي لإخوان الأمس.
> الساحة السياسية السودانية تحتاج إلى بوابات للخروج والنجاة من أزماتها أكثر من حاجتها لإصلاحيين جدد ليس بمقدورهم بطبيعة ومنطق الأشياء مناطحة صخرة صماء ليوهنوها بقرونهم اللينة!! فهذه البوابات وسترات النجاة لا بد أن تكون خلاصات التجارب والخبرات والقدرات الفكرية والذهنية التي يتمتع بها الدكتور غازي، الذي غاصت أرجله داخل الرمال المتحركة للعمل الحزبي فجعلته يطارد ويناطح بلا جدوى خصوماً متمترسين في حصونهم لا قبل له بعراكهم، لأنهم يلعبون اللعبة بكل ما أوتوا من قوة وما أُتيح لهم من قدرات، ولذا ينتظر من الدكتور غازي وحسن عثمان رزق أن يفكرا في انتهاج سبيل آخر غير العمل الحزبي اليومي لإصلاح ما يمكن إصلاحه، فالأحزاب تموت وتضعف وتبهت وتنفق وتذبل، لكن الأفكار الكبيرة تبقى واقفة وورافة وتنتعش مع الزمن وتثبت واقعيتها ونجاعتها كلما زادت الخيبة وعظمت الأخطاء.
> يا د. غازي وحسن رزق اعرضا عن هذا.. الخصومة والمكايدة حصادها هشيم تذروه الرياح.. سيكر الزمن كرته كما فعل مع المؤتمر الشعبي.. ستجري مياه كثيرة تحت الجسر.. وستجد حركة «الإصلاح الآن» نفسها ذات يوم.. كما العرجاء عادت إلى مراحها!!
ليتك تصمت يا الرزيقي فالتاريخ لا يرحم و خير لك ان تمارس عملك الادراي و تترك الكتابة , فالحكومة لا ينقصها ابواق و مطبلين !! .