محمود الدنعو

اختبارات نتنياهو في الأقصى


بين زيارته إلى لندن والدعوة التي تلقاها بزيارة واشنطون في نوفمبر القادم أراد رئيس وزراء إسرائيل بنجامين نتنياهو اختبار أنه أفلت حقا من دعاوى الاعتقال في لندن، وأن المياه عادت إلى مجاريها مع الحليف الاستراتيجي في البيت الأبيض من خلال إطلاق العنان لجنود الاحتلال العبث بالمقدسات، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى، حيث لا ردود فعل دولية رادعة لهذا العبث، ويسعى نتنياهو – بحسب تصريحاته في لندن – إلى الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وهو والوضع الراهن الموروث من حرب 1967 يجيز للمسلمين الوصول إلى المسجد الأقصى في كل ساعة من ساعات النهار والليل، ولليهود بدخوله في بعض الساعات، لكن لا يجيز لهم الصلاة هناك.
واندلعت مواجهات عنيفة، صباح الأحد، في باحة المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة بين شبان فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية التي قامت للمرة الأولى بطرد الحراس الأردنيين الموجودين في الموقع، قبل ساعات من بدء الاحتفال برأس السنة العبرية.
وتأتي المواجهات مع تصاعد التوتر، إثر إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، الأربعاء، حظر جماعة (المرابطون) التي تضم نساءً ورجالاً، وتتصدى للزوار اليهود في المسجد الأقصى.
ووسط تنديد عربي وإسلامي واسع بهذه الاقتحامات وصمت دولي مثير للريبة، كما هو الحال في مرة تعبث فيها اسرائيل بالمقدسات والأرواح في فلسطين، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي رد الصفعة لفلسطين التي كسبت معركة دبلوماسية مهمة ضد إسرائيل والولايات المتحدة في أروقة الأمم المتحدة هذا الأسبوع بإجازة مشروع قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يسمح برفع العلم الفلسطيني فوق مقار المنظمة الدولية كافة، وهو الأمر الذي يعزز الاعتراف الرمزي بدولة فلسطين، ويمهد الطريق إلى الاعتراف الرسمي قريباً طالما هناك علمٌ يرفرف.
التصعيد الإسرائيلي الراهن يأتي بعد يوم من إعلان واشنطون أن نتانياهو سيزور البيت الأبيض مطلع نوفمبر المقبل، وستكون هذه الزيارة التي لم يحدد تاريخها الدقيق بعد، الأولى لنتنياهو منذ التوقيع في منتصف يوليو الماضي على اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بـ (الخطأ التاريخي).
ويفتح هذا التزامن الباب واسعاً أمام الاحتمالات كافة بما فيها صفقة متبادلة بأن ينازل نتنياهو عن حملة المناهضة للاتفاق النووي الإيراني مقابل صمت دولي متواصل تجاه ما يرتكبه من جرائم في الأقصى.
الاعتداءات المتكررة للأقصى التي يشارك فيها مسؤولون حكوميون، ويباركها رئيس الحكومة الإسرائيلية، تعد خرقاً للقانون الدولي، وعلى المجتمع الدولي – وخصوصا في أوروبا – الذي يتسابق حاليا لإظهار الترحيب باللاجئين الفارين من جحيم الحرب السورية، أن يضغط على نتنياهو لوقف هذا العبث بالمقدسات والأرواح.